الشارع المغاربي – لطفي النجار : حذّر العميد شوقي الطبيب رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في مداخلة له خلال ندوة “تحدّيات الجريمة الانتخابية” يوم الجمعة الفارط من أن “تصبح صناديق الاقتراع في تونس ملكا للوبيات المال الفاسد في الاستحقاقات القادمة في صورة عدم تجاوز الأخطاء التي تمّ ارتكابها في انتخابات 2011 و2014 ”
وأضاف الطبيب أنّ “الإخلالات تتعلّق أساسا بتمويل الحملات الانتخابية والاستعمال غير المشروع لوسائل الإعلام. كما رصدت نفس التقارير تمويلا للمترشّحين عبر الجمعيات إلى جانب وجود موارد غير مصرّح بها وتمويل أجنبي وتدليس تزكيات المواطنين واستعمال وسائل الدولة لفائدة مترشّحين أو قائمات واستعمال دور العبادة من بعض المترشّحين والأحزاب” لافتا إلى أنّ الأخطر من ذلك هو عدم تحرّك السلط الموكول لها إنفاذ القانون في هذه الأخطاء والمخاطر”.
كانت مضامين مداخلة شوقي الطبيب مفزعة ومخيفة نظرا لدقّتها وتكثيف عبارتها وإتيانها على مظاهر الفساد السياسي وخطورته على نزاهة الانتخابات وشفافيتها وتواطىء السلط القائمة معه صمتا وسلبية ظاهرة. رفع العميد صوته عاليا وأشهر ورقة حمراء عشيّة الحملة الانتخابية الرئاسية والتشريعية في وجه الأحزاب المعنية وقياداتها ومترشّحيها وقائماتها، وفي وجه “السلط الموكول لها إنفاذ القانون.
هي ورقة حمراء وناقوس خطر فعلي على المسار الديمقراطي برمّته، إذ لا ديمقراطية والفساد يتمدّد وينتشر في الأرض دون محاسبة رؤوسه التي صارت تطلّ بوقاحة من شرفات الأحزاب الحاكمة في إفلات مستفزّ من العقاب وتحت حماية أصحاب السلطة الذين دأبوا على حماية بعضهم البعض عملا بالمقولة الفلسفية العظيمة “تورّي نورّي” !. لا أمل في ديمقراطية ولا في دولة قانون و مؤسّسات، كما لا أمل أيضا في “صندوق انتخابي” ناصع ونظيف و”كلّ الأحزاب تضمّ فاسدين” كما كشف العميد الذي حرص على أنّه “من الضروري مساءلة المترشّحين حول عدم اعتماد الحوكمة خلال فترات حكمهم (المقصود الائتلاف الحاكم) سواء بالنسبة للرؤساء أو الوزراء السابقين وتجنّب كوارث مثل وفاة الرضّع أو قطع الماء أو التيّار الكهربائي”. أعلنها إذن مباشرة شوقي الطبيب وقالها علنا : هناك مترشّحين فاسدين وهناك أحزاب وقيادات “غارقة للعنكوش” في الجرائم الانتخابية تقتات من المال الفاسد، وتمويل أجنبي وتدليس وتوظيف للدولة وقدراتها البشرية والمادية واستعمال رخيص للإعلام ودور الله التي أذن ألّا يرفع فيها إلّا إسمه …كلّ هذا حادث ويحدث بالتواطىء مع سلطة قائمة وحامية لرؤوس وقيادات داخلها وحولها تورّطت في الفساد المالي وتوغّلت في الإفساد السياسي للتجربة الديمقراطية الوليدة لنجني جميعا معها ما زرعته: 300 عائلة فاسدة بعد أن كانت 7 عائلات فقط قبل الثورة وتبييض 3000 مليار من الملّيمات ممّا أنهك الدولة وأثقل كاهلها…اللّعنة !
افتتاحية اسبوعية”الشارع المغاربي” في عددها الصادر يوم 3 سبتمبر 2019.