الشارع المغاربي- كريمة السعداوي: تؤكد الاحصائيات الرسمية ان تحويلات التونسيين بالخارج أصبحت اول مصدر للنقد الأجنبي وهو ما يخفف بشكل ملحوظ وطأة سداد الدين الخارجي المتزايد باستمرار وذلك تبعا لتعويل السلطات عليه بصفة شبه حصرية لتلبية الحاجيات المختلفة لميزانية الدولة.
وتبين، في هذا الإطار، المعطيات الصادرة نهاية الأسبوع الفارط عن البنك المركزي التونسي ان تحويلات التونسيين بالخارج،بلغت 3493.6 مليون دينار منذ بداية العام الحالي والى حدود يوم 10 جوان المنقضي مقابل 3177.7 مليون دينار قبل سنة لتسجل بذلك ارتفاعا قدره 161.7 مليون دينار. وتغطي، على هذا الأساس، هذه التحويلات نحو40 بالمائة من خدمة الدين الخارجي للسنة الحالية المقدرة في ميزانية 2023 بقيمة8945 مليون دينار.
كما تقدر حسب البيانات الرسمية تحويلات التونسيين بالخارج بأكثر من ثلاثة اضعاف مجموع القروض الخارجية والداخلية المتحصل عليها هذه السنة وذلك حسب أحدث معطيات تنفيذ ميزانية الدولة 2023 المنشورة من قبل وزارة المالية.
واستنادا الى نسق تطور هذه التحويلات، فانه من المنتظر ارتفاعها هذا العام بنسبة 6 بالمائة لتجاوز لأول مرة 10 مليار دينار علما انها قد بلغت مستوى تاريخيا سنة 2021 حيث ناهزت 9.5 مليار دينار.
من جانب اخر، تبرز مذكرة حديثة للبنك الدولي ان تحويلات المهاجرين تعد مصدرا حيويا للدخل بالنسبة لبلدان المنشأ باعتبار دورها في الحد من الفقر وتحسين ظروف عيش الاسر المحرومة مرجعا تحسن حجم تدفقات التحويلات إلى الدول النامية لا سيما في عام 2022 الى عدة عوامل أهمها انحسار جائحة كوفيد-19. ولكن تدهور الاوضاع الاقتصادية وازدياد التضخم في بلدان الاقامة أضعف امكانيات المهاجرين وقلل من فرص حصولهم على الوظائف مما أثر على قدرتهم على الاستمرار في إعالة أسرهم في بلدانهم، وفق مذكرة البنك.
وقدرت المؤسسة المالية الدولية تحويلات المهاجرين الى بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بقيمة 63 مليار دولار في عام 2022، بزيادة نسبتها 2.5 بالمائة عن السنة السابقة علما ان نسبة ارتفاع هذه التحويلات قدرت بنحو 10.5 بالمائة في عام 2021. ويرجع هذا التباطؤ، حسب بيانات البنك الدولي،الى تآكل الأجور الحقيقية في منطقة اليورو بسبب التضخم، على الرغم من أن الطلب على التحويلات المالية في بلدان المنشأ قد ازداد وسط تدهور الظروف المعيشية، وذلك بالخصوص نتيجة الجفاف في المغرب العربي وارتفاع أسعار القمح المستورد.
يذكر انه وعلى الرغم من تحول تحويلات التونسيين بالخارج الى المصدر الاول لمداخيل القطاع الخارجي قبل السياحة والاستثمار الاجنبي والمبادلات التجارية الدولية، فان مستواها يبقى محدودا بسبب توظيف المؤسسات المالية لعمولات كبيرة عليها فضلا عن فرض قيود ادارية على متلقي الاموال وعزوف الجالية التونسية في الخارج على الاستثمار في البلاد سيما من الجيلين الثاني والثالث وتراجع مستوى توظيف اموالها في قطاع البناء واقتناء المساكن بسبب الارتفاع المشط لأسعارها.
*نشر باسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 20 جوان 2023