الشارع المغاربي -كريمة السعداوي:: أصدر المرصد الاجتماعي التونسي الراجع بالنظر للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية الاجتماعية بداية هذا الاسبوع تقريره السنوي حول العنف بعنوان سنة 2020، الذي أبرز تسجيل تطورا كبيرا لمنسوب العنف سيما الإجرامي والخطير منه وذلك في سياق فوضى اقتصادية واجتماعية عارمة واتخاذ العنف اشكالا غير تقليدية باعتبار تسجيل عدة جرائم تتعلق بسرقات متبوعة باعتداءات جسيمة لمجرد الاستيلاء على مبالغ مالية بسيطة او بعض الأغراض غير ذات القيمة يرتكبها مهمشون وطيف كبير ممن اسقطتهم الأوضاع الاقتصادية من حسابات الشغل والعيش في الحد الأدنى من تلبية الحاجيات الأساسية للإنسان.
وعلى امتداد الثلاث سنوات الماضية كانت قضايا العنف تمثل أكثر من ربع القضايا المسجلة، وفق تقرير المرصد. ولكن مما لا شك فيه أن سنة 2020 كانت سنة استثنائية بكل المقاييس لذلك كان العنف المرصود خلالها استثنائيا. إذ تصدر العنف الإجرامي أبرز أنواع العنف المسجلة بتونس للسنة الثانية على التوالي بمعدل سنوي ناهز 59.3%. وحسب الأرقام المسجلة من طرف المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية فإن هذا المعدل السنوي قد ارتفع بنسبة 63.3 %مقارنة بـ 36.3% سنة 2019.
وبالعودة إلى الأرقام الشهرية لسنة 2020 فقد افاد المرصد الاجتماعي ان هذا النوع من العنف يتصدر جميع التقارير على مدار احدى عشرة شهرا (ما عدا شهر جانفي حيث كان العنف الإجرامي في المرتبة الثانية).
وتميزت وتيرة الأرقام الشهرية بتصاعد بارز حيث سجل شهر جانفي أقل نسبة في السنة قدرت بـ 30% من مجموع حالات العنف. لتتخطى نسبة العنف الإجرامي عتبة 82% في الثلاث أشهر الأخيرة من العام ليختتم في شهر ديسمبر بنسبة قاربت 88 %.
لذلك يمكن الجزم ان هذه الظاهرة، استنادا الى التقرير، المتجسدة في البراكاجات والاعتداءات والسرقات وجرائم القتل والتعنيف التي طفت على السطح في الآونة الأخيرة، تزداد خطورة يوما بعد يوم وقد جاء العنف الانفعالي في المرتبة الثانية بنسبة إجمالية قدرها 11.2%. وقد برز هذا النوع من العنف في السداسية الأولى من السنة بنسب تفوق 20 % مع تسجيل المرتبة الأولى بنسبة 38 % في شهر جانفي. يليه العنف الجنسي – من تحرش واغتصاب واعتداءات جنسية – بنسبة 10.1% مقارنة بـ 7.5% سنة 2019. إلا أن نسبة الارتفاع تقدر بـ 34.6%.
وقد مثل الأطفال القصر والنساء أبرز ضحايا شكل العنف هذا متبوعين بالعنف العلائقي والأسري بنسبة 8.1% (مقابل87 % سنة 2019) ثم العنف المؤسساتي بنسبة 4.1 % مع تسجيل نسبة قياسية في شهر جويلية وصلت إلى 22%.
وأوضح تقرير المرصد الاجتماعي التونسي ان العنف التربوي يأتي في المرتبة السادسة بنسبة 3.5% بما هو تهديد وعنف ضد التلاميذ والإطار التربوي وشبه التربوي. ومن الجدير بالذكر أن العنف في شكله التربوي قد سجل نسبا تفوق 20% في شهر جانفي وفيفري قبل أن يتراجع جراء اغلاق المدارس والمعاهد نتيجة إجراء الحجر الصحي المتخذ لمجابهة لفيروس كوفيد 19 والمتزامن انتهاؤه تقريبا مع بداية العطلة الصيفية.
واحتل العنف في شكله الاقتصادي المرتبة السابعة بمعدل 2.5% من مجمل أشكال العنف المرصودة. وقد حقق هذا النوع من العنف أقصى أرقامه أوج الحجر الصحي الشامل في شهر أفريل بنسبة ناهزت 14.5 % ومن أبرز ضحاياه النساء والأطفال وكبار السن. وتظل أكثر فئة مستهدفة هي النساء والأطفال. وبناء على الأرقام المتأتية من وزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن فإن العنف المسلط على المرأة وعلى الطفل قد تضاعف 5 مرات إلى حدود شهر مارس. كما انه وبالرجوع لتصريحات ممثلي الجمعيات التابعة للشأن النسوي والطفولة فإنه قد تضاعف 8 مرات إلى أواخر شهر أفريل. كما ارتفعت نسبة العنف المسلط على الأطفال لتبلغ في شهر أوت 4%.