الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: نشرت يوم الاثنين 12 سبتمبر 2022 مؤسسة “فريدريش إيبرت” تقريرا حول حقوق وحريات الفئات الهشة زمن الازمات الصحية والسياسية في تونس سلط قسم منه الضوء على حقوق المرأة والعنف الاقتصادي الذي تتعرض له.
وابرز التقرير الدولي الذي شاركت في اعداده المنظمة الأورو -متوسطية للحقوق ان الارقام مفزعة بخصوص وضع المرأة على المستوى الاقتصادي وان تونس تحتل المرتبة 144 من أصل 156 دولة من حيث المشاركة الاقتصادية والفرص الممنوحة للمرأة وان 28.1 بالمائة فقط من القوة العاملة النسائية تعمل بشكل فعلي مقابل 75.5 بالمائة للرّجال.
وبلغت وفق التقرير نسبة البطالة لخريجي الجامعات في الثلاثي الثالث من سنة 2020 نحو 40.7 بالمائة للنساء مقابل 17.6 بالمائة للرجال ومعدل شغل النساء المناصب العليا، حسب التقرير، 14.8 بالمائة مقابل 85.2 بالمائة للرجال. كما بين مؤشر ماستركارد لرائدات الاعمال ان نسبة امتلاك النساء مؤسسات سنة 2019 لم تتجاوز 10.9 بالمائة.
وأبرز التقرير انه رغم تسمية امرأة (نجلاء بودن) على رأس الحكومة مازال تقدّم المراة على مستوى المشاركة السياسيّة دون المأمول مشيرا الى ان تونس تحتلّ في هذا المجال المرتبة 69 عالميّا .وكشف ان نسبة الحضور النسائي في البرلمان المجمد بلغت 26.3 بالمائة وان مشاركة المرأة في الحكومات المتعاقبة ظلت ضعيفة بـ6 نساء مقابل 24 رجلا في حكومة الياس الفخفاخ و8 نساء مقابل 28 رجلا في حكومة هشام المشيشي وان الرقم اقتصر على 4 نساء بعد التحوير و10 نساء مقابل 16 رجلا في حكومة نجلاء بودن.
وجرى التأكيد على ضرورة اعتماد السلط التونسية سياسة اقتصادية تهدف إلى تحسين المناخ الاقتصادي في دعم نفاذ النّساء إلى العمل وإلى المناصب العليا وتمتين استقلاليّتهنّ الاقتصاديّة وتيسير نفاذهنّ للقروض المخصّصة لبعث مشاريع ومؤسّسات علاوة على دعم مشاركة المرأة في هياكل الاقتصاد الاجتماعي والتضامني. وحثت مؤسسة “فريدريش إيبرت” على تعيين النساء على راس الهياكل الإدارية وفي الوظائف العليا.
كما شددت على اعتماد تشريع يحمي العاملات الفلاحيات من كافة اشكال الاستغلال والحيف في عملهن وذلك من خلال اجبار المشغلين على دفع اجر متساو للعامل والعاملة مع فرض عقوبات على المخالفين وتبني اجراءات ملموسة لإنفاذ القانون عدد 51 لسنة 2019 المؤرخ في 11 جوان 2019 والمتعلق بنقل العاملات الفلاحيات.
في جانب اخر ووفقا للتقرير السنوي للبنك الدولي حول “المرأة وانشطة الاعمال والقانون 2022” الصادر بداية مارس الفارط فان مؤشر تونس في مجال المساواة في الحقوق الاقتصادية والقانونية جد ضعيف ولا يتجاوز 64.4 نقطة من أصل حد اقصى يساوي 100 نقطة مما يجعلها في المرتبة 14 في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في محور حقوق الشغل بواقع 75 نقطة في حين يناهز رصيد المرأة التونسية 25 من 100 في مجال المساواة في الاجر وهي مرتبة متدنية للغاية حتى على الصعيد الدولي.
وعلى الصعيد القانوني تبقى تونس في مراتب متأخرة في مجال ريادة الاعمال (75 نقطة) والحضانة (40 نقطة) وحق الملكية والتوريث (40 نقطة) والحقوق المرتبطة بالزواج (60 نقطة).
يذكر انه كثيراً ما يتباهى التونسيون بأن للمرأة مكانتها اللائقة في المجتمع، بحكم حصولها على حقوق مهمة منذ الاستقلال لكن الناظر في التشريعات المتعلقة بحقوق المرأة التونسية يقف على حقيقة مفادها أنه مازال هناك الكثير من العمل لتكريس منظومة حقوقية متكاملة تحفظ للمرأة التونسية كرامتها رغم أن ما تحقق يعتبر مكسباً ًفي حد ذاته ومطمحاً لعديد البلدان.
وتعتبر الحقوق الاقتصادية نقطة ضعف منظومة حقوق المرأة في تونس، إذ يعرف البلد فراغاً تشريعياً لافتاً لا يتلاءم مع ما تتعرض له النساء من استغلال وهضم للحقوق في قطاعات عديدة مشغلة لليد العاملة النسوية، على غرار الفلاحة، وصناعة النسيج، والملابس، وغيرها.
ومن بين القطاعات الهشة التي تتعرض فيها المرأة التونسية للاضطهاد وسوء المعاملة وهضم الحقوق، القطاع الفلاحي بشكل خاص حيث اهتمت وسائل الإعلام التونسية كثيراً خلال الأعوام الأخيرة بمعاناة العاملات فيه، سيما مع حوادث المرور المتكررة التي تحصل أثناء نقلهن إلى أماكن العمل في الأراضي الفلاحية. لكن رغم هذا الاهتمام الإعلامي الذي فرضه الواقع المرير، تعتبر الجهود المبذولة من قبل الدولة لحماية هذه الشريحة النسوية المنسية محدودة وغير كافية ولا تلبي حاجاتهن في تحقيق الكرامة وتأمين لقمة العيش في أفضل الظروف.