الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: أعلن مجمع سوناطراك الجزائري بتاريخ 15 مارس 2022 عن إمضاء اتفاقية شراكة مع شركات صينية تم بمقتضاها انشاء “الشركة الجزائرية الصينية للأسمدة” التي يمتلك الطرف الجزائري 56 بالمائة من مجموع أسهمها بينما يمتلك الطرف الصيني 44 بالمائة منها.
ويعتبر قطاع الفسفاط في الجزائر غير متطور مقارنة بتونس والمغرب اللذين يحتلان مراتب متقدمة عالميا في انتاجه وتصديره، ومشتقاته من الأسمدة حيث لم يتجاوز انتاج الفسفاط في الجزائر 1.3 مليون طن سنويا في 2016 وهو رقم محتشم مقارنة بمخزون الجزائر من الفسفاط الذي يقدر بـ 3000 مليون طن . وتشير احصائيات سنة 2021 إلى أن المغرب يحتل المرتبة الثانية عالميا فيما تحتل تونس المرتبة العاشرة عالميا ، وفقا لمذكرة اصدرها المرصد التونسي للاقتصاد.
وتهدف الجزائر عن طريق هذه الشراكة الى النهوض بقطاع انتاج وتحويل الفسفاط في أربع ولايات تقع بشرقها بقدرة انتاجية تقارب 6 ملايين طن سنويا مما سيضع البلاد في صدارة الدول المصدرة للفسفاط وسيمكنها من منافسة البرازيل المصنفة السابعة عالميا بقدرة انتاج تبلغ 5.5 ملايين طن سنويا حسب إحصائيات العام الفارط.
ووقع تخصيص 7 مليارات دولار لتمويل المشروع الذي يهم تطوير واستغلال منجم الفسفاط في ولاية تبسة والتحويل الكيميائي للفسفاط بولاية سوق أهراس وصناعة الأسمدة بولاية سكيكدة الى جانب المنشآت المخصصة المتواجدة بميناء عنابة. كما أفاد رئيس مدير عام مجمع سوناطراك بأن المشروع يشمل أيضا مشاريع بنية تحتية ذات صلة تقدر قيمتها بين 5 و6 مليارات دولار إضافة الى خلق ما يقارب 12 ألف موطن شغل خلال مرحلة الإنجاز وحوالي 6 ألاف موطن شغل مباشر و24 ألف موطن شغل غير مباشر في مرحلة الاستغلال .
وبناء على بيانات المرصد تمثل الاتفاقية الجزائرية – الصينية إطارا واعدا للنهوض بقطاع الفسفاط في الجزائر خاصة مع الاستثمارات الضخمة التي تم رصدها وشمولية المشروع الذي سينهض أيضا بالبنية التحتية لأربعة ولايات جزائرية إضافة الى خلق مواطن الشغل.
على مستوى اخر ومع القفزة التي تشهدها أسعار الفسفاط والأسمدة في الأسواق العالمية منذ بداية سنة 2021 بسبب ارتفاع أسعار الشحن خلال الجائحة الصحية من جهة وتضاعف الطلب بسبب الازمة الروسية الأوكرانية من جهة أخرى، تضاعفت عائدات الفسفاط في المغرب بنسبة 100 بالمائة بين جانفي 2021 وجانفي 2022. ويتواصل هذا الارتفاع خلال السنة الحالية حيث سجلت اسعار الأسمدة ارتفاعا بـ 30 بالمائة خلال الثلاثية الأولى من سنة 2022 بسبب التخوف من تراجع صادرات روسيا التي تناهز 10 بالمائة من الاستهلاك العالمي.
وتمثل هذه الظرفية – بناء على ما توصلت اليه مذكرة المرصد التونسي للاقتصاد – فرصة ذهبية لبلدان المنطقة التي لها قطاع فسفاط متطور وهو ما كان المغرب سبّاقا فيه حيث أعلن رئيس الحكومة المغربي أن بلاده ليست رغم ارتفاع الأسعار العالمية للمحروقات والمواد الأساسية في حاجة الى ميزانية تكميلية باعتبار أن عائدات الفسفاط التي تضاعفت تغطي الحاجات الإضافية للميزانية .
في المقابل، تتواصل ازمة نقص انتاج الفسفاط وتحويله الى اسمدة بتونس بشكل حاد للعام الثالث على التوالي حيث تحولت تونس منذ افريل 2020 الى بلد مورد لهذه المادة الحيوية بشكل خاص من الجزائر وتركيا بعد ان كانت خامس مصدر لها عالميا.
وتمتد المساحات المزروعة على قرابة مليون و250 ألف هكتار وتحتاج إلى قرابة 200 ألف طن من مادة الأمونيتر سنوياً، لكنّ المجمع الكيميائي التونسي يواجه باستمرار صعوبات في توفير الاحتياجات اللازمة للسوق بسبب الإضرابات في انتاج الفسفاط من ناحية، وتدهور وضعة المجمع المالية، من ناحية اخرى. وتلجأ تونس إلى استيراد ما يبلغ 100 ألف طن، أي نحو 50 بالمائة من احتياجات القطاع الفلاحي، وتعمل شبكات الاحتكار على ضخ الجزء الأكبر من هذه الكميات إلى السوق السوداء لتباع بأسعار أعلى كثيراً من الأسعار المدعمة حكومياً.
ويؤكد اتحاد الفلاحين ان كلّ السياسات الفلاحية تصب في خانة واحدة هي تشجيع كارتلات توريد الغذاء على حساب المنتج المحلي. وكشفت بيانات حديثة رسمية لوزارة الفلاحة عن تقلص مساحات الزراعات الكبرى من 1.5 مليون هكتار قابلة للزراعة إلى 1.25 مليون هكتار خلال الموسم الزراعي 2021-2022، إذ تواجه تونس للعام الثالث على التوالي الجفاف ونقص المخزونات المائية في السدود.