الشارع المغاربي-منى الدندان : لم تكن عودة المدير العام للاداءات سامي الزبيدي المُفرج عنه منذ يومين “خافتة” ولم يركُن الرجل سيارته في المأوى كعادته كل يوم للالتحاق بملفاته وبالالتزامات التي يفرضها منصبه المحوري صلب وزارة المالية. الاطار السامي تحول اليوم الجمعة 19 جانفي الى زعيم يقف امام جمهور من كوادر وموظفي واعوان الادارة العامة تجمعوا امام بهو مقر الادارة المذكورة لمساندته، مساندة تخللها مهرجان خطابي لم تمر مضامينه وما جاء فيه من تهديدات ومن معطيات مرور الكرام خاصة انها احتوت على دعوة صريحة للتمرد.
المشهد يتطلب التوقف والتدخل السريع من الحكومة لاحتواء ارهاصات خروج هذا الهيكل عن دوره المنوط بعهدته بسبب احساس منظوريه بكونهم محل استهداف ممن يسمونهم بالعصابات وبالفاسدين وباللوبيات المتنفذة، والاخطر ان الهيكل يتحدث عن معركة ومواجهة كبرى قادمة ويضع الشروط لمواصلة العمل و”تعبئة موارد الدولة”.
فقد دعا احد النقابيين الى توفير الضمانات لاعوان الجباية لتنفيذ القوانين والتوجهات العامة للادارة مشددا على ان لوبيات تحاول النفاذ الى ادارة الاداءات اثر تيقنها من وحدة صفها مطالبا بقية اجهزة الرقابة وخصوصا ادارة المحاسبة العمومية والديوانة الى اليقظة باعتبار ان ” اللوبيات ستحاول اختراقها وضربها”.
ولفت الى ان ما تعرض له المدير العام يُمثل ضربة في الصميم من قبل الدولة للسلك برمّته.
وشدد النقابي مُوجها حديثه لمن اسماهم بالهيئات المستقلة على ان منظوري السلك هم موظفون مدنيون وعلى انه “لا يجوز ايقافهم تعسفيا لانهم لا يمثلون خطرا على المجتمع” متابعا “نحن ابناء الدولة ومدافعون عن مصالحها”.
الى ذلك تطرق النقابي للتهمة التي اوقف من أجلها المدير العام مبينا انه اذا ارادت اطراف لم يسمها التطرق الى “ملف المصوغ والمعادن النفيسة” فإنها “ستجد نفسها حائرة امام كمّ المعلومات وقدرة أعوان ادارة الاداءات على الامساك بها مشيرا الى ان الاعوان “مربوطين بواجب التحفظ”.
وقال “نحن نحترم بقية أجهزة الرقابة.. وخاضعون لسلطة الاشراف.. والمحقق يعلم جيدا ان كل ما قام به الاعوان كان بعلم من وزارة المالية وكان عليهم التحرّي والتريّث قبل ان يزجّوا بنا في معركة كهذه.. صبر لا يتحمله الا الرجال” ، في اشارة الى قضية المصوغ وبالتحديد الى احالة الملف للقضاء من قبل هيئة مكافحة الفساد.
من جهة اخرى وصف احد المتدخّلين في كلمة امام بهو الادارة وبحضور المدير العام ان ايقاف هذا الاخير يخفي في جوهره ” معركة كبرى تتجاوز قضية المصوغ واعداد ملف فارغ ضد مدير الادارة” معتبرا ان ما حصل مع الزبيدي يندرج في اطار “معركة كبرى بين لوبيات الفساد في هرم السلطة وتحديدا في الحكومة” على حد تعبيره .
وتساءل مستنكرا كيف يمكن للحكومة رفع شعار مقاومة الفساد من جهة وتتعمد ضرب رمز إدارة قال انها في صدارة مقاومة الفساد والتهرب والتهريب.
واعتبر المتحدث ان حديث الحكومة عن مقاومة الفساد مجرد شعار لا يطبق على ارض الواقع متهما اياها بافشال الحرب على الفساد واصفا الامر بالمناورة.
وقال ان ايقاف المدير العام يندرج في اطار افشال مساعي محاربة الفساد لافتا الى ان مثل هذا الايقاف يهدف الى ترهيب أعوان الجباية واستخلاص الاداءات حتى يكفّوا عن اداء مهامهم بما سيدفع بالدولة نحو الانهيار وفق قوله .وشدد على ان الاعوان سيواصلون تطبيق القانون والعمل “كجسد واحد” .
ودعا الى مساندة اي” زميل” باعتبار ان السلك يخوض معركة وصفها بالكبرى .
وانتقد تعاطي وزارة المالية مع ايقاف المدير العام للاداءات كاشفا ان لا الوزير رضا شلغوم ولا اياّ من أطراف الوزارة اتصل بخصوص هذا الملف متسائلا “الوزارة التي تعجز عن حماية مديرها العام من ستحمي؟” .
وواصل المتحدث كلامه المُحمل بالاتهامات للحكومة وللوزارة ، معتبرا ان السلك يعيش “مجزرة موجهة لكل الاعوان ” وانها انطلقت منذ اضراب ديسمبر وتخللتها ما اسماه بعملية “ضرب قوت عائلات الاعوان” من خلال الاقتطاع من اجورهم لاكثر من مرّة .
وطالب بسنّ قانون لحماية موظفي وأعوان ادارة الجباية والاستخلاص.
واعلن عن متابعة قضية المدير العام التي لا تزال على ذمّة التحقيق مُتوعّدا بالتمرّد وعدم امضاء اي عون على المحاضر.
ولم تختلف بقية المداخلات التي جاءت تباعا وتواصلت ما يناهز الـ45 دقيقة ، وفيها من نبّه من حدوث عمليات شبيهة يـ”الاختطاف ” بقوله ” الخطر موجود منذ عام 1985.. رانا ما انفيقوش ببعضنا ..الواحد يتهزّ من البيرو وبعد قيّد عليه عمل عملة” .
وطالب بسنّ قانون لتجريم الاعتداء على أعوان الاداءات والاستخلاص تماما مثل ما يُطالب بذلك الامنيون مُشددا على ان من اسماهم بالعصابات تواصل الضعط على الامنيين والديوانة واعوان الجباية الماسكين بالحرب على الفساد .
وقبل انطلاق المداخلات كانت للمدير العام سفيان الزبيدي كلمة مقتضبة قال فيها بعد تلقيه التهاني من حشد من زملائه بمناسبة الافراج عنه ” طلبوا من بعد 10 ايام في السجن ان اركن للراحة.. لكنني رفضت وعدت الى عائلتي الكبرى” مضيفا بنبرة خافتة ” انا معتز وفخور بانتمائي لهذه العائلة .. أشكركم على التضامن” .
يشار الى ان الناطق الرسمي باسم القطب القضائي الاقتصادي والمالي، كان قد كشف ان قاضي التحقيق الأول بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي أصدر بتاريخ 8 جانفي الجاري بطاقة إيداع بالسجن ضد المدير العام للأداءات (تابعة لوزارة المالية) من أجل جرائم تتعلق بفساد مالي واداري، حسب مقتضيات الفصلين 96 و99 من المجلة الجزائية.
وأضاف السليطي، وفق ما نقلت عنه وكالة تونس إفريقيا للأنباء، أن قاضي التحقيق أصدر أيضا بعد استكمال الأبحاث التي تواصلت لمدة شهر ونصف بطاقتي ايداع بالسجن ضد موظفين هما المدير العام المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية (وزارة التنمية والاستثمار والتعاون الدولي) ومدير سابق بمكتب مراقبة الأداءات بسوسة (وزارة المالية).
ويوصف مدير عام الرقابة الجبائية بأحد أهم اطارات الوزارة وأكثرهم نفوذا بل بـ”الرجل الأقوى” صلب الوزارة خاصة انه يمسك بملف الجباية.
https://www.facebook.com/470445359807850/videos/775266719325711/