الشارع المغاربي -كريمة السعداوي: أعلن المجمع الكيميائي التونسي الأسبوع الفارط عن اجراء مناظرة خارجية جهوية بقابس وقفصة وصفاقس والصخيرة واخرى وطنية بالمقر الاجتماعي بتونس لانتداب 1602 عون تنفيذ وتسيير في 39 اختصاص بما يشمل منظفات وحجاب وعمال يدويين وراقنين واداريين ومحاسبين وموزعي بريد وسواق وكهربائيين ولحامين وما الى ذلك من “اختصاصات” متنوعة. غير ان المثير للانتباه ان نسبة المنتدبين تشكل 28 بالمائة من اجمالي عدد مستخدمي المجمع وموظفيه والمقدر بنحو 5825 عونا حسب تقرير محين أصدرته وزارة المالية مما يعني ان الانتداب لا يخضع لاي منطق اقتصادي وانه سياسي بامتياز جاء بالأساس إثر مجلس وزاري انعقد بخصوص تنمية جهة قفصة وانه يدخل بالخصوص في إطار ترضيات نقابية وعروشية وحزبية.
ويطالب أعوان المجمع الكيميائي التونسي منذ مدة بإعادة هيكلة المجمع وانقاذه من براثن الانهيار التام بحكم تسجيله وفق بيانات تقرير وزارة المالية، خسائر بقيمة 100 مليون دينار نهاية 2018 بما يعني أنه استهلك رأس ماله خمس مرات وهو الذي يناهز 497 مليون دينار في حين وصلت ديونه إلى 1231 مليون دينار منها 530 مليون دينار ديون للبنوك. كما يساوي حجم الأجور 268 مليون دينار تطورت خلال الفترة 2016 – 2018 بنسبة 14 بالمائة رغم الأزمة الخانقة للمؤسسة ليصل معدل الأجر الشهري الخام لكل موظف إلى 3816 دينار. وباعتبار تجاوز الديون مرتين ونصف رأس المال، فان المجمع الكيميائي التونسي هو مجمع مفلس، حسب مقتضيات قانون الإجراءات الجماعية.
ويرتبط مسار سقوط المجمع الكيميائي التونسي بإجباره على احداث شركة فرعية للبستنة تشغل موظفين جلهم ان لم يكونوا كلهم وهميين يصل عددهم الى 7000 مستخدم مسجلين على قائمات الرواتب وتأزم وضع شركة فسفاط قفصة وقطع امدادات تزويده والانتهازية العامة لضرب التوازنات المالية للشركة من خلال فتح باب المناظرات المتتالية على مصراعيه وهو ما أدى لارتفاع عدد عمال شركة الفسفاط والمجمع الكيميائي من قرابة 9 آلاف عام 2010 إلى حوالي 30 ألفا حاليًا.
يذكر ان رئيس الحكومة هشام المشيشي كان قد أشرف يوم 24 نوفمبر 2020 على مجلس وزاري مضيق خصص للنظر في ملف التنمية بولاية قفصة. وأقرّ المجلس جملة من الإجراءات لفائدة الولاية تتعلق بعدة مجالات منها التشغيل وذلك عبر انتداب 579 عون تنفيذ بشركة فسفاط قفصة قبل موفى السداسي الأول من سنة 2021، وتكوين 1500 منتفع لمدة سنتين للانتداب بشركة فسفاط قفصة على مرحلتين : 750 سنة 2021 و750 سنة 2023، والاذن لوزارة الصناعة والطاقة والمناجم بانتداب 1602 عون بالمجمع الكيميائي التونسي الى جانب تنقيح النظام الأساسي لشركات البيئة والغراسة والبستنة قصد الانفتاح على أنشطة اقتصادية أخرى – وهي التي لا تعمل أصلا – وتوفير الصفقات في إطار التفاوض المباشر بما يسمح بخلق مواطن شغل جديدة.
وفي ذات السياق، تبرز البيانات الإحصائية الرسمية انخفاض صادرات الفسفاط ومشتقاته في شهر فيفري الماضي بحوالي 29.4 بالمائة مقابل ازدياد التوريد بزهاء 47 بالمائة بالرجوع لنفس الفترة من عام 2019 علما أن الأقاليم المنتجة للفسفاط في قفصة معطلة بشكل شبه كامل وهو ما يحول دون تزويد المجمع الكيميائي بالمواد الأولية سيما انه انهى العام المنقضي بإنتاج اجمالي لا يتجاوز 1.8 مليون طن بما يعادل ربع طاقته الإنتاجية العادية.