الشارع المغاربي-كريمة السعداوي:ابرزت المعطيات الصادرة بداية هذا الاسبوع عن المعهد الوطني للإحصاء توسع عجز الميزان التجاري الى 13.7 مليار دينار نهاية جويلية الفارط نتيجة ارتفاع كلفة توريد المواد الاساسية والمحروقات أساسا.
وتبرز البيانات الاحصائية، في جانب اخر، تسجيل زيادة قياسية في واردات مواد الاستهلاك التي ناهزت قيمتها خلال الاشهر السبعة الاولى من العام الحالي 9632.1 مليون دينار مقابل 8495.4 مليون دينار خلال نفس الفترة من سنة 2021 وهو ما يعني تسجيل زيادة قيمتها 1036.7 مليون دينار اي ما يعادل تطورا بنسبة 13.4 بالمائة.
و حسب معطيات المعهد الوطني للإحصاء تتعلق واردات مواد الاستهلاك بمنتجات مختلفة متأتية اساسا من الصين وتركيا والجزائر واغلبها غير مطابق لمعايير التوريد التونسية وتتمثل بالخصوص في الاقمشة والملابس (1559 مليون دينار) والاحذية (308 ملايين دينار) والبلاستيك (3111 مليون دينار) والزيوت الروحية والصابون (420 مليون دينار) والجلود والاحذية (643 مليون دينار).
ورغم الارتفاع القياسي لواردات مواد الاستهلاك واغلبها من الكماليات وتجاوزها بأكثر من الضعف واردات مواد التجهيز (5650.2 مليون دينار) وانهاكها احتياطي البلاد من النقد الاجنبي الذي يشهد تراجعا متواصلا لا تبدي وزارة التجارة اي استعداد للحد من نزيف التوريد العشوائي ومراجعة اتفاقيات التبادل “الحر” مع عدد من البلدان التي تتأتى منها الواردات الاستهلاكية بكثافة واهمها تركيا.
وكان محافظ البنك المركزي مروان العباسي قد شدد على هامش مشاركته في فعاليات الدورة السادسة لقمة تونس الرقمية المنعقدة في 22 جوان المنقضي على أن المالية العمومية واجهت الأزمة الصحية والآن الأزمة الروسية الأوكرانية. وأكد بالمناسبة أن المالية العمومية تتعامل مع هذه الظروف وأنه يتم إيجاد طرق لتوفير السيولة رغم الوضعية الصعبة التي تعيشها تونس.
وطالب العباسي بضرورة أن نتفهم أن أزمة التضخم عالمية وان ضوابط السوق والعرض والطلب تتحكم فيها، قائلا “لازمنا نردو بالنا ونرشّد الاستهلاك خاصة في ما يتعلق بالمواد الموردة بالعملة الصعبة”.
يذكر ان رئيس الجمهورية، قيس سعيّد كان قد دعا بدوره إلى التقشّف وترشيد النفقات العمومية والواردات والتشجيع على استهلاك المنتوجات التونسية إذ قال خلال إشرافه اواخر اكتوبر الفارط على اجتماع لمجلس الوزراء، ” نستطيع أن نتقشف لأننا في معركة تحرير وطني وكنت أتحدث مع رئيسة الحكومة عن السيارات التي يتم توريدها بمئات الملايين فضلا عن المواد التي لا نحتاجها”.
كما تطرّق سعيد إلى مسألة العدالة الجبائية في قانون المالية التكميلي لسنة 2021، وفي مشروع قانون المالية لسنة 2022. وأكد على ضرورة مواصلة بذل الجهود للتصدّي لكلّ المحتكرين والمضاربين. غير ان الارادة الحقيقية للتقشف ووضع خطط عمل واضحة للحد من توريد الكماليات تبقى غائبة في ظل تحقيق الموردين أرباحا قياسية على حساب الصناعة الوطنية ومقومات الاقتصاد الوطني الاساسية وهي التشغيل وخلق القيمة المضافة المستدامة بما يضمن دعم التنمية ودفع الاستثمار.