الشارع المغاربي- نقل منى الحرزي : صادقت لجنة المالية بمجلس نواب الشعب على خروج تونس الى السوق المالية العالمية للحصول على قرض بقيمة 1000 مليون دولار سيخصص لتعبئة موارد ميزانية الدولة.
وتعليقا على خروج تونس المرتقب للسوق المالية العالمية أكد الخبير الإقتصادي عز الدين سعيدان ان هذا الخروج يُعتبر “مجازفة كبرى” مُذكرا بأن قرار التوجه للسوق المالية العالمية يتطلب التأكد من ان المبلغ المطلوب متوفر الى جانب وجود ” من يقرضنا بشروط معقولة “.
واوضح الخبير في تصريح لـ “الشارع المغاربي ” اليوم الاربعاء 24 جانفي 2018 أن خدمة الدين العمومي لسنة 2018 تبلغ 8.5 مليار دينار وان القروض المبرمجة لنفس السنة تقدر بـ9.5 مليار دينار مُستخلصا ان الدولة وصلت الى وضعية الاقتراض لخلاص القروض فيما يفترض ان تُوجه القروض للتنمية مشددا في سياق متصل على ان الخروج للسوق المالية العالمية سيكون مصحوبا بضرورة الكشف عن الوضعين الاقتصادي والمالي بالبلاد والمؤشرات المتعلقة بهما .
وتابع المتحدث ان المؤشرات التي يطلبها المانحون تتمثل في :
المؤشر الأول : نسبة النمو التي وان عرفت تحسنا ببلوغها 2 % بعدما كانت 1 %، يقابلها تدهور كبير في مؤشر الدين العمومي يتسجيل المديونية نسبة 70 في المائة من الناتج الداخلي الاجمالي وبخدمة دين تُقدر بـ 8.5 مليار دينار.
المؤشر الثاني : ارتفاع نسبة التضخم لتصل الى 6.4 بالمائة سنة 2017 وفق احصائيات المعهد الوطني للاحصاء.
المؤشر الثالث :عجز الميزان التجاري الذي وصل إلى مستوى غير مسبوق في تاريخ الجمهورية ببلوغه 15.6 مليار دينار سنة 2017 سيسدد بالعملة الاجنبية بينما يفترض الا يتجاوز 3 في المائة من الناتج الداخلي الاجمالي واذا بلغ 3 % تشتعل الاضواء الحمراء ويتم الاقرار بان الاوضاع خطيرة ولابد من اصلاحها .ولاول مرة تتجاوز تونس الرقمين بما يعني انها تعدت بقليل حاجز الـ10 % “.
المؤشر الرابع: مخزون البلاد التونسية من العملة الاجنبية الذي هو الان في مستوى 89 يوم توريد بينما الخط الاحمر هو 90 يوما .
وأكد سعيدان انه استنادا لهذه المؤشرات يُعتبر الخروج إلى السوق المالية الدوليّة مجازفة كبرى لأن هناك امكانية ألا تجد الحكومة المبلغ المطلوب مُذكرا بانه سبق للحكومة خلال نفس الفترة من السنة المنقضية الخروج للسوق لاقتراض مليار أورو ولم تحصل الا على 850 مليون اورو معتبرا ان ذلك “سيء جدا “.
ورجح امكانية الحصول على المبلغ المطلوب كاملا لكن بشروط مُجحفة ونسبة فائدة عالية جدا،وفق توصيفه.
وانتقد المتجدث تواصل تعبئة موارد الدولة من الزيادات في الضرائب والأسعار ومن التداين الأجنبي مشيرا الى ان هذه السياسة خطيرة جدا باعتبارها تتسبب في تداين مشط وفي مزيد انهيار قيمة الدينار وانخرام كل التوازنات.
وأكد أن أول سؤال يطرحه المستثمرون عند دخول تونس الى السوق المالية العالمية هو تصنيفاتها من قبل المؤسسات الدولية المختصة مذكرا بان “تصنيفنا سيئ” .
وأوضح أن تونس اقترضت في اخر عمليّة خروج للسوق المالية العالمية بهامش 6 % التي قال انها نسبة تعتبر عالية جدا جدا لافتا الى ان تونس تحصلت خلال اخر عملية خروج قبل الثورة على قرض بهامش لم يتجاوز عتبة الـ 0.18 % بما يمثل 3 ارباع نقطة .
في نفس السياق ابرز عز الدين سعيدان أن جل القروض التي تحصلت عليها تونس منذ الثورة الى الان تُسدد دفعة واحدة قائلا” يعني سنويا نقوم بسداد الفائض ..اي اذا تمكنا من الحصول على القرض على 10 سنوات يُسدد القرض الرئيسي سنة 2028″.
وتابع “تونس ستدفع سنويا الهامش فيما يُسدد القرض الرئيسي عند انتهاء مدة التسديد كاملا ..واذا تحصلنا على قرض بهامش 6 % سيكون سعر الفائدة العالمي 7.5 % اي بقيمة 500 الف دولار سنويا”.
وأكد أن القرض الرئيسي سيسدد في سنة 2028 متسائلا : وفي 2028 من سيكون في السلطة ؟ ….يعني الذي يقترض اليوم وينفق هذه الاموال ليس هو المسؤول عن تسديد القروض في المستقبل وهذا له معنى سياسي كبير جدا يجب ان نتساءل عنه ولجنة المالية التي صادقت على هذا هل تعي ذلك ومسؤولتها عن هذا القرار”؟
الى ذلك استبعد الخبير سعيدان صرف صندوق النقد الدولي القسط الثالث من قرض 2.9 مليار دولار مبينا ان هذا القسط كان مبرمجا لماي 2017 ثم تأخر صرفه الى شهر اكتوبر بفعل تأخير سحب القسط الثاني موضحا أن مجلس ادارة النقد الدولي سيجتمع في فيفري في وقت لا توجد فيه اية مؤشرات على اعتزامه صرف القسط الثالث .
ولاحظ ان الصندوق تبرأ من مسؤوليته عن الاحتقان الاجتماعي الذي تجلى في الإحتجاجات الأخيرة التي شهدتها البلاد واكد أنه لم يطلب شيئا وأن الدولة التونسية التزمت بتعهدات وانه طالبها بتطبيقها .
وأكد أن فرضية عدم تمكين تونس من القسط الثالث ستضعها في موقف ضعيف جدا عند دخولها إلى السوق المالية العالمية.
وأشار الى غياب اليات التحكم في موارد الدولة وتاخر انطلاق تنفيذ اصلاحات اقتصادية تُمكن من التقليص في نفقات الدولة بما يسمح بخفض حاجتها للتداين .
واعتبر ان الحكومة لا تبحث عن المعالجة الاقتصادية وتلجأ الى مزيد التداين عوض محاربة الاقتصاد الموزاي الذي أضر بالاقتصاد الوطني .