الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: من المنتظر ان تتباين آفاق النمو الاقتصادي خلال العامين المقبلين بين الاقتصادات العربية، وذلك وفقا لتقديرات تقرير صندوق النقد العربي حول “افاق الاقتصاد العربي” الصادر اليوم الجمعة 2 جوان 2023، حيث يتحدد اثر التطورات الاقتصادية العالمية على الدول العربية بالخصوص بناء على بنية مداخيل اقتصاداتها في ظل استفادة الدول العربية المُصدرة للنفط (التي تسهم بنحو 70 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لمجموعة الدول العربية بالأسعار الثابتة)، مقابل مجابهة عدد من الدول العربية (بشكل خاص الدول المستوردة للنفط) تحديات تتعلق بارتفاع مستويات العجز المالي داخليا وخارجيا وبمحدودية مستويات قدرتها على تعزيز الإنفاق الداعم للنمو مقارنة بالدول المصدرة للنفط.
وحسب بيانات التقرير، فإن التراجع الذي شهدته أسعار السلع الأساسية خلال الأشهر الماضية يمثل تطوراً إيجابياً لعدد من الدول العربية التي تأثرت من ارتفاعها خلال الفترة الماضية، حيث أدى الارتفاع إلى زيادة فاتورة الاستيراد لهذه الدول مما أثر على ميزان المدفوعات بصورة سلبية وساهم في الضغط على احتياطيات هذه الدول من العملة الأجنبية، وفي بعض الأحيان ساهم ذلك في انخفاض سعر الصرف.
كما أنه لم يكن بامكان بعض الدول عكس كامل الارتفاع في أسعار السلع الأساسية (بالأخص الطاقة والغذاء) على المواطنين لحماية الفئات الهشة وكبح حجام التضخم إلا أن ذلك أدى إلى تحمل الموازنة العامة كلفة دعم كبيرة أثرت على حجم العجز المالي ومستوى المديونية وكلفة الاقتراض وخدمة الدين.
ويتوقع صندوق النقد العربي تراجع معدل نمو الاقتصادات العربية في عام 2023 مقارنة بعام 2022 بحوالي 2.2 نقاط مئوية ليسجل نحو 3.4 بالمائة، مقابل 5.6 بالمائة عام 2022. كما يتوقع تحسن وتيرة النمو الاقتصادي للدول العربية عام 2024 لتسجل نحو 4.0 بالمائة، وهو تحسن يمكن إرجاع أسبابه لتوقعات استقرار أسعار النفط وأسعار السلع الأساسية، وتعافي الطلب الخارجي مع تحسن النمو العالمي، وكذلك انخفاض أسعار الفائدة.
وعلى غرار بقية دول العالم، يتوقع كذلك أن يشهد عام 2023 تراجع معدلات التضخم في الدول العربية مع بقائها مرتفعةً نسبياً نتيجة الضغوط التضخمية الناجمة عن التطورات الاقتصادية العالمية، بشكل خاص أسعار الطاقة (النفط والغاز) والغذاء، إضافة الى أثر الضغوط الذي يتعرض له سعر صرف العملة المحلية في بعض الدول العربية، وكذلك تأثير عوامل تضخمية أخرى تختلف من دولة عربية لأخرى كالتطورات الداخلية في بعض الدول، وقد ساهمت في الحد من أثر تلك الضغوط التضخمية المذكورة الإجراءات والتدابير الاستباقية التي قامت باتخاذها العديد من الدول العربية.
وكمحصلة للتطورات المذكورة، من المتوقع أن يبلغ معدل التضخم للدول العربية بعد استثناء الدول التي تواجه ضغوطاً تضخمية كبيرة ما نسبته 6.8 بالمائة في عام 2023، وما نسبته 6.3 بالمائة في عام 2024.