الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: تكشف مختلف الاسعار المشهرة في السوق المركزية بتونس العاصمة منذ مدة ارتفاعا غير مسبوق، باعتبار ان هذه السوق تعد احدى أكبر اسواق الجمهورية واهمها بحكم النسبة الهامة لمرتاديها من كافة انحاء اقليم تونس الكبرى الذي يقطنه 27.2 بالمائة من سكان البلاد. ويتطلب معدل استهلاك اسرة متوسطة الدخل تتكون من 4 أفراد من المواد الغذائية الحساسة دون اعتبار أية كماليات ، حسب المعايير الاستهلاكية والصحية المتعارف عليها، إنفاق مبالغ مهمة أسبوعيا سيما خلال شهر رمضان بما يتجاوز الأجر الأدنى المضمون بنسبة ملحوظة.
ووفقا للمعايير الاستهلاكية، فإن المواد الحساسة المشار إليها تتمثل في خضر وغلال ولحوم واسماك وعجين غذائي ومواد غذائية مختلفة تدخل في طهي أطباق يومية وشربة وسلاطة. من جهة اخرى، وحسب تقرير لمنظمة الدفاع عن المستهلك صدر مؤخرا، تقدر المصاريف الإضافية للعائلة في رمضان في المعدل بـ 713 دينارا، كما ان نسبة ارتفاع مصاريف التونسيين في رمضان يبلغ 88 بالمائة وفقا للجمعية التونسية للاقتصاديين.
ويتجه الإنفاق الرمضاني نحو الغذاء بنسبة 41 بالمائة والملابس بـ 22 بالمائة ثم المطاعم والمقاهي بنسبة 15 بالمائة، كما تخصص نسبة 12 بالمائة لتقديم الهدايا.
وتعاني ثلث العائلات التونسية من التداين المفرط بواقع 24 ألف مليار منها 5 آلاف مليار في شكل تغطية حسابات مدينة بمعنى “الروج” وهو ما يلتهم 40 بالمائة من مداخليها. ولا تتوفر أية معلومة احصائية موثوقة حول اشكال تداين ثلثي العائلات في البلاد نظرا لأنها لا تملك حسابات بنكية وهي مقصاة بالكامل من النظام المالي المهيكل.
وبناء على مؤشرات الديوان الوطني للتجارة ووزارة الفلاحة يزداد استهلاك العائلة التونسية طيلة شهر رمضان في المعدل بنسبة 31 بالمائة اذ تستهلك العائلة التونسية في شهر رمضان 133 بيضة مقابل 69 بيضة في بقية أشهر العام ويرتفع استهلاكها من الزيت النباتي من 11 إلى 16 لترا ومن خبز الباقات من 123 إلى 217 قطعة ومن الخبز الكبير من 232 إلى 435 قطعة. كما يزداد استهلاك الفرد الواحد من الدواجن من 3 إلى 5 كلغ ومن اللحوم الحمراء من 2 إلى 3 كلغ ويتطور استهلاك الحليب المعلب والمروج بالتفصيل ومشتقاته بنسبة 120 بالمائة.
وفي جانب اخر، يتطور استهلاك البطاطا في شهر رمضان إلى 16700 ألف طن ومن الأرز 3500 طن ومن السكر 7 آلاف طن ومن القهوة 280 طنا ومن الشاي 232 طنا.
يذكر أن عديد المؤشرات تحيل الى ان شهر رمضان لهذا العام سيكون صعبا على العائلات التونسية التي فقدت مع الجائحة الصحية في المعدل حسب المعهد التونسي للدراسات الكمية نحو 434 دينارا في المعدل من مداخيلها الى جانب وصول نسبة البطالة الى نحو 17.4 بالمائة وبلوغ نسب الفقر في عدة جهات 30 بالمائة و40 بالمائة في صورة الرجوع الى معايير الفقر متعدد الأبعاد مثلما تعرفها الأمم المتحدة.
ويطرح ارتفاع الأسعار خلال شهر رمضان وندرة المنتجات تساؤلات حول أسباب هذه الأزمة التي يرجعها الخبراء بالخصوص إلى نقص الرقابة الاقتصادية وارتباك مسالك التوزيع نظرا للمضاربة والاحتكار مما يتسبب في اختلال العرض والطلب.
ولا يقتنع التونسيون الذين لا يتمكن جلهم من تلبية حاجاتهم الاساسية بـ”تطمينات” البعض مثل الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري الذي أكد مؤخرا على توفر المنتجات الزراعية من الإنتاج المحلي خلال شهر رمضان من خضر وغلال ولحوم حمراء وألبان ودواجن بكميات تغطي الحاجات دون ان يتطرق الى الاسعار الملتهبة في سياق تواصل المناورات والمغالطات الاحصائية التي تروج لتراجع الاسعار في مارس الفارط بنسب 0.7 بالمائة.
وأكد الاتحاد في بلاغ أصدره أن اللهفة هي السبب الرئيسي لإرباك التزويد وارتفاع الأسعار وانتشار مظاهر الاحتكار والمضاربة، ناسيا ان ثلث التونسيين معوزون فكيف لهم ان يستهلكوا بلهفة ؟
وفي ذات السياق دعا رئيس المنظمة التونسية للدفاع عن المستهلك سليم سعد الله المستهلكين إلى مقاطعة المواد التي تشهد ارتفاعا في الأسعار.
وعموما تشهد أسعار المنتجات الاستهلاكية ارتفاعا ملحوظا في هذه الفترة، مما يزيد من مخاوف استمرار ذلك بالتزامن مع تزايد الاستهلاك في شهر رمضان بنسبة تتراوح بين 30 و40 في المائة الأمر الذي يستوجب الرفع من إمكانات تخزين المنتجات الأكثر استهلاكا على غرار الحليب والغلال والخضر واللحوم والبيض.
وفي مؤشر الأسعار لشهر فيفري الماضي الذي يصدره المعهد الوطني للإحصاء ارتفعت أسعار الزيوت الغذائية بنسبة 1.9 في المائة وأسعار البيض الطازج بنسبة 1.6 في المائة، وأسعار الأجبان ومشتقات الحليب بنسبة 0.5 في المائة.