الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: تراهن تونس على المخاوف الإيطالية من التأثير الذي قد يحدثه تخلفها عن سداد ديونها على تدفقات الهجرة ويبدو أن هذه الاستراتيجية فعالة، فإيطاليا لا تتوانى أبدا عن التأكيد على الحاجة لتقديم صندوق النقد الدولي الدعم العاجل لتونس، بل إنّها تقترح أن يضخّ التمويل حتى وإن لم يتمّ التوصّل لاتّفاق، وذلك وفقا لمذكرة جديدة نشرتها مؤخرا منظمة “روزا لوكسومبرغ – مكتب شمال افريقيا”.

ورغم أن هذا السيناريو غير مرجح بشكل كبير فأنّه يظهر التوترات المتزايدة والمخاطر التي قد تتسبب فيها للمشاكل المالية في تونس، ووفق المذكرة لا تستطيع إيطاليا مواجهة أزمة هجرة ذات تبعات كبرى في الوقت الذي تواجه مشاكل مالية في ظل الارتفاع الجسيم لمستوى مديونيّتها. .

ويبرز، وفقا للمذكرة،توقف إمدادات الطاقة كخطر محدق آخر قد تواجهه إيطاليا في حالة تخلف تونس عن السداد، إذ يمرّ خط الأنابيب عبر المتوسّط “ترانسميد” الذي ينقل الغاز الجزائري إلى إيطاليا عبر تونس.

وكانت عدّة دول عضوة في الاتحاد الأوروبي قد اضطرت إلى استبدال إمدادات الغاز وتقليل اعتمادها على الغاز الروسي بشكل حاسم، إن لم يكن بشكل كلّي بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية. وهنا، برزت الجزائر كأكبر مصدر للغاز الى إيطاليا.

وأكدت مذكرة “روزا لوكسومبرغ” انه برز من ثمة مثل ذلك الوضع الاستراتيجي الجديد الذي تعتقد السلط التونسية انها تنعم به الآن. وبالإضافة إلى ذلك، فإن مشاريع تبادل الطاقة الكهربائية المتجددة بين إيطاليا وتونس هي على قدر كبير من الأهمية بالنسبة للشركات الإيطالية، وهي تجسّد الطموحات الإيطالية في أن تكون مزودًا مهمًا للكهرباء المتجددة في شمال إفريقيا حيث أضحت إيطاليا، في مثل هذا السياق، الشريك التجاري الأهم لتونس، لتحتلّ بذلك موقع فرنسا التقليدي.

وفي صورة اخذ مجمل هذه العوامل مجتمعة بعين الاعتبار من وجهة نظر تونس، فإنه يصبح من اليسير تصور مدى أهمية البلاد التونسية بالنسبة لشركائها في الاتحاد الأوروبي بما يقودها إلى المراهنة على وضعها “المهم للغاية”، أو حتى “المخيف جدًا” في حالة الانهيار، على حد تقدير المذكرة الدولية.

يذكر ان الشركة التونسية للكهرباء والغاز، وقّعت أمس الثلاثاء مع شركة تشغيل الكهرباء الإيطالية “تيرنا”، حسب بيان للشركة الايطالية اتفاقية منحة مع المفوضية الأوروبية بقيمة 307 ملايين اورو، لدعم تمويل مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا “الماد”.

وأشار الجانب الإيطالي الى بلوغ مجمل استثمارات إنجاز مشروع الربط الكهربائي بين البلدين 850 مليون اورو، منها 307 ملايين اورو من قبل آلية “مرفق التواصل الأوروبي”، وهو برنامج أوروبي مخصص لدعم مشاريع تطوير البنى التحتية للطاقة في الاتحاد الأوروبي”، وفق الوكالة علما ان المشروع يتكون من كابل بحري بقوة 600 ميغاواط يربط بين شبكتي الكهرباء التونسية والإيطالية مرورا بمسار بحري يبلغ طوله 200 كلم وبعمق يصل إلى 800 متر.