الشارع المغاربي – مشروع‭ ‬ثقافي‭-‬اقتصادي‭ ‬مندمج تجاهلته الدولة التونسية/ بقلم:د.مولدي الاحمر (الجامعة التونسية)

مشروع‭ ‬ثقافي‭-‬اقتصادي‭ ‬مندمج تجاهلته الدولة التونسية/ بقلم:د.مولدي الاحمر (الجامعة التونسية)

قسم الأخبار

13 أكتوبر، 2023

الشارع المغاربي: حينما‭ ‬نلقي‭ ‬نظرة‭ ‬على‭ ‬الخارطة‭ ‬السكانية‭ ‬والحضرية‭ ‬والثقافية‭ ‬للبلاد‭ ‬التونسية‭ ‬عبر‭ ‬التاريخ،‭ ‬تصدمنا‭ ‬ظاهرة‭ ‬الموت‭ ‬التدريجي‭ ‬لأهم‭ ‬المدن‭ ‬والمراكز‭ ‬الثقافية‭ ‬العظيمة‭ ‬التي‭ ‬عمرت‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬دواخل‭ ‬البلاد‭ ‬التونسية‭ (‬بلاريجيا،‭ ‬دقة،‭ ‬سبيطلة،‭ ‬زامة‭ (‬سليانة‭)-‬القيروان‭ ‬وغيرها‭)‬؛‭ ‬مرة‭ ‬أولى‭ ‬خلال‭ ‬القرون‭ ‬التي‭ ‬تلت‭ ‬وصول‭ ‬المسلمين‭ ‬العرب‭ ‬إلى‭ ‬بلادنا‭ (‬الإرث‭ ‬الروماني‭ ‬البيزنطي‭ ‬في‭ ‬مجمله‭)‬،‭ ‬ومرة‭ ‬ثانية‭ ‬بعدما‭ ‬خسرت‭ ‬القيروان‭ ‬مكانتها‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والثقافية‭ ‬لفائدة‭ ‬المهدية‭ ‬ثم‭ ‬لفائدة‭ ‬تونس‭ )‬الإرث‭ ‬الإسلامي‭ ‬المؤسس)‭ . ‬وقد‭ ‬تزامن‭ ‬هذا‭ ‬الموت‭ ‬التدريجي‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬أولى‭ ‬مع‭ ‬توسع‭ ‬نمط‭ ‬العيش‭ ‬البدوي‭ ‬في‭ ‬الدواخل‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬نمط‭ ‬العيش‭ ‬الفلاحي‭ ‬والمديني،‭ ‬وفي‭ ‬مرحلة‭ ‬ثانية‭ ‬مع‭ ‬استعادة‭ ‬البحر‭ ‬لأهميته‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والحرب‭ ‬والتواصل‭ ‬والتثاقف‭. ‬وخلال‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬التاريخية‭ ‬الطويلة‭ ‬كان‭ ‬الانسحاب‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والديمغرافي‭ ‬والسياسي‭ ‬يسير‭ ‬دوما‭ ‬من‭ ‬الدواخل‭ ‬باتجاه‭ ‬السواحل‭. ‬ولقد‭ ‬ورثت‭ ‬النخب‭ ‬التونسية‭ ‬الحديثة‭ ‬النماذج‭ ‬الذهنية‭ ‬والاعتبارية‭ ‬التي‭ ‬تولدت‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬المنجز‭ ‬التاريخي‭ ‬السلبي‭ )‬من‭ ‬منظور‭ ‬التوازن‭ ‬الحضاري‭ ‬الداخلي‭ ‬،‭( ‬الذي‭ ‬عمقه‭ ‬الاستعمار‭ ‬بفرض‭ ‬مرجعيته‭ ‬الثقافية‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬النخب،‭ ‬فواصلت‭ ‬الدولة‭ ‬التونسية،‭ ‬بنفس‭ ‬تمثلها‭ ‬الثقافي‭ ‬لمجالها‭ ‬السيادي،‭ ‬في‭ ‬تعميق‭ ‬الآثار‭ ‬المهلكة‭ ‬لهذا‭ ‬الانزياح‭ ‬التاريخي‭. ‬والنتيجة‭ ‬تضخٌم‭ ‬الرأس‭ ‬في‭ ‬قرطاج‭ ‬وضمور‭ ‬الجسد‭ ‬الحيوي‭ ‬والكثيف‭ ‬في‭ ‬الدواخل‭. ‬ولقد‭ ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬لمراجعة‭ ‬هذه‭ ‬النماذج‭ ‬الذهنية،‭ ‬وهذه‭ ‬المرجعيات‭ ‬التي‭ ‬تجسدت‭ ‬في‭ ‬الأشياء‭ ‬والعقول،‭ ‬لبعث‭ ‬الحياة‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬كامل‭ ‬أطراف‭ ‬جسد‭ ‬تونس‭. ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يُفهم‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬التوازن‭ ‬الثقافي‭ ‬والحضاري‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬مكونات‭ ‬بلدنا‭ ‬بأكثر‭ ‬أدوات‭ ‬العصر‭ ‬الحديث‭ ‬جدة‭ ‬وبمفاهيم‭ ‬المشاريع‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬المندمجة‭. ‬

المنطلقات‭ ‬الأساسية‭ ‬للفكرة

بالمقارنة‭ ‬مع‭ ‬تجارب‭ ‬تنموية‭ ‬ثقافية‭ ‬سياحية‭ ‬لبلدان‭ ‬قريبة‭ ‬أو‭ ‬بعيدة‭ ‬من‭ ‬تونس‭ )‬إسبانيا،‭ ‬إيطاليا،‭ ‬الهند‭…( ‬تأكد‭ ‬اليوم‭ ‬أن‭ ‬سياحة‭ ‬الشمس‭ ‬والبحر‭ ‬والصحراء‭ ‬لا‭ ‬تدر‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬المال‭ ‬مقارنة‭ ‬بما‭ ‬تأخذه‭ ‬من‭ ‬موارد‭ ‬تحتاجها‭ ‬البلاد‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬أخرى‭ ) ‬المياه‭ ‬والأراضي‭ ‬الخصبة‭ ‬والطبيعة‭ ‬الموسمية‭ ‬للأنشطة)‬،‭ ‬بينما‭ ‬تدر‭ ‬السياحة‭ ‬الثقافية‭ ‬أضعاف‭ ‬ذلك‭ ‬وبطاقة‭ ‬تشغيلية‭ ‬عالية‭:‬

•‭ ‬أغلب‭ ‬السياح‭ ‬الذين‭ ‬يزورون‭ ‬تونس‭ ‬لا‭ ‬يصرفون‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المال،‭ ‬فهم‭ ‬يأتون‭ ‬من‭ ‬الطبقات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الأوربية‭ ‬فوق‭ ‬الفقيرة‭ ‬أو‭ ‬المتوسطة‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬أوروبا‭ ‬الشرقية‭ ‬التي‭ ‬ليس‭ ‬للسياح‭ ‬القادمين‭ ‬منها‭ ‬تقاليد‭ ‬إنفاق‭ ‬سياحي‭ ‬عالية،‭ ‬ويبقون‭ ‬على‭ ‬الشاطئ‭ ‬أغلب‭ ‬الوقت‭. ‬فبحسب‭ ‬بعض‭ ‬التقديرات‭ ‬بلغ‭ ‬معدل‭ ‬صرف‭ ‬السائح‭ ‬للعملة‭ ‬الصعبة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬سنة‭ ‬2022‭ ‬حوالي‭ ‬450‭ ‬أورو‭ ‬مقابل‭ ‬600‭ ‬أورو‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ -‬الذي‭ ‬يشبهنا‭- ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭. ‬وهذا‭ ‬في‭ ‬الحالتين‭ ‬قليل‭.‬

•‭ ‬السياح‭ ‬الذين‭ ‬يأتون‭ ‬من‭ ‬الجوار‭ ‬–‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المغاربيين‭ ‬المهاجرين‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭- ‬لا‭ ‬يجدون‭ ‬في‭ ‬السياحة‭ ‬التونسية‭ ‬الموجهة‭ ‬للأوربيين‭ ‬ما‭ ‬يجلبهم‭ ‬إلا‭ ‬قليلا،‭ ‬والكثير‭ ‬يأتي‭ ‬للتداوي‭ ‬وزيارة‭ ‬الأقارب‭ ‬أو‭ ‬الأصدقاء،‭ ‬وقسم‭ ‬كبير‭ ‬منهم‭  ‬يؤجر‭ ‬منازل‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬الرئيسية‭ ‬على‭ ‬السواحل‭ ‬ويعيش‭ ‬مثله‭ ‬مثل‭ ‬بقية‭ ‬التونسيين‭ ‬الذين‭ ‬يسكنون‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ )‬الليبيون‭ ‬والجزائريون‭ ‬بالخصوص)‭ .‬

•‭ ‬أغلب‭ ‬تجهيزات‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬للسياحة‭ ‬مركزة‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الساحلية‭ ‬والواحية،‭ ‬ما‭ ‬خلق‭ ‬عدم‭ ‬توازن‭ ‬هيكلي‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭  ‬المناطق‭ ‬الداخلية‭ ‬حيث‭ ‬البطالة‭ ‬عالية‭ ‬جدا،‭ ‬أحيانا‭ ‬رغم‭ ‬الموارد‭ ‬المحلية‭ ‬الهائلة‭.‬

•‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬السياحة‭ ‬يخلق‭ ‬ويعيد‭ ‬إنتاج‭ ‬التوزيع‭ ‬اللامتكافئ‭ ‬للمداخيل‭ (‬إذا‭ ‬دخلت‭ ‬إلى‭ ‬البلاد‭)‬،‭ ‬المتأتية‭ ‬من‭ ‬السياحة‭ ‬الشاطئية‭ ‬والصحراوية‭ ‬ويعيق‭ ‬فرص‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬الدواخل‭ ‬وخلق‭ ‬مواطن‭ ‬الشغل‭. ‬

•‭ ‬والأهم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬هذا‭: ‬لا‭ ‬تشكل‭ ‬السياحة‭ ‬الشاطئية‭ ‬والصحراوية‭ ‬قاطرة‭ ‬حقيقية‭ ‬لتنمية‭ ‬مستدامة‭ ‬ونظيفة،‭ ‬ولا‭ ‬تدمج‭ ‬بشكل‭ ‬فعلي‭ ‬وظيفي‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬في‭ ‬منظومة‭ ‬وحركة‭ ‬واحدة‭.‬

•‭ ‬في‭ ‬الأثناء‭ ‬هناك‭ ‬طلب‭ ‬عالمي‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬السياحة‭ ‬الثقافية‭ ‬والبيئية

•‭ ‬هناك‭ ‬تحولات‭ ‬جيوساسية‭ ‬استراتيجية‭ ‬في‭ ‬أفق‭ ‬المنطقة،‭ ‬ربما‭ ‬تفضي‭ ‬خلال‭ ‬الخمسة‭ ‬عشر‭ ‬سنة‭ ‬القادمة‭ ‬إلى‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬السياحة‭ ‬بموارد‭ ‬قوية‭ ‬وبقدرة‭ ‬تنافسية‭ ‬تصاعدية‭ ‬أعلى‭ ‬بكثير‭ ‬مما‭ ‬تملكه‭ ‬تونس‭.‬

المشروع‭ ‬الثقافي‭-‬الاقتصادي‭ ‬المقترح‭: ‬

•‭ ‬يمكن‭ ‬تصنيفه‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬التنمية‭ ‬الثقافية‭ ‬المندمجة،‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يشكل‭ ‬–‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬طبق‭ ‬بحماس‭ ‬وبحرفية‭- ‬نقطة‭ ‬تحول‭ ‬في‭ ‬التفكير‭ ‬والفعل،‭ ‬تقلب‭ ‬المعادلات‭ ‬الثقافية‭-‬السياسية‭ ‬والتنموية‭ ‬السائدة‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الداخلية‭. ‬إنه‭ ‬مشروع‭ ‬يُخرج‭ ‬الاستثمار‭ ‬الثقافي‭ ‬من‭ ‬حقوله‭ ‬التقليدية،‭ ‬ويوسع‭ ‬من‭ ‬مجاله‭ ‬بحيث‭ ‬يخرج‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬الاحتكار‭ ‬الحضري‭ ‬الفئوي‭ ‬التي‭ ‬هو‭ ‬عليها‭ ‬الآن،‭ ‬ويحرره‭ ‬من‭ ‬المقولة‭ ‬الفلكلورية،‭ ‬ويحوله‭ ‬إلى‭ ‬فلسفة‭ ‬استثمار‭ ‬اقتصادي‭-‬اجتماعي‭ ‬وظيفية‭ ‬مبتكرة‭ ‬وعادلة‭.‬

•‭ ‬يتوجه‭ ‬المشروع‭ ‬أساسا‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬فئات‭ ‬الشباب‭ ‬أصحاب‭ ‬الدبلوم‭ ‬الجامعي‭ ‬والعاطلين‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬والمستثمرين‭ ‬المحليين‭ ‬ومن‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬الوطن‭.‬

•‭ ‬يخلق‭ ‬ثقافة‭ ‬جديدة‭ ‬للتشغيل‭ ‬متحررة‭ ‬من‭ ‬فكرة‭ ‬الوظيفة‭ ‬مقابل‭ ‬راتب،‭ ‬وينزل‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬كاهل‭ ‬الدولة‭ ‬فكرة‭ ‬أنها‭ ‬المسؤول‭ ‬الأول‭ ‬عن‭ ‬تشغيل‭ ‬المواطنين‭ ‬في‭ ‬مؤسساتها‭ ‬العامة‭ (‬البيروقراطية‭ ‬الضخمة‭ ‬المعطلة‭ ‬للتنمية‭).‬

•‭ ‬يخلق‭ ‬المشروع‭ ‬المقترح‭ ‬توازنا‭ ‬مع‭ ‬المناطق‭ ‬الساحلية،‭ ‬فيدخل‭ ‬بموجبها‭ ‬سكان‭ ‬الوسط‭ ‬الغربي‭ ‬للبلاد‭ ‬والمناطق‭ ‬المحيطة‭ ‬في‭ ‬ديناميكية‭ ‬إنمائية‭ ‬ثورية‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة،‭ ‬وبتفاعل‭ ‬وظيفي‭ ‬مع‭ ‬المدن‭ ‬الساحلية‭. ‬

•‭ ‬المشروع‭ ‬مغروس‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬الثقافي‭ ‬والسياسي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬لمناطق‭ ‬وسط‭ ‬البلاد،‭ ‬ومن‭ ‬المحتمل‭ ‬جدا‭ ‬أنه‭ ‬يجلب‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الخارجية‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬قُدم‭ ‬عالميا‭ ‬بشكل‭ ‬جيد‭ ‬ومن‭ ‬طرف‭ ‬فريق‭ ‬جيد‭ ‬محترف‭ ‬تقوده‭ ‬إرادة‭ ‬صلبة‭ ‬وطموحة‭.‬

تنطلق‭ ‬فكرة‭ ‬المشروع‭ ‬من‭ ‬الملاحظة‭ ‬الميدانية‭ ‬التالية‭: ‬تتمتع‭ ‬منطقة‭ ‬الوسط‭ ‬الغربي‭ ‬للبلاد‭ ‬وامتداداتها‭ ‬نحو‭ ‬الجنوب،‭ ‬حيث‭ ‬تتقاطع‭ ‬حدود‭ ‬أربعة‭ ‬أقاليم‭ ‬وثمانية‭ ‬ولايات‭ ‬بثلاث‭ ‬ميزات‭ ‬ثقافية‭-‬تاريخية،‭ ‬اقتصادية‭ ‬وجغرافية،‭ ‬تشكلت‭ ‬على‭ ‬أرضية‭ ‬موارد‭ ‬مادية‭ ‬ولامادية‭ ‬غير‭ ‬محدودة‭: ‬

•‭ ‬رأس‭ ‬مال‭ ‬لامادي‭ ‬كثيف‭ ‬جدا‭: ‬المناظر‭ ‬الطبيعية‭ ‬الخلابة،‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬مناطق‭ ‬التلوث،‭ ‬التاريخ‭ ‬الثقافي‭ ‬المميز‭ ‬والمسجل‭ ‬في‭ ‬الذاكرة‭ ‬العالمية‭. ‬

• موارد‭ ‬طبيعية‭ ‬فلاحية‭ ‬ومائية‭ ‬مهمة‭ ‬جدا،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتحول‭ ‬–‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬مناطقها‭ ‬المحلية‭- ‬إلى‭ ‬ركيزة‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬الفلاحة‭ ‬البيولوجية‭ ‬المتنوعة‭ .‬

• توجد‭ ‬المنطقة‭ ‬وسط‭ ‬مثلث‭ ‬اقتصادي‭ ‬سياسي‭ ‬تاريخي‭ ‬ضخم،‭ ‬منفتح‭ ‬على‭ ‬الشمال‭ ‬الغربي‭ ‬للبلاد ‭)‬الكاف‭ ‬باجة‭ ‬جندوبة)‭ ‬،‭ ‬والشمال‭ ‬الشرقي‭ )‬زغوان‭ ‬،‭ ‬تونس‭ ‬الوطن‭ ‬القبلي)‭ ‬والوسط‭ ‬الغربي‭ ‬(القصرين‭ ‬سيدي‭ ‬بوزيد،‭ ‬القيروان)‭ ‬مع‭ ‬امتداد‭ ‬مخروطي‭ ‬حتى‭ ‬شط‭ ‬الجريد‭. ‬

والأهم‭ ‬من‭ ‬الكل‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬شاركت‭ ‬بشكل‭ ‬ملحمي‭ ‬في‭ ‬ثلاثة‭ ‬أحداث‭ ‬تاريخية‭ ‬عالمية‭ ‬صنعت‭ ‬ذاكرة‭ ‬التونسيين،‭ ‬وقسم‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬المتوسطية‭ ‬الشمالية‭ ‬والمشرقية‭ ‬والمغاربية‭: ‬هذه‭ ‬الأحداث‭ ‬هي‭: ‬

•‭ ‬آخر‭ ‬معركة‭ ‬لحنبعل‭ ‬في‭ ‬زاما‭ ‬قادما‭ ‬من‭ ‬روما‭ .‬

•‭ ‬آخر‭ ‬معركة‭ ‬للكاهنة‭ ‬في‭ ‬سبيطلة‭ ‬أمام‭ ‬الجيوش‭ ‬الإسلامية‭ .‬

•‭ ‬الملحمة‭ ‬الهلالية‭ ‬التي‭ ‬اخترقت‭ ‬جميع‭ ‬مناطق‭ ‬الوسط‭ ‬المغاربي‭ ‬وتركت‭ ‬بصمة‭ ‬ثقافية‭ ‬كثيفة‭ ‬في‭ ‬مخياله‭ ‬من‭ ‬برقة‭ ‬إلى‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلسي‭.‬

المعارك‭ ‬التاريخية‭ ‬الكبرى‭ )‬زاما‭ ‬وسبيطلة‭( ‬قادتها‭ ‬شخصيات‭ ‬قرطاجية‭ ‬ورومانية‭ ‬وأمازيغية‭ ‬وعربية‭ ‬إسلامية‭ ‬من‭ ‬الطراز‭ ‬الأول‭ ‬ومشهورة‭ ‬عالميا‭ ‬(حنبعل‭ ‬القرطاجي‭ ‬والقائد‭ ‬الروماني‭ ‬الذي‭ ‬خاض‭ ‬ضده‭ ‬معركة‭ ‬زاما‭/ ‬القائدة‭ ‬البربرية‭ ‬الكاهنة‭ ‬والقائد‭ ‬العربي‭ ‬المسلم‭ ‬حسن‭ ‬ابن‭ ‬النعمان‭ ‬القادم‭ ‬من‭ ‬الشرق)‭ . ‬وفي‭ ‬كلا‭ ‬المعركتين‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬آراء‭ ‬وتمثلات‭ ‬بشأن‭ ‬إفريقية‭ ‬وسكانها،‭ ‬ومصالح‭ ‬اقتصادية‭ ‬واستراتيجية‭ ‬سياسية‭ ‬مرتبطة‭ ‬بها،‭ ‬وخلفيات‭ ‬ثقافية‭ ‬ودينية‭ ‬متصارعة‭ ‬ومتلاقحة‭ ‬تهم‭ ‬مفهوم‭ ‬الإنسان‭ ‬والكون‭ ‬والحياة‭.‬

مغامرة‭ ‬بنو‭ ‬هلال‭: ‬تجربة‭ ‬اجتماعية‭ ‬وثقافية‭ ‬وفنية‭ ‬أثرت‭ ‬بعمق‭ ‬في‭ ‬الذاكرة‭ ‬المغاربية‭ ‬عموما،‭ ‬وكذلك‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬والجزيرة‭ ‬العربية،‭ ‬مضمونها‭ ‬الصراع‭ ‬الأبدي‭ ‬بين‭ ‬البداوة‭ ‬والاستقرار،‭ ‬بين‭ ‬المدينة‭ ‬والبادية،‭ ‬بين‭ ‬السلطة‭ ‬المركزية‭ ‬والتخوم‭ ‬التي‭ ‬ترفض‭ ‬الدولة‭ )‬هناك‭ ‬مثل‭ ‬ليبي‭ ‬يقول‭: ‬الدولة‭ ‬أرض‭ ‬والعرب‭ ‬طيور)‭ . ‬ومن‭ ‬هذا‭ ‬الباب‭ ‬فإن‭ ‬ملحمة‭ ‬الجازية‭ ‬تعد‭ ‬تجربة‭ ‬إنسانية‭ ‬فريدة،‭ ‬كثفتها‭ ‬الذاكرة‭ ‬التونسية‭ ‬وتستحق‭ ‬الاحتفال‭ ‬واللقاء‭ ‬بالآخر‭ ‬والتفكير‭ ‬والتأريخ‭ ‬والتفلسف‭ ‬والشعر‭.‬

ثلاثة‭ ‬مهرجانات‭ ‬بأبعاد‭ ‬اقتصادية‭ ‬اندماجية

بناء‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الاعتبارات‭ ‬تقوم‭ ‬الفكرة‭ ‬العملية‭ ‬للمشروع‭ ‬على‭ ‬تنظيم‭: ‬ثلاثة‭ ‬مهرجانات‭ ‬سنوية‭ ‬تبدأ‭ ‬تجريبيا‭ ‬بالتداول‭ ‬وتتطور‭ ‬عند‭ ‬النجاح‭ ‬لتأخذ‭ ‬وتيرة‭ ‬سنوية‭ ‬تتابعية‭ : ‬الأول‭ ‬عالمي،‭ ‬والثاني‭-‬مشرقي‭-‬مغاربي‭ ‬والثالث‭: ‬مغاربي‭ ‬جنوب‭ ‬صحراوي‭.‬

المهرجان‭ ‬الأول‭ ‬يدور‭ ‬حول‭ ‬آخر‭ ‬معركة‭ ‬لحنبعل‭ ‬في‭ ‬زاما‭ ‬بسليانة‭ ‬قادما‭ ‬من‭ ‬حربه‭ ‬في‭ ‬عقر‭ ‬دار‭ ‬الإمبراطورية‭ ‬الرومانية‭. ‬وتقوم‭ ‬الفكرة‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬إحياء‭ ‬المعركة‭ ‬في‭ ‬شكلها‭ ‬الطبيعي،‭ ‬أي‭ ‬جيشان‭ ‬حقيقيان‭ ‬من‭ ‬500‭ ‬إلى‭ ‬1000‭ ‬فارس‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬فريق‭ (‬قرطاجي‭ ‬وآخر‭ ‬روماني‭)‬،‭ ‬يتبعان‭ ‬نفس‭ ‬الطرق‭ ‬التي‭ ‬سلكها‭ ‬الأولون‭ (‬يحددها‭ ‬المؤرخون‭ ‬ويأخذون‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬الجانب‭ ‬اللوجستي‭ ‬والأمني‭ ) ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬زغوان‭ ‬والكريب‭ (‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭). ‬ويشارك‭ ‬فيها‭ ‬كفرسان‭ ‬وقادة‭ ‬سياح‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬رفيع،‭ ‬وبدرجات‭ ‬متفاوتة‭ ‬حسب‭ ‬الرتبة‭ ‬في‭ ‬الجيوش‭ (‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬نجمين‭ ‬سنمائيين‭ ‬كبيرين‭ ‬تهدى‭ ‬لهما‭ -‬للدعاية‭- ‬قيادة‭ ‬الجيشين،‭ ‬بينما‭ ‬يشتري‭ ‬الآخرون‭ ‬رتبهم‭ ‬ومكانتهم‭) ‬ليسجلوا‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬رصيدهم‭ ‬الخاص‭ (‬تبدأ‭ ‬الفكرة‭ ‬التجريبية‭ ‬بعدد‭ ‬أقل‭ ‬ثم‭ ‬يتوسع‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬تتوسع‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬المستقبلة‭ ‬للمشروع‭).‬

•‭ ‬يجري‭ ‬تشييد‭ ‬بوابة‭ ‬إلكترونية‭ ‬تواصلية‭ ‬وتسويقية‭ ‬ضخمة‭ ‬يتعامل‭ ‬بواسطتها‭ ‬الحرفاء‭ ‬مباشرة‭ ‬مع‭ ‬المؤسسات‭ ‬التونسية‭ )‬بالشراكة‭ ‬مع‭ ‬شركات‭ ‬تسويق‭ ‬عالمية‭ ‬كبرى) ‬لرفع‭ ‬المداخيل‭ ‬إلى‭ ‬أقصاها‭.  ‬

•‭ ‬يقوم‭ ‬الحرفيون‭ ‬–‭ ‬الذين‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬المعنية‭ ‬مباشرة‭ ‬بمسرح‭ ‬العمليات‭- ‬بتجهيز‭ ‬هذه‭ “‬القوات‭” ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬يلزم‭ ‬وفق‭ ‬التقاليد‭ ‬القديمة‭ ‬كما‭ ‬يحددها‭ ‬لهم‭ ‬علماء‭ ‬الآثار‭ ‬ومصمموا‭ ‬الأزياء،‭ ‬الذين‭ ‬سيشيدون‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬الورشات‭ ‬الحرفية‭ ‬المناسبة‭. ‬

•‭ ‬تشبيك‭ ‬وظيفي‭ ‬مع‭ ‬الجمعيات‭ ‬التنموية‭ ‬المحلية‭ / ‬بناء‭ ‬مشاريع‭ ‬توأمة‭ ‬مع‭ ‬جمعيات‭ ‬عالمية‭ ‬مختارة‭ ‬بعناية‭.‬

•‭ ‬تنشأ‭ ‬شبكة‭ ‬من‭ ‬النزل‭ ‬والمنازل‭ ‬الريفية‭ ‬المصممة‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬السياحة‭ ‬البيئية‭ ‬لإسكان‭ ‬المشاركين‭. ‬يشيّد‭ ‬المنازل‭ ‬شبان‭ ‬وشابات‭ ‬من‭ ‬المنطقة‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬خط‭ ‬سير‭ ‬السياح‭-‬بتمويلات‭ ‬المؤسسات‭ ‬الممولة‭ ‬ومنها‭ ‬البنوك‭ ‬التي‭ ‬ستنظمّ‭ ‬للمشروع،‭ ‬مع‭ ‬تدريب‭ ‬على‭ ‬مفهوم‭ ‬السياحة‭ ‬البيئية‭ ‬وممارستها‭ ‬تحت‭ ‬إشراف‭ ‬وزارات‭ ‬السياحة‭ ‬والثقافة‭ ‬والبيئة‭. ‬في‭ ‬الأوقات‭ ‬العادية‭ ‬تُستخدم‭ ‬هذه‭ ‬البيوت‭ ‬للسياحة‭ ‬البيئية‭-‬الثقافية‭ ‬طيلة‭ ‬كامل‭ ‬السنة،‭ ‬مع‭ ‬استخدام‭ ‬ما‭ ‬يتوفر‭ ‬من‭ ‬اللوجستيك‭ ‬الخاص‭ ‬بالمهرجانات‭.‬

•‭ ‬تنهض‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬فلاحة‭ ‬بيولوجية‭ ‬توفر‭ ‬الغذاء‭. ‬

•‭ ‬تنهض‭ ‬تربية‭ ‬الخيول

•‭ ‬تنشأ‭ ‬شبكة‭ ‬من‭ ‬الأدلاء‭ ‬السياحيين‭ ‬المرافقين‭ ‬بعد‭ ‬تكوينهم‭ ‬وتدريبهم،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬منشطين‭ ‬ثقافيين‭ ‬وفنانين‭ ‬وموسيقيين‭ ‬مختلفين‭ ‬يحوّلون‭ ‬الليالي‭ ‬المقضية‭ ‬في‭ ‬الطريق‭ ‬إلى‭ ‬فرصة‭ ‬ثقافية‭ ‬ثرية‭.‬

•‭ ‬يجري‭ ‬تشغيل‭ ‬قسم‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الفئات‭ ‬الشبابية‭ ‬المتعلمة

يلتقي‭ ‬الجمعان‭ ‬في‭ ‬زاما‭: ‬وعوضا‭ ‬عن‭ ‬الحرب‭ ‬يتحول‭ ‬اللقاء‭ ‬في‭ ‬مسرح‭ ‬زاما،‭ ‬الذي‭ ‬سيجري‭ ‬ترميمه‭ ‬وتهيئته،‭ ‬إلى‭ ‬مهرجان‭ ‬فني‭ ‬ضخم‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬السلام،‭ ‬ويدوم‭ ‬عدة‭ ‬أيام‭ ‬تعرض‭ ‬فيه‭: ‬

•‭ ‬الموسيقى‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬ومن‭ ‬كل‭ ‬العصور

•‭ ‬المأكولات‭ ‬والمشروبات‭ ‬البيولوجية‭ ‬المحلية‭ ‬المختلفة،‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬لمراكز‭ ‬التغذية‭ ‬ومدارس‭ ‬فنون‭ ‬الطبخ‭ ‬والعرض‭ ‬أن‭ ‬تساعد‭ ‬في‭ ‬تطويرها‭.‬

•‭ ‬يعرض‭ ‬فيه‭ ‬الرسامون‭ ‬الكبار‭ (‬وطلاب‭ ‬معاهد‭ ‬الفنون‭ ‬الجميلة‭) ‬أعمالهم‭ .‬

•‭ ‬تجري‭ ‬فيه‭ ‬عروض‭ ‬أزياء‭ ‬متنوعة

•‭ ‬يلقي‭ ‬خلاله‭ ‬الشعراء‭ ‬شعرهم‭ ‬

•‭ ‬يُغنى‭ ‬فيها‭ ‬للسلام‭ ‬والتسامح‭.‬

•‭ ‬تكون‭ ‬فرصة‭ ‬لوسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬المحلية‭ ‬والعالمية‭ ‬للعمل،‭ ‬وتكون‭ ‬فرصة‭ ‬للمنظمين‭ ‬لبيع‭ ‬المنتوج‭ ‬الإعلامي‭ ‬للقنوات‭ ‬السمعية‭-‬البصرية‭ . ‬

المهرجان‭ ‬الثاني‭ ‬يكون‭ ‬مداره‭ ‬معركة‭ ‬الكاهنة‭ ‬بسبيطلة‭: ‬ينطلق‭ ‬جيش‭ ‬الكاهنة‭ ‬من‭ ‬حيدرة‭ ‬في‭ ‬أقصى‭ ‬غرب‭ ‬ولاية‭ ‬القصرين‭ (‬وربما‭ ‬من‭ ‬الجزائر‭)‬،‭ ‬وينطلق‭ ‬الجيش‭ ‬المقابل‭ ‬من‭ ‬جنوب‭ ‬سيدي‭ ‬بوزيد‭ (‬المكناسي‭ ‬وأهلها‭ ‬من‭ ‬مربي‭ ‬الخيول‭ ‬الأصيلة‭). ‬ومثل‭ ‬الحالة‭ ‬الأولى‭ ‬تقوم‭ ‬ديناميكية‭ ‬حرفية‭ ‬فلاحية‭ ‬سياحية‭ ‬ثقافية‭ ‬حول‭ ‬التظاهرة،‭ ‬مع‭ ‬اعتبار‭ ‬اختلاف‭ ‬السردية‭ ‬واللباس‭….‬إلخ‭. ‬عندما‭ ‬يلتقي‭ ‬الجمعان‭ ‬في‭ ‬سبيطلة‭ ‬يتحول‭ ‬المسرح‭ ‬الروماني‭ ‬هناك‭ ‬إلى‭ ‬فضاء‭ ‬ثقافي‭ ‬وفني‭ ‬ضخم‭ ‬للموسيقى‭ ‬والمسرح‭ ‬والشعر،‭ ‬تتخلله‭ ‬نقاشات‭ ‬فكرية‭ ‬حول‭ ‬الأديان‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب‭ ‬والشمال‭ ‬والجنوب،‭ ‬ودعوة‭ ‬للوئام‭ ‬والتسامح‭ ‬الديني‭ ‬بين‭ ‬الشعوب،‭ ‬مع‭ ‬نفس‭ ‬الفوائد‭ ‬التشغيلية‭ ‬والثقافية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬للأول‭.‬

المهرجان‭ ‬الثالث‭: ‬السيرة‭ ‬الهلالية‭. ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬مهرجان‭ ‬مغاربي‭ ‬بامتياز،‭ ‬منفتح‭ ‬على‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬ذي‭ ‬التاريخ‭ ‬البدوي،‭ ‬ويدور‭ ‬حول‭ ‬السيرة‭ ‬الهلالية،‭ ‬لكنه‭ ‬يعطي‭ ‬فرصة‭ ‬كبيرة‭ ‬للتراث‭ ‬البدوي‭ ‬شعرا‭ ‬وفنا‭ ‬وفلسفة‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ (‬وقد‭ ‬عاد‭ ‬الآن‭ ‬بقوة‭ ‬إلى‭ ‬الأعراس‭ ‬في‭ ‬الأرياف‭ ‬بصيغ‭ ‬جديدة‭). ‬ويجري‭ ‬تنظيمه‭ ‬بنفس‭ ‬الطريقة‭ ‬منطلقا‭ ‬من‭ ‬قبلي‭ ‬والحامة‭ (‬مرازيق‭-‬بني‭ ‬زيد‭) ‬باتجاه‭ ‬سيدي‭ ‬بوزيد،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬محطة‭ ‬هناك‭ ‬احتفال،‭ ‬ثم‭ ‬يجري‭ ‬الحوار‭ ‬التاريخي،‭ ‬الفلسفي‭ ‬والفني،‭ ‬بين‭ ‬الثقافة‭ ‬البدوية‭ ‬والثقافة‭ ‬الحضرية‭ (‬مركز‭ ‬المهرجان‭ ‬سيدي‭ ‬بوزيد‭).‬

هناك‭ ‬جوانب‭ ‬فنية‭ ‬أخرى‭ ‬لهذا‭ ‬المشروع‭ ‬الضخم،‭ ‬تحتاج‭ ‬نقاشا‭ ‬متشعبا‭ ‬قبل‭ ‬اعتمادها،‭ ‬وعملا‭ ‬شاقا‭ ‬لفرق‭ ‬فنية‭ ‬مختلفة‭ ‬ومتعددة،‭ ‬تأخذ‭ ‬كفايتها‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬لتصميم‭ ‬المشروع‭ ‬بشكل‭ ‬مهني‭ ‬يأخذ‭ ‬في‭ ‬الحسبان‭ ‬الأسس‭ ‬الرئيسة‭ ‬وأولها‭ ‬التمويل‭. ‬

لقد‭ ‬مر‭ ‬المشروع‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬الفن‭ ‬والخبرة،‭ ‬وعرض‭ ‬على‭ ‬وزيري‭ ‬ثقافة،‭ ‬وهو‭ ‬موجود‭ ‬في‭ ‬قصر‭ ‬قرطاج‭ ‬منذ‭ ‬2019‭. ‬نتمنى‭ ‬فقط‭ ‬أن‭ ‬يصادف‭ ‬ذوي‭ ‬العزم‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬تونس‭. ‬ويعتبر‭ ‬المشروع‭ ‬ملكية‭ ‬فكرية‭ ‬خاصة‭.‬

*نشر باسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 10 اكتوبر 2023


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING