الشارع المغاربي – ميزانية‭ :‬2022‭‬ارتهان‭ ‬لصندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬لحساب‭ ‬المتهربين‭ ‬ضريبيا

ميزانية‭ :‬2022‭‬ارتهان‭ ‬لصندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬لحساب‭ ‬المتهربين‭ ‬ضريبيا

قسم الأخبار

19 مارس، 2022

الشارع المغاربي-كريمة‭ ‬السعداوي: تمثل‭ ‬السياسة‭ ‬المالية‭ ‬الراهنة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬نموذجا‭ ‬لمراكمة‭ ‬الفشل،‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬وحالة‭ ‬خاصة‭ ‬لـ‭ “‬التخطيط‭” ‬دون‭ ‬رؤية‭ ‬للمستقبل‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬اخرى‭. ‬وتعكس‭ ‬ميزانية‭ ‬2022‭ ‬بوضوح‭ ‬هذه‭ ‬الوضعية‭ ‬سيما‭ ‬ان‭ ‬اقرارها‭ ‬تم‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬اتسم‭ ‬بالشعبوية،‭ ‬ولكن‭ ‬اساسا‭ ‬بتناقض‭ ‬الخطاب‭ ‬وازدواجيته‭.‬

في‭ ‬هذا‭ ‬الاطار،‭ ‬نشر‭ ‬بداية‭ ‬الاسبوع‭ ‬الفارط‭ ‬المنتدى‭ ‬التونسي‭ ‬للحقوق‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬دراسة‭ ‬بعنوان‭ “‬ميزانية‭ ‬2022‭ ‬رهينة‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭: ‬حول‭ ‬اسباب‭ ‬تخوف‭ ‬الراي‭ ‬العام‭ ‬التونسي‭ ‬من‭ ‬اللجوء‭ ‬مجددا‭ ‬للصندوق‭”.‬

وأبرزت‭ ‬الدراسة‭ ‬التي‭ ‬جرت‭ ‬صياغتها‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬محاور،‭ ‬انه‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬الأوضاع‭ ‬المزرية‭ ‬والمنهارة‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬طيلة‭ ‬العشرية‭ ‬الاخيرة،‭ ‬وقع‭ ‬اعتبار‭ ‬القرارات‭ ‬الاستثنائية‭ ‬التي‭ ‬أعلن‭ ‬عنها‭ ‬يوم‭ ‬25‭ ‬جويلية‭ ‬2021‭ ‬جريئة‭ ‬وشجاعة‭ ‬وحتمية‭ ‬ومثلت‭ ‬حدثا‭ ‬هاما‭ ‬وفرصة‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬ان‭ ‬تفتح‭ ‬المجال‭ ‬لاتخاذ‭ ‬اجراءات‭ ‬تصحيحية‭ ‬للانحرافات‭ ‬السابقة‭. ‬

ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق،‭ ‬حظيت‭ ‬القرارات‭ ‬الاستثنائية‭ ‬بتأييد‭ ‬شعبي‭ ‬كبير‭ ‬خاصة‭ ‬أنها‭ ‬ارتكزت‭ ‬على‭ ‬خطاب‭ ‬شعبوي‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬التفاف‭ ‬شعبي‭ ‬واضح‭ ‬حولها‭. ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الخطاب‭ ‬الشعبوي‭ ‬هو‭ ‬خطاب‭ ‬سياسي‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬نقد‭ ‬النظام‭ ‬القائم‭ ‬وكل‭ ‬من‭ ‬يمثله‭. ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬يتوجه‭ ‬بالأساس‭ ‬للطبقات‭ ‬الشعبية‭ ‬التي‭ ‬يعتبرها‭ ‬ضحية‭ ‬النظام‭ ‬القائم‭ ‬ويعدها‭ ‬بالخلاص‭ ‬من‭ ‬الخصاصة‭ ‬والاحتياج‭ ‬والفقر‭ ‬والحرمان‭ ‬والاستغلال‭ ‬عبر‭ ‬الإطاحة‭ ‬من‭ ‬المنظومة‭ ‬الحاكمة‭ ‬والتخلص‭ ‬منها‭ ‬ومن‭ ‬قواها‭ ‬واختياراتها‭ ‬وممارساتها‭ ‬الفاسدة‭. ‬لكن‭ ‬إثر‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬ميزانية‭ ‬2022‭ ‬أصبح‭ ‬هذا‭ ‬الخطاب‭ ‬يمر،‭ ‬وفق‭ ‬دراسة‭ ‬المنتدى،‭ ‬بأزمة‭ ‬حادة‭ ‬نظرا‭ ‬للتناقض‭ ‬الصارخ‭ ‬بين‭ ‬الشعبوية‭ ‬السائدة‭ ‬والسياسات‭ ‬التقشفية‭ ‬اللاشعبية‭ ‬الواردة‭ ‬في‭ ‬الميزانية‭ ‬الحالية‭. ‬هذا‭ ‬التناقض‭ ‬بين‭ ‬السياسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬أصبح‭ ‬يمثل‭ ‬العنصر‭ ‬المشترك‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬المراحل‭ ‬التي‭ ‬مرت‭ ‬بها‭ ‬البلاد‭ ‬منذ‭ ‬الانطلاق‭ ‬الرسمي‭ ‬لمرحلة‭ ‬الانتقال‭ ‬الليبرالي‭ ‬إثر‭ ‬اعتماد‭ ‬برنامج‭ ‬الإصلاح‭ ‬الهيكلي‭ ‬سنة‭ ‬1986‭.‬

وعالجت‭ ‬الدراسة،‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬قضايا‭ ‬اقتصادية‭ ‬ومالية‭ ‬شائكة‭ ‬حيث‭ ‬ابرزت‭ ‬في‭ ‬المحور‭ ‬الأول‭ ‬العمق‭ ‬المهيكل‭ ‬لازمات‭ ‬المالية‭ ‬العمومية‭ ‬المتكررة‭ ‬والتي‭ ‬قامت‭ ‬على‭ ‬التمسك‭ ‬بمنوال‭ ‬تنمية‭ ‬أصبح‭ ‬يمثل‭ ‬المصدر‭ ‬الأساسي‭ ‬لكل‭ ‬الإشكاليات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬القرن‭ ‬الحالي‭. ‬وتناولت‭ ‬بالدرس‭ ‬والتحليل‭ ‬في‭ ‬المحور‭ ‬الثاني‭ ‬محتوى‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬لسنة‭ ‬2022‭ ‬الذي‭ ‬يؤكد‭ ‬عل‭ ‬استمرار‭ ‬هيمنة‭ ‬اللوبيات‭ ‬والمافيات‭ ‬و‭”‬الكناطرية‭” ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دعم‭ ‬اللجوء‭ ‬الى‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التداين‭ ‬الخارجي‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬تعبئة‭ ‬عادلة‭ ‬لموارد‭ ‬الجباية‭. ‬وتطرق‭ ‬المحور‭ ‬الثالث‭ ‬من‭ ‬الدراسة‭ ‬للأسباب‭ ‬الرئيسية‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬التونسي‭ ‬يتخوف‭ ‬من‭ ‬اللجوء‭ ‬مجددا‭ ‬الى‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬طمعا‭ ‬في‭ ‬تجاوز‭ ‬الأزمة‭ ‬المالية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬الحالية‭ ‬وفتح‭ ‬أفاق‭ ‬تنموية‭ ‬واعدة‭ ‬رغم‭ ‬فشل‭ ‬تجربة‭ ‬برنامج‭ ‬الاصلاح‭ ‬الهيكلي‭.‬

التداين‭ ‬لتكريس‭ ‬هيمنة‭ ‬اللوبيات‭ ‬والمتهربين‭ ‬ضريبيا

إلى‭ ‬جانب‭ ‬غياب‭ ‬المرجعية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الإطارية‭ ‬والتشبث‭ ‬بنفس‭ ‬الإطار‭ ‬والمنوال‭ ‬التنموي‭ ‬واعتماد‭ ‬فرضيات‭ ‬غير‭ ‬واقعية‭ ‬ونفس‭ ‬الإجراءات‭ ‬والسياسات‭ ‬التقليدية‭ ‬الحريصة‭ ‬فقط‭ ‬عل‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬العجز‭ ‬وتحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬الموارد‭ ‬والنفقات،‭ ‬بينت‭ ‬الدراسة‭ ‬أن‭ ‬ميزانية‭ ‬2022‭ ‬كرست‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والسياسية‭ ‬هيمنة‭ ‬المافيات‭ ‬واللوبيات‭ ‬و‭”‬الكناطرية‭” ‬التي‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬دفع‭ ‬السلط‭ ‬القائمة‭ ‬الى‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬اللجوء‭ ‬الى‭ ‬التداين‭ ‬العمومي‭ ‬وخاصة‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬الذي‭ ‬سيقود‭ ‬حتما‭ ‬الى‭ ‬الرضوخ‭ ‬الى‭ ‬إملاءات‭ ‬وشروط‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬المهددة‭ ‬لسيادة‭ ‬القرار‭ ‬الوطني‭ ‬ولكل‭ ‬تمش‭ ‬إرادي‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬التنموي‭.‬

والجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬المنهجية‭ ‬وخاصة‭ ‬لدى‭ ‬الدول‭ ‬الحريصة‭ ‬عل‭ ‬صفتها‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والطامحة‭ ‬لترسيخ‭ ‬الديمقراطية‭ ‬والعدالة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬يقع‭ ‬استعمال‭ ‬الميزانية‭ ‬العمومية‭ ‬لتصحيح‭ ‬موازين‭ ‬القوى‭ ‬السائدة‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التوازن‭ ‬والاعتدال،‭ ‬قصد‭ ‬منع‭ ‬تغول‭ ‬وهيمنة‭ ‬بعض‭ ‬الشرائح‭ ‬الاجتماعية‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬شرائح‭ ‬أخرى،‭ ‬والذي‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬ان‭ ‬يخل‭ ‬بتماسك‭ ‬النسيج‭ ‬الاجتماعي‭ ‬ويقود‭ ‬الى‭ ‬توتر‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والسياسية‭ ‬وتدهور‭ ‬مناخ‭ ‬الأعمال‭ ‬والآفاق‭ ‬التنموية‭. ‬الا‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬حصل‭ ‬مع‭ ‬ميزانية‭ ‬2022‭ ‬هو‭ ‬تكريس‭ ‬وتثبيت‭ ‬لموازين‭ ‬القوى‭ ‬السائدة‭ ‬عبر‭ ‬الامتناع‭ ‬عن‭ ‬اعتماد‭ ‬إجراءات‭ ‬استثنائية‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬توزيع‭ ‬عادل‭ ‬للأعباء‭ ‬قصد‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬أزمة‭ ‬المالية‭ ‬العمومية‭ ‬بنسيج‭ ‬اجتماعي‭ ‬أكثر‭ ‬توازنا‭ ‬وتماسكا‭ ‬لتوفير‭ ‬ظروف‭ ‬ومناخ‭ ‬أعمال‭ ‬محفزة‭ ‬أكثر‭ ‬عل‭ ‬تحقيق‭ ‬الانتعاش‭ ‬الاقتصادي‭.‬

وتم‭ ‬التركيز‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬على‭ ‬انه‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬التشبث‭ ‬بالاختيارات‭ ‬النيوليبرالية‭ ‬وتغول‭ ‬الأطراف‭ ‬المهيمنة‭ ‬خارجيا‭ ‬وداخليا‭ ‬والرافضة‭ ‬لكل‭ ‬إجراءات‭ ‬استثنائية‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬تعبئة‭ ‬أقصى‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬موارد‭ ‬عمومية‭ ‬اضافية‭ ‬وتوزيع‭ ‬عادل‭ ‬للأعباء‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬اللجوء‭ ‬الى‭ ‬التداين‭ ‬تم‭ ‬اعتماد‭ ‬سياسة‭ ‬تقشفية‭ ‬قائمة‭ ‬عل‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬النفقات‭ ‬العمومية‭ ‬عبر‭ ‬تجميد‭ ‬الزيادة‭ ‬في‭ ‬الأجور‭ ‬بالقطاع‭ ‬العمومي‭ ‬بين‭ ‬سنتي‭ ‬2022‭/‬2024‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬تجميد‭ ‬الانتدابات‭ ‬في‭ ‬الوظيفة‭ ‬العمومية‭ ‬والقطاع‭ ‬العمومي‭. ‬

كما‭ ‬تتضمن‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬أيضا‭ ‬التراجع‭ ‬التدريج‭ ‬عن‭ ‬دعم‭ ‬المحروقات‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬يبلغ‭ ‬سعرها‭ ‬الحقيقي‭ ‬نهاية‭ ‬سنة‭ ‬2026‭ . ‬كما‭ ‬تتضمن‭ ‬الترفيع‭ ‬في‭ ‬معاليم‭ ‬استغلال‭ ‬الكهرباء‭ ‬والغاز‭ ‬ووضع‭ ‬منظومة‭ ‬الكترونية‭ ‬تسمح‭ ‬بالتسجيل‭ ‬والتصرف‭ ‬في‭ ‬التحويلات‭ ‬المالية‭ ‬للفئات‭ ‬المعنية‭ ‬بتلقي‭ ‬تعويضا‭ ‬عن‭ ‬التخلي‭ ‬التدريجي‭ ‬عن‭ ‬دعم‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬الأساسية‭ ‬بداية‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2023‭.‬

كما‭ ‬تنص‭ ‬السياسة‭ ‬التقشفية‭ ‬الواردة‭ ‬في‭ ‬وثيقة‭ ‬برنامج‭ ‬الإصلاحات‭ ‬المقدمة‭ ‬لصندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬على‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬الديون‭ ‬العمومية‭ ‬المتخلدة‭ ‬بذمة‭ ‬المؤسسات‭ ‬العمومية‭ ‬ومراجعة‭ ‬سياسة‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يخص‭ ‬مساهماتها‭ ‬في‭ ‬رؤوس‭ ‬أموال‭ ‬المؤسسات‭ ‬العمومية‭ “‬غير‭ ‬الاستراتيجية‭” ‬وصولا‭ ‬الى‭ ‬العمل‭ ‬عل‭ ‬التفويت‭ ‬فيها‭ ‬بداية‭ ‬من‭ ‬2022‭. ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الاختيارات‭ ‬الفاقدة‭ ‬لأي‭ ‬محتوى‭ ‬اقتصادي‭ ‬مستدام‭ ‬والمحدودة‭ ‬في‭ ‬امكانية‭ ‬تطبيقها‭ ‬وذات‭ ‬البعد‭ ‬التنموي‭ ‬الغائب‭ ‬تشكل‭ ‬اليوم‭ ‬مصدرا‭ ‬واقعيا‭ ‬لتخوف‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬من‭ ‬السياسات‭ ‬المالية‭ ‬للسلط‭ ‬القائمة‭ ‬ومن‭ ‬مساعيها‭ ‬بأي‭ ‬كلفة‭ ‬للجوء‭ ‬مجددا‭ ‬الى‭ ‬اتفاق‭ ‬جديد‭ ‬مع‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭.‬

يذكر‭ ‬ان‭ ‬عدة‭ ‬جهات‭ ‬محلية‭ ‬ودولية‭ ‬تنتقد‭ ‬باستمرار‭ ‬غياب‭ ‬الرؤية‭ ‬وضعف‭ ‬كفاءة‭ ‬مسؤولي‭ ‬السلط‭ ‬القائمة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التخطيط‭ ‬الاقتصادي‭ ‬اذ‭ ‬أبرز‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬الفارط‭ “‬بنك‭ ‬امريكا‭” ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬له‭ ‬حول‭ ‬وضع‭ ‬المالية‭ ‬العمومية‭ ‬بتونس‭ ‬ان‭ ‬الميزانية‭ ‬التكميلية‭ ‬لعام‭ ‬2021‭ ‬تسلط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬أزمة‭ ‬التمويل‭ ‬المتفاقمة‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬ميزانية‭ ‬جريئة‭ ‬لعام‭ ‬2022‭. ‬

وتوقع‭ ‬البنك‭ ‬تسجيل‭ ‬تونس‭ ‬فجوة‭ ‬في‭ ‬التمويل‭ ‬الخارجي‭ ‬تبلغ‭ ‬1‭.‬9‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي‭ (‬4.3‭ ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭) ‬للثلاثي‭ ‬الرابع‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تراكم‭ ‬المتأخرات‭ ‬في‭ ‬الدفع‭ ‬ونقص‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المواد‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تعيش‭ ‬على‭ ‬وقعه‭ ‬البلاد‭ ‬اليوم‭ ‬بشكل‭ ‬وصل‭ ‬ذروة‭ ‬الحدة‭ ‬والتأزم‭. ‬ورجح‭ ‬البنك‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬تسييل‭ ‬الفجوة‭ ‬إلى‭ ‬مضاعفة‭ ‬وتيرة‭ ‬تمويل‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬وتسريع‭ ‬خفض‭ ‬احتياطيات‭ ‬النقد‭ ‬الأجنبي‭. ‬

وركز‭ ‬بنك‭ ‬امريكا‭ ‬تقييمه‭ ‬على‭ ‬غياب‭ ‬خارطة‭ ‬طريق‭ ‬سياسية‭ ‬وعلى‭ ‬ان‭ ‬اتجاهات‭ ‬الميزانية‭ ‬غير‭ ‬مستدامة‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬زيادة‭ ‬الضغوط‭ ‬المالية‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬مسارات‭ ‬التمويل‭ ‬أو‭ ‬الإجماع‭ ‬على‭ ‬ميزانية‭ ‬جريئة‭ ‬لعام‭ ‬2022،‭ ‬حتمية‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬تراكم‭ ‬المتأخرات‭ ‬واللجوء‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬تدخل‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬مباشرة‭ ‬وانخفاض‭ ‬احتياطيات‭ ‬النقد‭ ‬الأجنبي،‭ ‬وزيادة‭ ‬مخاطر‭ ‬إعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬الديون‭ ‬السيادية‭. ‬

وقدر‭ “‬بنك‭ ‬امريكا‭” ‬أن‭ ‬شح‭ ‬التمويل‭ ‬الخارجي‭ ‬لعام‭ ‬2022‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬عجز‭ ‬في‭ ‬تمويل‭ ‬الميزانية‭ ‬يبلغ‭ ‬12‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬تونسي‭ (‬4.3‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي‭ ‬بما‭ ‬يمثل‭ ‬9‭.‬7‭ ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭). ‬وفي‭ ‬غياب‭ ‬مصادر‭ ‬بديلة‭ ‬للتمويل،‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬فجوة‭ ‬التمويل‭ ‬هذه‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المتأخرات‭ ‬ونقص‭ ‬الواردات‭ ‬وتراجع‭ ‬احتياطيات‭ ‬النقد‭ ‬الأجنبي‭. ‬ومن‭ ‬غير‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬قادرًا‭ ‬على‭ ‬سد‭ ‬هذه‭ ‬الفجوة‭ ‬الكبيرة‭ ‬بشكل‭ ‬مناسب‭. ‬

نشر بأسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 15 مارس 2022


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING