الشارع المغاربي – مُنظمة أمريكية: عُزوف شباب تونس دفع الجيش إلى "التعاقد" مع جنود

مُنظمة أمريكية: عُزوف شباب تونس دفع الجيش إلى “التعاقد” مع جنود

20 يوليو، 2018

الشارع المغاربي – منير السويسي : قال مركز البحوث الأمريكيكارنيغيإن العزوف الكبير للشباب التونسي عن أداء الخدمة العسكرية  أرغم الجيش على اللجوء إلى التعاقد مع الجنود. مما ألقى أعباء إضافية على ميزانيته الهزيلة أصلاًمقترحا اتباع إجراءاتصارمةلتقليلالعبء المالي الناجم عن توظيف جنود محترفين على أساس عقود سنوية، وإلزام الإناث بأداء الواجب الوطني.

وفي تقرير حديث بعنوانأمّة التهرّب من التجنيددعا المركز السلطات التونسية إلىاتخاذ خطوات معيّنة لمعالجة نظام التجنيد الإجباري المتصدّع في تونس“.

وقال المركز إنعجزالجيش التونسيعن فرض التجنيد على الشبّان،  أدى إلى تضاؤل ​​عدد المجنّدين، وانخفاض معنويات المسجّلين، ونقص عام في الجهوزية لدى الرتب الصغيرة“.

ولاحظ أنهناك فقط بضع مئات من الشبّان التونسيين يكلّفون أنفسهم عناء الخدمة (العسكرية) كلّ عام، وهي حقيقة مُقلقة حدّدها وزير الدفاع (عبد الكريم الزبيدي) عندما كشف عن التحاق 506 شبان فقط (بالجيش) من أصل أكثر من 31 ألفاً في عام 2017“.

وأشار إلى أنالتهرّب من التجنيد يحدث، على الرغم من أنّ عقوبته يمكن أن تتراوح بين السجن لمدّة ثلاثة أشهر وسنتين“.

وحسب وزارة الدفاع التونسية، هناك 200 ألف تونسي لديهم قضايا منشورة أمام القضاء العسكري بسببتخلّفهمعن أداء الواجب الوطني رغم تلقيهم دعوات في هذا الشأن من الوزارة.

وأضافالمركزأنما زاد الطين بلّة أنّ التمويل المقدّم من الحكومة التي تعاني من ضائقة مالية، أصبح أكثر صعوبة، مما حرم الجيش من الموارد اللازمة لمهمّات التجنيد والتدريب“.

ولفت إلى انه على الرغم من أنقانون الخدمة العسكرية الإلزامية أُقِرَّ في تونس منذ فترة طويلة، فإنّ تنفيذه الفعلي كان غير مكتمل وغير متّسق“.

وقاليعود عدم الاتساق في تطبيق التجنيد تاريخيا إلى أسباب عدّة. فتونس تتبنّى تقليديا سياسة خارجية مُحايدة، ساعيةً إلى النأي بنفسها عن المنافسات بين جارَيْها في الغرب الكبير منها، أي الجزائر والمغرب، وعن اضطراب جارتها في الشرق، ليبيا. وقد منح هذا الحياد الدولة الصغيرة نسبيا إحساسا بالأمان والاستقرار، وقلّص الحاجة إلى وجود جيش دائم مُكلّف وكبير“.

وذكّر بأن نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن عليتعمّد توسيع قوّات الأمن المرتبطة بوزارة الداخلية للحفاظ على أمن النظام، ما قلّل من دور القوّات المسلّحة وعددها“.

ولفت إلى أن الخدمة العسكرية أصبحت في عهد بن عليأداة للتقسيم الطبقي الاجتماعي والعقاب السياسي“.

وأضافففي حين كان التونسيون المنحدرون من المناطق الساحلية الأكثر ازدهارا نسبيا، ممثلّين بشكل غير متناسب في الرتب العليا من السلك العسكري، كان التونسيون الأفقر والأقل تعليما المنحدرون من المناطق الداخلية والجنوبية والجبلية يخدمون كمجنّدين، وتم أحياناً اعتقالهم في حملات مداهمةفي إشارة إلى ما يعرف بـالرافل“.

وعلاوةً على ذلك، اختير الشبّان المنشقّون (المعارضون للنظام) بشكل انتقائي ليخدموا كمجنّدين، كشكل من العقوبة المخفّفة” (“رجيم معتوقنموذجا).

  وأشار المركز إلى أن نظامالتعيينات الفرديةالذي أقرّه بن علي عمّق من عدم المساواة بين عموم التونسيين في أداء الخدمة العسكرية.

ويمكّن هذا النظام الشبان الذين يعملون في مهن حرّة أو موظفين بالقطاع العام من إجراء فترة تدريب أساسية مدّتها 21 يوما فقط  بإحدى ثكنات الجيش ثم دفعمساهمة مالية إلى صندوق الخدمة الوطنية تعادل نسبة من الحدّ الأدنى المضمون للأجور في البلاد“.

  مسؤوليات جديدة أمام الجيش

وتابع أنه بعد الإطاحة بنظام بن علي في 2011، وجد الجيش التونسي نفسه أماممسؤوليات جديدةوواجبات متزايدةمثل المشاركة في حفظ النظام العام وهي في الأصل مسؤولية قوات الأمن الداخلي، وحماية الحدود ومقاومة الهجرة غير الشرعية، مما أدى إلىإجهاده“.

ولاحظ مركزكارنيغيأن كل الحكومات المتعاقبة على تونس منذ 2011فشلت في تقديم حلّ دائملمشكلة عزوف الشباب عن أداء الخدمة العسكرية، وأن هذه المشكلة مازالت قائمة حتى مع تأكيد دستور 2014 على وجوب أداء الخدمة العسكرية.

وقاليتطلّب هذا المأزق تحرّكا فوريا وجذريا لتطوير مفهوم الخدمة العسكرية في البلادمؤكداالحاجة إلى نظام تجنيد يسمح بتوفير عدد كافٍ من الأفراد المدرّبين الذين يمكنهم تأمين الحدود التونسية“.

ودعاإلىإنشاء نظام صارم لتتبّع الشباب في سنّ التجنيد، وضمان مجيئهم للتقييم، وفرض عقوبات على المتهرّبين من الخدمة والفارّين منهاوعدم منح الإعفاءات من الخدمة العسكريةإلّا في حالات خاصة أو قصوى“. كما دعا إلىابتكار نظام سحب عشوائي (قُرعة) يضع ضوابط إيجابية لمستوى التعليم، والتمثيل الجهوي، وفرص التوظيفعند تجنيد الشباب.

لكنهأقربأنتطبيقذلكسيكونأمرامُكلفاً ويستغرق ردحاً طويلاً من الزمنوسيتطلّب إنشاء شبكة لوجستية واسعة تتضمن التنسيق مع البلديات والولايات ومراكز الشرطة المحلية“.

وتوقع أنيؤدي فرض قوانين التجنيد الصارمة إلى بروز معارضة سياسية واستياء اجتماعي في بلد ذي نظام تجنيد غير مرهق تاريخياوأن ذلك يتطلب من الجيشحشد أكبر قدر ممكن من الدعم السياسي في أوساط الأحزاب السياسية قبل تطبيق أي قانونجديد للتجنيد.

واعتبرأنإدراج المرأة في جمع المجنّدين لن يؤدي فقط إلى تحقيق المساواة بين الجنسين، بل سيضاعف أيضا على الفور عدد الجنود المؤهّلين“.

وتابعيمكن لنظام مماثل أن يعوّض العديد من أوجه القصور القائمة عن طريق توفير أعداد كافية من المجنّدين باستمرار، وإنفاذ الخدمة العسكرية بطريقة لا تنطوي على تمييز ولا تعتمد على عقوبة، “”لكن ما هو على المحك هنا هو أن فشل نظام مماثل سيقوّض فرصة بروز جيش تونسي أكثر جهوزية واحتراماً“.

  *رئيسمنتدى تونس للصحافة والمعلومات“.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING