الشارع المغاربي: اكّد أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ اليوم الاثنين 18 جانفي 2021 أنّه لا خرق للدستور في صورة عدم عرض رئيس الحكومة هشام المشيشي الوزراء الجدد على انظار البرلمان لنيل الثقة، مبرزا أنّ رئيس الحكومة غير مطالب بالالتزام بالنظام الداخلي للبرلمان.
وأوضح محفوظ خلال مداخلة له اليوم ببرنامج “ميدي ماد” على “راديو ماد” : ” جدل عرض الوزراء الجدد على التصويت ليس جديدا بل طرح منذ أوّل تحوير وزاري قام به رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد وكنتُ قد قدمت قراءة خاصة تتعلق باشكالية تشكيل الحكومة في ظلّ الدستور الجديد …طرح علينا هذا الدستور العديد من المشاكل وفرض علينا في كل مرة تقديم قراءة ولكن الممارسات تبدو رتيبة والازمة تتعمق في غياب المحكمة الدستورية التي تقدم لنا التأويل الرسمي لوضع حد لهذه الممارسات”.
وقال “الدستور لم يتحدث عن التحوير الوزاري… فقط النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب هو الذي تحدث عنه ولكن في محاولة لفهم مفهوم الحكومة مثلما طبقه دستور 27 جانفي 2014 فقد حاولنا المقارنة مع الانظمة المشابهة وقد طرح علينا ذلك اشكالا كبيرا لأنّ النظام السياسي التونسي منهجي واقتبس تقنيات من أنظمة متعددة وفي نهاية الامر جعل المسار معقدا وجعلنا نسقط في العديد من الاشكاليات”.
وتابع محفوظ ” الحكومة هي وحدة متضامنة وفي العديد من الانظمة البرلمانية تمّ التخلي حتى عن مسألة نيل الحكومة الثقة …في النظام الفرنسي مثلا يعرض الوزير الاول بعد تعيين اعضاء الحكومة برنامجا او يعلن السياسة العامة للحكومة ولكن مع ذلك فإنّ العديد من الوزراء لا يذهبون الى الجمعية العامة أو الى البرلمان لنيل الثقة وهذا لم يطرح اي اشكال دستوري لان الاشكال في النظام البرلماني يتعلق بسحب الثقة..يعني انه يتم تعيين الحكومة وبعد تعيينها كما لاحظتم في العديد من الانظمة تنطلق في الاشتغال من الغد واذا تبين أنّها لا تحظي بثقة البرلمان يمكن للبرلمان ان يسحب منها الثقة، بينما فرض الدستور التونسي على الحكومة الذهاب الى مجلس نواب الشعب لنيل الثقة ونيل الثقة طبق احكام الفصل 98 ليس على الترتيب”.
واشار محفوظ الى أنّ من يتمعن في الفصل المذكور يتبين أنّ التصويت على الثقة يُمنح على اساس البرنامج وهذا يعني أنّ المجلس تخلى عن رقابة تكوين الحكومة ، مضيفا ” وهذا معمول به ولا يهم لأنّ ما يهم التونسيات والتونسيين دائما هو البرنامج” مواصلا “ولكن مع كل اسف تمّ تحريف هذا المفهوم والانسياق نحو شخصنة الحكم والاهتمام بالاسماء والتفريط في البرنامج.. اي انه تم تهميش الجوهري وجوهرة الهامشي…هذا هو الاشكال …تطبيقات النظام السياسي التونسي الحالي تركز دائما على الاسماء ولا احد يتحدث عن البرنامج ومن هذا المنطلق فإنّ الدستور لم يفرض عند التحوير الوزاري عرض الحكومة على البرلمان لانه لم يتحدث عن ذلك لكنه مكن رئيس الحكومة من امكانية اقالة أحد أعضائها…صحيح ان الدستور لم يبين له ان من حقه اجراء تحوير وزاري ولكنه مكنه من الاقالة ويفهم من هذا أنّه مكّنه كذلك بشكل باطني من امكانية ادخال تعديل وتغيير وتحوير على التركيبة الوزارية ولكن التصويت على البرنامج يتم لمرة واحدة فقط على التركيبة ككل وتنتهي المسألة هنا… الاشكال أتى من النظام الداخلي للبرلمان”.
وأكّد ان الدستور لا ينص على عرض التحوير الوزاري على البرلمان لنيل الثقة، متابعا “الدستور غامض في عدد من بنوده ولا وجود لإجابات صريحة لهذه التساؤلات”.