الشارع المغاربي-كوثر زنطور: انتهى اجتماع مجلس شورى النهضة المنعقد في دورة استثنائية فجر اليوم الخميس 5 اوت 2021 بعد نقاشات تواصلت لاكثر من 12 ساعة لم تكن كافية للتوصل الى توافق بين شقين ، الاول يدعو للتهدئة والى توجيه رسائل مسؤولة والانخراط في مسار انقاذ وطني والبدء في مراجعات وشق ثاني يواصل سياسة الهروب الى الامام وينظر الى التطورات التي تعيش على وقعها البلاد كـ” مؤا مرة”.
والدورة الاستثنائية عُقدت تحت ضغط داخلي تجلى جزء منه في عريضة ” تصحيح المسار” التي تمثل مبادرة شباب حركة النهضة قال النائب اسامة الصغير انها تدعو القيادة الحالية للحركة الى تحمّل مسؤولية التّقصير في تحقيق مطالب الشّعب وتفهم حالة الاحتقان والغليان باعتبار عدم نجاعة خيارات الحزب السياسية والاقتصادية والاجتماعية وطريقة إدارتها التّحالفات والأزمات السياسيّة الى جانب المطالبة بحل المكتب التنفيذي “.
وقبل انعقاد الشورى جرت اجتماعات تنسيقية بين ” شقي الحركة” وحاول كل من موقعه التأثير في مخرجاته من خلال خروج قياداتها المكثف للاعلام منذ يوم 25 جويلية . ومن الحملات والحملات المضادة فُهم ان الاجتماع سيكون اجتماعا مفصليا بالنسبة لنهضة تعيش على وقع غضب شعبي وتغييرات سياسية كبرى استهدفتها رأسا وأخرجتها من الحكم .
وفي دورة يوم امس وككل دورات الشورى ، تكون كلمة رئيسها راشد الغنوشي محددة في النقاشات ومناخها العام . الجديد مقارنة بالدورات السابقة هو تسريب مقتطف صغير من هذه الكلمة من طرف القيادي سامي الطريقي وهو من فريق مستشاري”الشيخ” ومحسوب عليه . التسريب جاء في تدوينة ” ابرز فيها الطريقي ان رئيس الحركة راشد الغنوشي دعا خلال الاجتماع الى تحويل اجراءات يوم 25 جويلية الماضي المعلن عنها من طرف رئيس الجمهورية قيس سعيد الى فرصة للاصلاح وانه اكد على وجوب ان تكون مرحلة من مراحل التحول الديمقراطي”.
التدوينة تم تناقلها على نطاق واسع بالنظر الى انها تمثل تغييرا جذريا في موقف الحركة ورئيسها من احداث 25 جويلية اللذين كانا يعتبرانها انقلابا وخروجا عن الدستور . وعلم “الشارع المغاربي” ان اعضاء الشورى تلقوا التدوينة بانتقادات واسعة وصلت الى حد المطالبة بتجميد الطريقي في ما اختار القيادي رفيق عبد السلام تكذيب التدوينة بشكل رسمي مؤكدا عدم تسجيل اي تغيير في موقف النهضة وتمسكها بان ما حدث انقلاب.
ويقول قيادي من النهضة لـ” الشارع المغاربي” :” نقل سامي الطريقي لم يكن دقيقا.. الغنوشي قال حرفيا :”ما حصل يوم 25 جويلية مرحلة من مراحل التحول الديمقراطي” مبينا ان الغنوشي اعتبر ان التطورات الحاصلة ” امر عادي ويحدث في مسارات الانتقال الديمقراطي ” في اشارة الى محاولات الخروج عن الديمقراطية والعودة للنظام الاستبدادي .
ولفت القيادي الى ان الشجاعة غابت عن كلمة الغنوشي والى انه غلبت عليها في المقابل “الكليشيات المعتادة من قبيل الشعب لن يسلم في الديمقراطية والفترات الانتقالية تعرف هزات” مشددا على ان ” سطحية مداخلة الغنوشي وابتعادها عن اي تشخيص واقعي اكدا الانقسام وحالة الانكار ومنطق الحاكم لا يحاسب ” مبينا ان الغنوشي حاول توجيه الاجتماع نحو ” هروب الى الامام” و” تنصل تام من مسؤولية الحركة في الوصول الى يوم 25 جويلية”.
وخلال النقاشات دافعت المجموعة الاولى التي تضم اساسا ” معارضي الغنوشي” والمعروفين اعلاميا بمجموعة الـ100 وانضافت اليها مجموعة الشباب وبعض من القيادات التي حاولت “الركوب على الحدث والتنصل من الاصطفاف السابق لـ”جماعة الشيخ” على غرار يمينة الزغلامي ، عن عدم التصعيد والتحلي بالشجاعة والمسؤولية في التقييم عبر “تشخيص واقعي “.
وطالبت هذه المجموعة باستقالة رئيس مجلس الشورى عبد الكريم الهاروني و”جماعته” محملة اياه مسؤولية ” ضرب صورة النهضة ومناضليها” واخراجها في ثوب الانتهازية والباحثة عن ” تعويضات” في قلب ازمة صحية ومالية خانقة . طلب رد عليه الهاروني بالرفض التام مؤكدا انه ” لن يستقيل” وانه ” تم تحريف تصريحاته”وتوظيفها في ” اطار حملة ممنهجة”.
رفض الهاروني الاستقالة وطريقة تعاطيه مع الاصوات الداعية لانسحابه زادا من توتير الاجواء لاسيما بعد الاختلاف العميق حول تشخصي احداث 25 جويلية ، يقول مصدر محسوب على الغنوشي ان ” الانكار تهمة جميلة مقارنة بشبهة التواطئ ” مبرزا ان ” هناك قيادات انخرطت في اجندة لضرب النهضة من داخلها لتسهيل تمرير الانقلاب وانها موعودة بان تكون موجودة في مشهد ما بعد 25 جويلية “.
وشدد على ان مهندس التطورات ليس ” الشعب” وان ” اطرافا خارجية معلومة تقف وراءها ” وان ” قيادية من النهضة قدمت تدوينات بتواريخ قبل 25 جويلية بينت ان هناك اطرافا اقليمية كانت على علم بما سيحدث ” مستعرضا اشارات اخرى يصفها هو بالادلة ويقول انها قدمت في اجتماع الشورى على غرار ” حشد فايسبوكي مشبوه ” وظهور صفحات قبل ايام من احتجاجات 25 جويلية مبينا ان هناك اقرارا في المقابل ” بالفشل في المحورين الاقتصادي والاجتماعي” وان ” النهضة مستعدة لتحمل مسؤولية هذا الفشل”.
وبالعودة الى مطالب المجموعة الاولى فقد دعت ايضا الى “استقالة القيادي نور الدين البحيري والمحسوبين عليه” والى ” اصدار قرارات بخصوص التدوينات والتصريحات التي اضرت بعلاقة النهضة برئيس الجمهورية قيس سعيد” والامر كان موجها بالتحديد للقيادي رفيق عبد السلام الذي يعد من اكثر القيادات التي ” انتقدت سعيد بشكل عدائي وحتى عدواني” .
ودعت المجموعة راشد الغنوشي الى الابتعاد عن ” سلطة القرار داخل النهضة” والى حل المكتب التنفيذي والى السعي حتى تتحول الحركة الى ” عنصر فاعل في عملية الانقاذ الوطني” وتكون طرفا في “حماية المؤسسات الديمقراطية والتعاطي بايجابية مع التطورات بما يُمكن من استعادة مسار الانتقال الديمقراطي ” عبر ” خطوات في الداخل بتحميل المسؤوليات والاعتذار ” وتجنب اي ” دعوات للمواجهة ” .
في المقابل تمسكت المجموعة المحسوبة على الغنوشي او ” النهضة الرسمية” بسياسة الهروب الى الامام ، والعبارة لعضو من مجلس الشورى الذي قال ان ” التشخيص الواقعي غاب وحل مكانه حديث عن مؤامرات دولية لابعاد النهضة من الحكم عبر انقلاب ” مبرز ان الرد على الدعوات المقدمة للاصلاح من الداخل ولبلورة رؤية وطنية للتعاطي مع التطورات الحاصلة قُوبلت بما اسماه ” التهديد والوعيد وبخطاب عنيف وحتى التكفير” .
وقال عضو اخر من المجلس لـ” الشارع المغاربي” ان ” الرد على دعوات الاصلاح كانا بخطاب الحركة في سبعينات القرن الماضي .( الجماعة الاسلامية ) . سمعنا التولّي يوم الزحف وتأكيدات على وجوبية الصمود امام الانقلاب وان الانقلاب يترنح” .
وتقديم التعاطي مع التطوات الحاصلة بمنظور شرعي وتقديم مواجهة ” الانقلاب” وكأنها جهاد والمرور حتى لتكفير رافضي حالة الانكار والتنكيل بهم واهانتهم والحديث عنهم كانهم هربوا من ساحة القتال وتصرفوا بجبن وخنوع امام واجب ديني وهو ” الصمود امام الانقلاب” قد يكون وراء الانسحابات التي عرفها الاجتماع والتي فاقت الـ25 انسحابا اثنان منها كانا معلنين وهما انسحاب جميلة الكسيكسي ويمينة الزغلامي.
ورغم الانسحابات والانقسام الداخلي تواصل الاجتماع بنفس منطق المغالبة وتم اسقاط طلب حل المكتب التنفيذي في تصويت تم دون حضور اكثر من 30 عضوا ومع بداية تأكد وجود شقين في النهضة باتا خطين متوازين لا يلتقيان .
ومن المنتظر ان تشهد الساعات القادمة صدور قرارات منها استقالات من المكتب التنفيذي مع رفض عدد من القيادات عضوية في خلية الازمة التي تم تشكيلها حتى لا يتحولوا الى “مجرد ديكور” .