الشارغ المغاربي – حمزة الحسناوي : نشرت صفحة مقهى الشرطة “Café Police” بموقع “فايسبوك”، اليوم الثلاثاء 18 أفريل 2018، صورا لفتاة أصيلة معتمدية السبيخة من ولاية القيروان تُدعى “رحاب” وهي بصدد العمل في حضيرة بناء، معتبرة إياها مثالا يُحتذى للشباب المثابر في تونس، في حين يختار الآلاف من العاطلين عن العمل قضاء ساعات النّهار في المقاهي.
رحاب لها من العمر 21 ربيعا، أظهرتها الصور وهي تقوم بعملها المضني، وقد غطّت رأسها بقبّعة لتَقيه حرّ الشمس، متناسيةً نظرة الاستصغار القروسطيّة التي ترى في المرأة كائنا ضعيفا لا يُجيد الأعمال “الشاقة والمتعبة”. تحدّت رحاب واقع الفقر والخصاصة، ديدنها في ذلك أنّ “خدمة النهار ما فيها عار” وأنّ كلّ عمل يضمن الكرامة أفضل بكثير من الجلوس في المقاهي أو المكوث في البيت في انتظار غيث من خبز يأتي من السّماء كحال الآلاف من شباب هذه البلاد.
بدتْ رحاب في إحدى الصّور ترفع سطل الإسمنت أو “البغلي” عاليًا عُلوّ هامتها وشموخ نفسها العزيزة.. أبتْ الاستكانة إلى واقع الحرمان المرير والاستسلام للمنظور الدوني السائد للمرأة، فقد أثبت أنّها لا تقلّ عن ذكور مهنة البناء قوّة وصلابة، فواجهت الحياة بملء الشجاعة، رافضة أن تنزوي في البيت مثلما قد يُرادُ لها…
وضعيّة رحاب هي صورة مصغّرة عن معاناة أحاط بها أولي أمر هذه البلاد المناطق الدّاخلية المهمّشة في تونس منذ عقود، وهي أوضاع لا تزال للأسف مستمرّة إلى حدّ اليوم حتّى بعد “ثورة الحريّة والكرامة”. رحاب مثال للتحدّي والرغبة في الحياة وفي حفظ الكرامة وصونها، ومثال للمرأة التونسية المناضلة التي لا حدّ لطموحها ولما تقّدمه من أجل غدها الأفضل.