الشارع المغاربي-كريمة السعداوي:رصد تقرير محكمة المحاسبات الصادر يوم 12 اوت الجاري حول غلق ميزانية الدولة لسنة 2020 أنّ الديون المتبقية للاستخلاص والمدرجة بحسابات المحاسبين العموميين بلغت مع موفى السنة ما قيمته 15.265,452 مليار دينار وذلك دون اعتبار الديون المثقّلة بقباضات الدّيوانة مقابل 11.319,792 مليار دينار في التصرّف السّابق.
ويستوجب، حسب التقرير الرقابي، حسن الاستعداد لاعتماد المحاسبة ذات القيد المزدوج تطهير هذه البقايا للاستخلاص واعتماد نظام معلوماتي يساعد على تحسين جودة المعلومة المالية حتى تعكس بصورة دقيقة وأمينة الوضعية المالية للدولة.
كما جددت محكمة المحاسبات توصيتها بخصوص ضرورة معالجة المبالغ المتبقية للاستخلاص بحسابات المحاسبين العموميين بهدف تصنيفها حسب درجة احتمال استخلاصها حتى يتم عند الاقتضاء تكوين مدخرات في شأنها.
وتواصل، وفقا للتقرير، في سنة 2020 إصدار قانون مالية تعديلي في موفى السّنة. وتمثلت أهمّ المستجدّات التي استوجبت اعتماد هذا القانون حسب التقرير حول ميزانية الدولة لسنة 2021 في تفشي جائحة فيروس كوفيد – 19 منذ بداية السّنة وما كان لها من تداعيات سلبية على المستوى الصحي والاقتصادي والاجتماعي ممّا أدّى إلى اختلال التوازنات المالية باعتبار النقص في الموارد والزيادة في النفقات ليبلغ العجز المنتظر لسنة 2020 حوالي 13.4 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 3 بالمائة مقدرة أوليا.
وتمت الإشارة، في هذا الإطار، الى ان اللجوء المكثف إلى قوانين مالية تعديلية خلال السنوات الأخيرة علاوة على توقيت إصدارها في آخر كل سنة حتى تأخذ بعين الاعتبار الانجازات الفعليّة خلال السّنة الماليّة لا يضمن التقيد بمبدأ المصداقية الذي كرّسه القانون الأساسي للميزانية في الفصل 8 منه والذي يقتضي عدم التقليل أو التضخيم في التكاليف والموارد المضمّنة بقانون الماليّة. كما من شأن التصرّف على هذا النحو أن يحدّ من شفافيّة المعطيات والفرضيّات المقدّمة للسّلطة التشريعيّة للمصادقة عليها.
يذكر ان محكمة المحاسبات كانت قد لاحظت في تقريرها السنوي الثاني والثلاثين والصادر في فيفري 2021 انه لم يتمّ إعداد مخطط على المدى الطويل في مجال استخلاص الديون المثقلة ولم يتمّ تحديد الأولويات في الغرض بالنظر إلى كلفة الاستخلاص. وذكر التقرير ان ذلك ساهم في ضعف نسبة الاستخلاص وتراكم بقايا الديون غير المستخلصة وأنه لم يتم تحقيق الأهداف المتعلقة باستخلاص الديون الجبائية المثقلة في العديد من الحالات التي وجهت في سياقها رسائل مهام لعدد من القباضات فضلا عن عدم تفعيل اللجنة المركزية للاستخلاص.
وبالإضافة إلى ذلك ذكر التقرير أن بعض القباض لم يتولوا القيام بأعمال التتبّع المستوجبة. وعلى صعيد آخر، أدى عدم تفعيل إجراءات التتبع إلى إمكانية سقوط عدد كبير من الفصول بالتقادم بمبالغ هامة بقباضات مالية. واوصت محكمة المحاسبات مصالح وزارة المالية بالتسريع في استخلاص مستحقّات الدّولة خاصة أنّ من شأن عدم القيام بأعمال تتبع في خصوص بعض الأصناف من الديون لفترات طويلة أن يقلّص من احتمال استخلاصها إضافة إلى تراجع قيمة ممتلكات المدين التي من الممكن التنفيذ عليها.
كما لاحظت المحكمة ان النظام المعلوماتي المعتمد يشكو من العديد من النقائص أهمها افتقاره إلى آليات الرقابة العامة عند إدراج تواريخ غير منطقية وعدم تمكينها من استخراج قائمات تلخيصية لأعمال التتبع ولوحات قيادة حول نشاط القباضة في مادة التصرف في الديون المثقلة. كما أنه لا يمكّن من توزيع أعمال التتبع حسب طبيعة الديون المثقلة إن كانت جبائية أو غير جبائية ولا يسمح بإدراج جميع أعمال التتبع الصادرة عن مصالح الاستخلاص على غرار ترسيم الامتياز وبقية أعمال الاستقصاء التي يقوم بها القابض في خصوص الديون.
نشر بأسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 29 اوت 2023