الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: تعتزم وزارة التجارة وتنمية الصادرات بالشراكة مع وزارتي الصحة والصناعة والمناجم والطاقة حسب بلاغ أصدرته في 9 أكتوبر الجاري اعتماد نظام مراقبة مسبقة على عمليات توريد عدد من المنتجات مع فرض توريدها بصفة مباشرة من المصنع المنتج لها ببلد التصدير، وذلك وفق وثيقة ضبطت قائمة في هذه المواد. ومن المنتظر دخول نظام التوريد الجديد ابتداء من 17 اكتوبر الجاري.
وحسب البلاغ يجب على المورد الاستظهار بفاتورة تحمل تأشيرة الهياكل المختصة لوزارتي التجارة والصناعة والطاقة والمناجم والهيئة الوطنية للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية الى جانب وجوب استظهار المورد للحصول على التأشيرة بمجموعة اخرى من الوثائق.
ومن بين المواد التي من المنتظر أن تخضع لهذا الاجراء مكيفات الهواء والثلاجات وغسالات الملابس والأفران والمطابخ والمواقد ومجففات الشعر ومستحضرات الشعر والعطورات ومياه ومواد التجميل أو الزينة والملابس الداخلية للرجال والنساء والأطفال واصناف أخرى من المواد التي تصنف ككماليات.
ومن المنتظر أن تستثنى من هذه الإجراءات واردات الدولة والمؤسسات والمنشآت العمومية والجماعات المحلية العمومية والواردات المنتفعة بإجراءات جبائية على غرار واردات السفارات والمؤسسات الناشطة تحت أنظمة توقيفية.
غير ان اجبار الموردين على التعامل مباشرة مع المصنع الدولي ومنعهم من المرور بالوكلاء المعتمدين، يحرم التجار الصغار والمتوسطين من التعاملات وفق مذكرة نشرتها مؤخرا منظمة ألرت (alerte) باعتبار ان المصنعين الدوليين يشترطون تزويد حرفائهم بكميات كبيرة للغاية من السلع لا تقل عن مئات او الاف الوحدات لا تقدر على شرائها هذه الفئة من التجار خاصة في ما يتعلق بالتجهيزات والتجهيزات الكهرومنزلية.
واعتبرت المنظمة ان هذا الاجراء يسهل نشاط المحتكرين فضلا عن تقليص الكميات الموردة نظرا لعجز السوق عن استيعابها بتعلة انها كمالية وهي التي يستعملها التونسيون منذ عقود طوال كمنتجات معيشية اعتيادية.
من جانبها اصدرت منظّمة الأعراف بصفاقس، يوم أمس الاثنين 10 أكتوبر 2022 بيانا، أوضح أنّ من شأن مثل هذا الإجراء (المراقبة المسبقة) أن يدخل المورّدين في سلسلة طويلة ومرهقة من الإجراءات التي قد تدفعهم إلى العزوف تماما عن التوريد بمّا سيؤدّي وفق تقديرها، إلى فقدان مواطن شغل وايقاف الإنتاج، في وقت تسعى المؤسّسات لتطويره للخروج من تداعيات أزمة كورونا ومواجهة الأزمة العالميّة الحاليّة.
كما ابرزت أنّ “هذا الاجراء قد يبدو في ظاهره حرصا على الصحة العامّة وعلى جودة المواد المستوردة وحفاظا على موارد الدولة من العملة الصعبة” مضيفة انه “وان كان منطقيا في حالة توريد مواد استهلاكية لها نظيرتها التونسية، فإنّه في المقابل وبالنسبة للمواد غير المصنعة محليا سيؤثّر سلبا على النشاط الاقتصادي لا فقط للشركات التجارية، بل كذلك للمؤسّسات الصناعية والحرفية ويصب بالتالي في خدمة الاقتصاد الموازي والمضاربة والتجارة غير المشروعة والتهريب” وفق ما ورد في البيان.
وقالت المنظمة في ذات السياق: “نرجو أن يكون هذا الإجراء (المراقبة المسبقة) مجرّد اقتراح مطروح للتمعن فيه بالاشتراك مع المعنيين بالتوريد عبر هياكلهم الرسمية وفي مقدّمتها الاتّحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية”.
ويأتي القرار الوزاري المشترك للحد من توريد الكماليات أيامًا قليلة بعد ان اكد رئيس الجمهورية قيس سعيّد في 26 سبتمبر الفارط على “ضرورة الضغط على توريد المواد الكمالية للحد من اختلال الميزان التجاري مع عدد من البلدان التي تضر بالمالية العمومية ولا تنتفع بها إلا الجهات المصدرة” وفق تقديره.
وشدد سعيد على اهمية الحد من توريد “طعام الحيوانات الأهلية ومواد التجميل والعطور الأجنبية” كحلّ لـ”الحد من اختلال الميزان التجاري مع عدد من البلدان” مما أثار استغراب العديد من الأطراف الفاعلة اقتصاديا في خصوص فاعلية هذا التمشي لمعالجة العجز التجاري الذي بلغ في اوت الفارط 16.9 مليار دينار.