الشارع المغاربي – هل وَظَّفَ "الحْمَادِي" اتحاد الكتّاب لخدمة مصالحه ؟

هل وَظَّفَ “الحْمَادِي” اتحاد الكتّاب لخدمة مصالحه ؟

5 سبتمبر، 2018

 الشارع المغاربي – عواطف البلدي: بعد غياب – نجهل أسبابه- خرج علينا رئيس اتحاد الكتاب التونسيين صلاح الدّين الحمادي بصيحة فزع لا نعرف إلاّ أسبابها الظاهرة، وهي تلك التي قدّمها في احد تصريحاته مؤخّرا، حول ما وصفه بـ”إهانة الكتّاب” بسبب تغييب الاتحاد عن المعرض الوطني للكتاب الذي سينتظم في شهر أكتوبر المقبل بمدينة الثقافة.. أسباب بدت منطقية وواضحة للعيان في قراءة أولى، ولكنها تخفي وراءها “خفايا” أخرى سنخّصها بالتحليل والتساؤل في هذه الورقة مستنيرين في ذلك ببعض أراء المختصين من قطاعي الكتاب والنشر..

طالعتنا بعض وسائل الإعلام مؤخرا بتصريحات “نارية” منسوبة لرئيس “اتحاد الكتاب التونسيين” أعلن فيها أنّ “اتحاده”: “لن يصمت مستقبلا عن اهانة الكتاب”. وتمثلت هذه” الاهانة” حسب تعبيره في “ابعاد الاتحاد عن تنظيم المعرض الوطني للكتاب التونسي الذي ستحتضنه مدينة الثقافة خلال شهر أكتوبر والذي تمّ تعيين الدكتور منصور مهني مديرا له دون استشارة الاتحاد ولا تشريكه في الهيئة المشرفة على تنظيم هذا المعرض…” مقدّمة انطلق بها عضو رابطة الكتاب الأحرار شكري لطيف في حديثه معنا حول موقف الحمادي المتكلم باسم الكتاب في صيغة الجمع والحال أن الاتحاد لا يضم إلا جزءا منهم..

أساليب انتهازية

عضو رابطة الكتّاب الأحرار شكري لطيف انتقد تصريح الحمادي قائلا “يهمّنا في رابطة الكتاب الأحرار أن نُشدّد بداية، على انه ليس مُخوّلا لرئيس اتحاد الكتّاب التحدث باسم الكتّاب التونسيين “بل عليه التحدث حصريا باسم منظوريه دون غيرهم من الكتّاب الذين يعتبرون أنه لا يحمل أية صفة لتمثيلهم ومجرّد ادعاء التحدّث باسمهم، كما يهمّنا من ناحية ثانية التذكير بأن عددا من الكتاب التونسيين أسّسوا منذ تاريخ 13 جويلية 2001 رابطة الكتاب التونسيين الأحرار بصفتها جمعية بديلة ومغايرة لما آل إليه اتحاد الكتاب التونسيين من تدحرج إلى خلية وشعبة من شعب التجمع الدستوري الديمقراطي والى بوق دعاية للدكتاتور بن علي لتبييض ساحته وممارساته القمعية من صنصرة ومصادرة وتقييد وخنق حرية الإبداع والتعبير. وكان مقابل ذلك، إغداق بن علي وأجهزته الرسمية على “اتحاد الكتاب التونسيين” المُخبرين العطايا والامتيازات المادية الطائلة والنياشين والمنح و المقرّ…”.

وتابع لطيف “من المضحك أن يعلن رئيس الاتحاد انه ” لن يصمت مستقبلا عن اهانة الكتاب” دون أن يذكر للرأي العام لماذا؟ فهل يمكن لفاقد الشيء أن يُعطيه ؟. !!!!! صمت عن ذلك ماضيا وحاضرا؟ ومن المخجل أن يتمادى القائمون على هذا الهيكل في إعادة إنتاج نفس الأساليب الانتهازية الممجوجة بالصّمت عندما تُغدق عليهم السلطة الحاكمة العطايا والمناصب و الاستشارات والمشاركات ، وبالصراخ والعويل فقط حين تسحب منهم بعض الامتيازات”.

وذكّر لطيف بالأهداف التي بعثت من اجلها رابطة الكتاب الأحرار بقوله إنّ “الرابطة بقيت وستبقي مناضلة لكي يبقى المثقف والكاتب مرفوع الرأس حرّا، له مكانته و دوره الرمزي والفاعل في مجتمعه. وهي مصرّة على البقاء رغم مؤشرات وعلامات الإقصاء وعدم تمكينها من التّمويل العمومي ومن مقرّ لها على غرار ما يتوفّر لغيرها. وهي لا تربط علاقتها مع السلطة بأساليب “المتاجرة ” و”البيع و الشراء” و بمقدار ما “تجُودُ” به من مصالح وامتيازات خاصة وظرفية”.

مكاسب مهدّدة !

توجّهنا بالسؤال إلى رئيس اتحاد الكتاب صلاح الدين الحمادي حول غياب موقف الاتحاد مما يطال المثقّفين من”اهانة” فعلية عند التعبير عن آرائهم في قضايا حارقة كمسألة الهويات والحريات الفردية والمساواة فقال “أنا مانيش شمس باش نزرق على الناس الكل ولم يتلقّ الاتحاد اية شكوى من الكتّاب..”. ونتساءل هنا عن نوع “الاهانة” التي تحدّث عنها الحمادي ومدى علاقة الكتّاب بالمعرض الوطني للكتاب الذي سيرأسه منصور مهنّي إذا علمنا انه سينتظم خصّيصا للناشرين التونسيين الا اذا كان رئيس اتحاد الكتاب قد اغتاظ من تغييبه عن المعرض بصفته ناشرا لا ممثلا عن الكتّاب؟ كما تجدر الاشارة الى ان رئيس الاتحاد امتنع عن الاجابة على سؤالين اعتبرهما بنفسه وعلى حد تعبيره ” محيّران” هما : ” 1- عبتم على وزير الشؤون الثقافية إقصاءكم من هيئة تنظيم معرض الكتاب المرتقب، الذي سينعقد بمدينة الثقافة، هل انكم باعتبار انخراطكم بصفتكم عضوا ناشطا في اتحاد الناشرين تعتبرون إنكم غير ممثلين في الهيئة المشرفة على تنظيم هذه التظاهرة؟ 2- تذمّرتم من عدم استقبال رئيس الدّولة الهيئة المديرة لاتحادكم ، هل يعني هذا انكم تخليتم عن مبدأ النأي بالاتحاد عن كل توظيف سياسي ممكن (خاصة ان صورة الاتحاد اهتزت جرّاء صلة بعض القائمين عليه بأجهزة النظام الحاكم طيلة فترة ما قبل الثورة، الأمر الذي حدا ببعض زملائكم إلى تأسيس هيكل مواز، شددوا في تسميته على كلمة “الاحرار”؟… مؤجّلا ردّه إلى اجل غير معلوم، مُؤْثرا الصّيغة الحوارية المباشرة بعد ان طلب منا صياغة أسئلتنا كتابيّا وتوجيهها له قصد الرد عليها وهو أمر غير معتاد لدى جميع من حاورناهم ولا ينمّ الاّ عن إرادة تفصّ من مسؤولية وتبعات الأجوبة.

من جهته قال أحد الناشرين الذي رفض كشف اسمه إنّ “رئيس اتّحاد الكتّاب يريد الاستئثار بجميع مفاصل صناعة الكِتاب بعد أن بسط نفوذه على هيئات حقوق التأليف ونصّب نفسه ناشرا، وبعدما أصبح من اكبر المستفيدين من منظومة دعم الدّولة لقطاع النشر، ها هو يخطّط للاستحواذ على آخر حلقة من صناعة الكتاب، أي التوزيع، وذلك بنيّة وضع اليد على معارض الكتاب، باعتبار انّه أضحى طرفًا بارزًا في المعرض الدّولي، ومن اكبر المستفيدين من برنامج دعم الوزارة لهذا المعرض سواء على مستوى الجوائز أو على مستوى الاستفادة من المردود المادي لبرنامج المعرض الثقافي”. وتابع الناشر: “لو وقف الأمر عند هذين الحدّين، أعني: إرادة رئيس الاتّحاد المعلنة والمتّصلة ببسط نفوذه على مجاليْ النّشر والتّوزيع من جهة، وتحقيق مكاسب لنفسه ولبطانته من جهة أخرى لهان الأمر، لكنّ طموحاته تجاوزت هذا المستوى لتطال المجال السّياسي، حيث تذمّر من عدم فتح أبواب قصر قرطاج أمام شخصه وصفته، ملوّحا بإمكانية تقاطع صلاحيّاته بتلك المُناطة بعهدة رئيس الدّولة. ولمّا كانت هذه الأخيرة تتمحْور أساسًا، على حدّ روح ونصّ دستور البلاد لسنة 2014، حول الامن القومي من جهة وعلاقات الدّولة التّونسيّة الخارجيّة من جهة أخرى، فقد أضحى من المشروع لنا التّساؤل عن وجه ومغزى هذا التّقاطع المُفْتَرَض بين صلاحيّات رئيس اتّحاد الكتاب المُحترَم ورئيس الجمهورية؟”.

ولنا أن نتساءل بدورنا عن الاسباب الحقيقيّة التي حدت بالحْمَادي الى الادلاء بهذا التّصريح الاشبه ببيان شديد اللّهجة بتلك الصيغة أي بخلط مستويات طرح متباينة في حد ذاتها ومنفصلة بعضها عن البعض الاخر، كأن يمرّ من مجرد طرح شواغل قطاعية خاصة بالكتّاب في ظاهر الامر على الأقل، أي “اهانة الكتّاب” و”اقصاء اتحاد الكتاب” من تنظيم معرض مخصص أصلا للناشرين، الى تناول مسائل سياسية لا تمت للقضية التي طرحها أصلا، أي الامتعاض من عدم تخصيص رئيس الدّولة حيّزًا زمانيّا من وقته لمقابلة رئيس اتّحاد الكتّاب التّونسيّين والتّباحث معه في شؤون البلاد والعباد، فهل استحال الاتّحاد إلى طرفا سياسيّا في غفلة من منخرطيه؟


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING