الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: بحجة تطوير انتاج الزراعات الكبرى وتجميع أكثر ما يمكن من الحبوب قصد التّقليص في الواردات وتعزيز الأمن الغذائي، اعلمت يوم أمس الأربعاء 6 مارس 2022 وزارتا الفلاحة والموارد المائيّة والصّيد البحري والتّجارة وتنمية الصّادرات أنّه تقرّر اتخاذ جملة من الاجراءات تتمثّل في الترفيع في أسعار الحبوب المحليّة لصابة 2022 وذلك بالزيادة في الأسعار الجملية للقمح الصّلب الى 130 دينارا للقنطار وأسعار القمح الّين الى 100 دينار للقنطار وأسعار الشّعير والتّريتيكال الى 80 دينارا للقنطار.
وتم التأكيد على انه يتعين لتحسين انتاجيّة موسم الزراعات الكبرى 2021 – 2022، مواصلة العناية بالزّراعات وتوفير أحسن الظّروف للحصاد والتّجميع، بالتوازي مع استكمال القسط الأخير من السماد للزراعات التّي مازالت في طور النّمو ولم تبلغ مرحلة التّسبيل، ومتابعة الحالة الصحيّة للزراعات والتّدخّل عند ظهور الأمراض الفطريّة اضافة الى التّقليص في نسبة ضياع المحصول على جميع المراحل من الحصاد والنّقل والتّجميع.
وستعمل كلّ الوزارات والأطراف المعنيّة، وفق ما ورد في بلاغها، على وضع خطّة متكاملة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب ابتداء من الموسم القادم وهو ما يشكل مغالطة فادحة باعتبار ان تونس غير امنة غذائيا بشكل شبه كامل في ما يتعلق بمنظومة الحبوب نتيجة استيراد جل احتياجاتها ومن غير المعقول تدارك الامر في موسم واحد سيما ان المسألة تتعلق بإشكاليات هيكلية ترجع الى بداية القرن العشرين.
في المقابل، يهدد منتجو الحبوب بعدم تمكين السلط من محاصيلهم للعام الحالي وذلك بسبب التدني الكبير لأسعار بيع المنتوج المحلي مقارنة بكلفة القمح المورد لأسباب تخص اساسا مصالح الدوائر المتنفذة والمتحكمة في توريد وتصنيع هذا المنتوج الحيوي في سياق احتكاري محض.
ويبرز المنتجون أنّ عدم تسليم المحاصيل للسلط ممكن عبر استخدامها كأعلاف او تسويقها بشكل مباشر مما يمكن الفلاحين من ضمان الحد الادنى من المردودية التي تحميهم من الاندثار لصالح المصنعين في ظل صمت مريب من وزارتي الفلاحة والتجارة على وجه التحديد.
للإشارة فان متوسط سعر شراء القمح الصلب المورد الذي اعتمده ديوان الحبوب يقدر بنحو 190 ديناراً للقنطار تضاف اليها تكاليف الشحن في حين يقتني الديوان القمح من الفلاحين بما يعادل 84 ديناراً للقنطار في المعدل، وهو ما لا يغطي حتى كلفة الانتاج. وتبدو الزيادة الاخيرة في اسعار شراء القمح من المنتج التونسي كأنها في صالحه ولتحفيزه ولكن هذا السعر اصبح لا يمثل شيئا تقريبا مقارنة بأسعار التوريد التي بلغت مستويات قياسية مع توقع تواصل ارتفاعها على المديين القصير والمتوسط.
وكان معدل سعر شراء القمح اللين قبل اندلاع الصراع بين روسيا واوكرانيا في 24 فيفري الفارط بين 110 و120 ديناراً، في حين ناهزت قيمة سعر القنطار بعد اندلاع الصراع 150 ديناراً للقنطار تضاف اليها اعباء الشحن والتوصيل ولا يتجاوز سعر شراء المنتوج من الفلاح التونسي 64 ديناراً فقط. وكان عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الفلاحة والصيد البحري محمد رجايبة قد صرح، في هذا الصدد، ان ديوان الحبوب يشتري القمح من السوق العالمية بـ400 دولار (1180 دينارا) للطن وانه يشتري المنتج المحلي بـ870 ديناراً، مقدرا أنّ السياسة الفلاحية الراهنة تدعم التوريد على حساب المنتوج المحلي، وانه ينجر عن ضعف الأسعار وفقا لتقييمه تعجيز الفلاح وفقدان الحبوب في مسالك الترويج الموازية أو تهريبها.
يذكر ان اتحاد المصارف العربية كان قد ابرز مؤخرا في تقرير أصدره تحت عنوان تأثير “الازمة الروسية-الأوكرانية على الامن الغذائي العربي” انه مع اندلاع الحرب الروسية-الأوكرانية، وفرض عقوبات متزايدة وشديدة من قبل الدول الغربية على روسيا، واحتمال توقف صادرات هاتين الدولتين الى الخارج لفترة قد تطول، ومنها صادرات الحبوب، تزايدت المخاوف من تداعيات تلك الازمة على الامن الغذائي في الدول العربية تحديدا بسبب اعتماد عدد كبير من تلك الدول وبشكل كبير جداً، على واردات الحبوب من كل من أوكرانيا وروسيا.
وأوضح التقرير انه وعلى صعيد كل دولة، فقد احتلت مصر المرتبة الأولى عالميا في استيراد كل من القمح الروسي والأوكراني، حيث استوردت نحو 8255 ألف طن من القمح الروسي ونحو 3075 ألف طن من القمح الأوكراني عام 2020. وقد تلا مصر من حيث حجم استيراد القمح من روسيا وأوكرانيا، اليمن، بمجمل واردات بلغت نحو 1504 ألاف طن، فالسودان بواقع 1443 ألف طن، فالمغرب (1379 ألف طن) ثم تونس بما يعادل 1095 ألف طن. كما استوردت تونس سنة 2020 نحو 507.6 ألاف طن من الذرة من أوكرانيا بما يجعلها في المرتبة الثالثة عربيا، على هذا الصعيد.
ولا تفصح السلط التونسية سيما ديوان الحبوب او وزارة التجارة او غيرها من الهياكل المعنية عن أية بيانات مفصلة تتعلق بواردات البلاد من الغذاء ومصادرها ويتم الإفصاح بشكل خاص عن مناقصات لشراء تونس الحبوب من قبل وكالات الانباء العالمية حصرا.