الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: وفقا للمعطيات المنشورة يوم أمس الاثنين 8 ماي الجاري بموقع البنك المركزي التونسي، ناهزت قيمة تحويلات التونسيين المقيمين بالخارج نهاية أفريل الفارط 2530 مليون دينار مقابل 2382.1 مليون دينار خلال نفس الفترة من العام السابق مما يعني تسجيل زيادة بقيمة 147.9 مليون دينار. كما تكشف بيانات مؤسسة الإصدار ارتفاع عائدات السياحة بقيمة 481.5 مليون دينار لتبلغ اجمالا 1297.7 مليون دينار. وبذلك تتفوق قيمة تحويلات التونسيين بالخارج على عائدات القطاع السياحي بنسبة 95 بالمائة مما يعكس أهمية هذه المداخيل التي أصبحت تمثل المصدر الأول للعملة الأجنبية للبلاد.
وتُبرز المؤشرات المالية ان هذه التحويلات تمثّل نحو 11.6 بالمائة من احتياطي النقد فضلا عن كونها غطت تقريبا بالكامل (91 بالمائة) خدمة الدين الخارجي والتي وصلت نهاية افريل المنقضي الى 2786.6 مليون دينار. ومن الوارد ان تزداد أهمية التحويلات النقدية في الفترة القريبة القادمة وذلك بسبب ما يشهده سعر صرف الدينار من استقرار نسبي لا سيما مقارنة بالاورو (-1.80 بالمائة) علما ان العملة الوطنية سجلت منذ بداية العام الحالي تقلّصا امام الدولار الأمريكي بنسبة 3.55 بالمائة.
وبدا تأثير مساهمة التونسيين المقيمين في المهجر منذ سنة 2021 واضحاً أكثر من أي وقت مضى في اقتصاد البلاد اذ تُرمّم تحويلاتهم منذ مدة ما يتسبّب فيه الوضع السياسي والاقتصادي الصعب من ثغرات في توازنات المالية العمومية بعد توجّس جل المؤسسات المالية الدولية من قدرة تونس على الايفاء بالتزاماتها.
وشكّلت التحويلات المالية للجالية التونسية المقدرة بنحو 8.5 مليارات دينار في 2022 المصدر الرئيسي للعملة الأجنبية بتونس مما ساعد على مواصلة توريد المواد الأساسية وسداد أكثر من 8.9 مليارات دولار من القروض الخارجية. وتُبين المعطيات ان تحويلات التونسيين المقيمين بالخارج منعت انهيار رصيد العملة الخارجية بما كان يمكن أن يزيد من حدة أزمة واردات المواد الأساسية، بسبب نقص العائدات بالنقد الاجنبي، خصوصا تلك المتأتية من الاستثمار الخارجي. وأصبح بذلك للمهاجرين التونسيين دور محوري في إسناد الاقتصاد التونسي ومساعدة عائلاتهم.
يذكر ان محافظ البنك المركزي مروان العباسي كان قد صرح مؤخرا انه يتوقع أن يبلغ عجز القطاع الخارجي في 2023 حوالي 8 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 8.6 بالمائة في 2022.
ويفسر عموما عجز القطاع الخارجي بتوسّع عجز الميزان التجاري بسبب الارتفاع المتواصل لقيمة الواردات وذلك رغم تطور مداخيل السياحة وتحويلات الجالية التونسية بالخارج وزيادة الصادرات حيث تواصل تفاقم عجز ميزان المدفوعات ليصل الى 8.6 بالمائة العام الفارط من الناتج المحلي الاجمالي مقابل 8.5 بالمائة مقدرة و6 بالمائة في 2021..
*نشر بأسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 9 ماي 2023