الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: اكد عديد المهنيين والمسؤولين في مجال الطاقة مؤخرا على ضرورة تحرير اسعار المحروقات مما يعني بشكل او بآخر رفع الدعم عنها كليا او جزئيا باعتبار ان السلط تؤكد ان هذه المواد مدعومة من الدولة. وشدد، في هذا الاطار، يوم امس الخميس 4 نوفمبر 2021 نبيل صميدة الرئيس المدير العام للشركة الوطنية لتوزيع البترول على ضرورة تطوير وتعصير أداء الشركات البترولية وحوكمتها من خلال جملة من الآليات أهمها الترفيع في هامش الربح من 4 بالمائة خام الى حدود ما بين 5 و6 بالمائة سعيا، وفق تقديره، لتحسين الخدمات للمواطن وترشيد الاستهلاك .
كما ابرز في ذات السياق، المدير العام للمحروقات بوزارة الصناعة والمناجم والطاقة رشيد بن دالي انه من المؤكد تطوير القطاع حسب مقتضيات استراتيجية الدولة المحددة، في هذا المجال خصوصا انه مرتبط بسوق عالمية تفرض بعض الخيارات التي ترهق منظومة الدعم معتبرا ان الامر تحول الى معضلة كبيرة، نظرا الى أن سعر البرميل الذي تم اعتماده في ميزانية الدولة لسنة 2021، هو 45 دولارا في حين انه بلغ 85 دولارا. وبين مدير عام المحروقات، أنه وجب إجراء تعديل آلي للأسعار علما انه لم يتم تفعيل القرار الذي تم اتخاذه في أفريل 2021 نظرا للظروف الصعبة التي مرت بها البلاد.
وأكد ان منظومة الدعم محور جدي للتعامل مع صندوق النقد الدولي في ظل وجود اقتراحات تتمثل في الرفع التدريجي للدعم، موضحا ان آليات الرفع وكيفية الرفع محل نقاش ودراسة لمعرفة كيفية تفعيل الكلفة الحقيقية للمحروقات دون المس بالطبقات الهشة ودون التأثير على الاقتصاد التونسي.
من جهته اوضح رئيس الغرفة النقابية لشركات توزيع المحروقات محمد بورقيبة ان القطاع الموازي في قطاع المحروقات يستحوذ على حوالي 25 بالمائة من السوق الجملية في تونس مقترحا جملة من الحلول أبرزها توعية الناس بخطورة السوق الموازية وانعكاساتها السلبية على الاقتصاد التونسي والتصدي للعاملين بها بالإضافة الى ادماجهم في مرحلة اخرى في القطاع المهيكل. كما دعا للتخلي عن اعتماد الغاز الطبيعي الذي اعتبره مثقلا لكاهل الدولة بمبالغ كبيرة في الدعم، من جهة ولا يستجيب للمواصفات العالمية، من جهة أخرى مقابل التشجيع على اعتماد الطاقات المتجددة.
وبمزيد التدقيق في الارقام الرسمية لقانون المالية 2021 والذي ينص على اعتماد ميزانية قيمتها 41 مليار دينار، فان نفقات الدعم تناهز اجمالا 3400 مليون دينار منها 2400 مليون دينار للمواد الاساسية و600 مليون دينار للنقل و400 مليون دينار للمحروقات. ويعني ذلك ان “ميزانية” دعم المحروقات تعادل 11.7 بالمائة من المخصصات العامة للدعم و4.1 بالمائة من اعتمادات التدخلات الاجتماعية ككل (9720 مليون دينار) و0.9 بالمائة من ميزانية الدولة. ويعني ذلك بكل بساطة انه لا وجود لدعم المحروقات في تونس الا في تصريحات المسؤولين وفي اذهان من لا يطلع على حسابات المالية العمومية.
وكانت وزارة الطاقة قد اعلنت يوم 14 اكتوبر الفارط في اخر تقرير شهري محين حول وضع الطاقة لشهر أوت 2021 أنه تمّ تسجيل ارتفاع ملحوظ في الموارد الوطنية من الطاقة الأولية (الإنتاج والإتاوة من الغاز الجزائري) مقارنة بنفس الفترة من سنة 2020 حيث بلغت 3.45 ملايين طن مكافئ نفط مقابل 2.6 مليون طن مكافئ نفط. ويرجع ذلك إلى ارتفاع الإنتاج الوطني من المحروقات إثر دخول امتياز استغلال حقل المنزل حيز الإنتاج يوم 7 جانفي 2020 والارتفاع التدريجي لإنتاج حقل نوارة الى جانب ارتفاع الاتاوة على الغاز الجزائري.
كما تم تسجيل ارتفاع في الطلب الجملي على الطاقة الأولية بنسبة 7 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية، حسب تقرير الوزارة، اذ بلغ 6.5 ملايين طن مكافئ نفط ويرجع ذلك الى العودة التدريجية للنسق العادي للاستهلاك بعد جائحة كوفيد 19. وسُجل ارتفاع بنسبة 10 بالمائة في استهلاك المواد البترولية فيما ارتفع الطلب على الغاز الطبيعي بـنسبة 4 بالمائة تبعا للتخفيف التدريجي في الإجراءات الاستثنائية التي تم اتخاذها لمجابهة جائحة كورونا. كما سُجل تراجع في عجز ميزان الطاقة الأولية الى 3 ملايين طن مكافئ نفط موفى شهر اوت المنقضي أي بتحسن بحوالي 13 بالمائة، مع تحسن الاستقلالية الطاقية لتبلغ 53 بالمائة مقارنة بـ43 بالمائة الى موفى شهر أوت 2020. وتفرغ هذه البيانات الصادرة عن وزارة الطاقة علاوة على معطيات قانون المالية اي حديث عن “اهمية” رفع الدعم وخطورة “العجز” الطاقي من معناه باعتبار انهما غير موجودان بشكل فعلي في احصائيات الدولة وبياناتها بشكل شبه مطلق…
والاهم من ذلك انه في جميع الوضعيات، لم يتحدث اي مسؤول عن مدى استهلاك السيارات الادارية المحروقات والذي تناهز قيمته 1900مليون دينار سنويا وهو ما يعادل تقريبا خمسة اضعاف قيمة “دعم” المحروقات برمته.