الشارع المغاربي – دراسة: أكثر من نصف القوى النشيطة في تونس مقصيّة من سوق الشغل

دراسة: أكثر من نصف القوى النشيطة في تونس مقصيّة من سوق الشغل

قسم الأخبار

23 مارس، 2022

الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: أصدر يوم أمس الثلاثاء 22 مارس 2022 المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية دراسة بعنوان “انعدام المساواة في تونس” اشارت في توطئتها الى انها تأتي في وقتها بالنظر إلى عودة ارتفاع عدم المساواة، الذي لوحظ في جميع أنحاء العالم منذ الثمانينات، وصعود الحركات الاجتماعية والسياسية والانتفاضات الشعبية في العديد من البلدان بما في ذلك تونس مع التأكيد في هذا الصدد على أن الدراسات والبيانات الشاملة حول عدم المساواة تبقى، في تونس، قليلة وغير شاملة.

وبعد عرض موجز لبعض الاعتبارات الفلسفية المتعلقة بالعدالة وعدم المساواة، والنقاشات المتعلقة بأوجه عدم المساواة وتطورها في العالم، حاولت الدراسة رسم صورة عن الوضع وتطوره في تونس من خلال معطيات أهم قاعدات البيانات الدولية. وسلطت الدراسة الضوء على عدم المساواة في الدخل والثروة، وعدم المساواة بين الجنسين. وأشارت الى انه في حين يبدو، وفق هذه المصادر، أن التفاوت في الدخل، الذي تتم مقاربته من خلال إنفاق الأسر المعيشية، انخفض وفق عديد المؤشرات كمعامل جيني أو مؤشرات “تايل” و”بالما” أو تطور حصة الفئات الفقيرة من مجمل الدخل، يتبين في المقابل، أن أوجه عدم المساواة بين الجنسين لا تزال قائمة إن لم تكن قد تفاقمت في السنوات الأخيرة وان ضعف مشاركة المرأة في الحياة النشيطة وفي الحياة العامة والسياسية يتناقض مع التقدم الذي أحرزته في التعليم، ولا سيما في التعليم العالي.

وتمت الإشارة في ما يتعلق بالتوظيف وادماج القوى النشيطة في سوق الشغل الى ان نسبة نشاط التونسيين لا تتجاوز 47.5 بالمائة (مقابل 72.2 بالمائة في أوروبا) والى ان ذلك يعني ان أكثر من نصف القوى النشيطة في تونس مقصية من سوق الشغل بالإضافة الى استفحال عدم المساواة بين الجنسين اذ لا تتجاوز نسبة النساء النشطات 26.8 بالمائة في حين تناهز النسبة للرجال زهاء 68.8 بالمائة.

في ذات السياق جرى التذكير ببلوغ نسبة البطالة في الربع الثالث من العام الفارط مستوى غير مسبوق وذلك في حدود 18.4 بالمائة مع تفاوتات إقليمية وجندرية صارخة حيث تبلغ النسبة 24.1 بالمائة لدى النساء، مقابل 15.9 بالمائة لدى الرجال. وأصبحت على صعيد اخر البطالة لدى الشباب وخريجي التعليم العالي وجها جديدا لعدم المساواة اذ تقدر نسبة البطالة بين الشباب (15 و24 سنة) بحوالي 40.8 بالمائة وتناهز نسبة بطالة خريجي التعليم العالي 30.1 بالمائة في عام 2020 (لدى الرجال: 17.6 بالمائة مقابل 40.7 لدى النساء) كما يوجد من حيث الأجور الدنيا اتجاه نحو الانخفاض في القيمة الحقيقية لأجر الأدنى. وما زالت أوجه عدم المساواة في الأجور مستمرة وتظهر على مستوى الأجر المتوسط للنساء الذي يبقى دون المتوسط للرجال بنسبة كبيرة.

يذكر ان دراسة حديثة للمرصد التونسي للاقتصاد كانت قد كشفت أن القطاعات الاقتصادية الكبرى خسرت قدرتها التشغيلية بسبب الاضطرابات السياسية في البلاد خلال السنوات العشر الماضية، وأنها فقدت قدرتها على خلق فرص العمل لفائدة قطاعات أخرى أقل قدرة على استيعاب العاطلين عن العمل. وأوردت أرقام الدراسة في ظل أزمة اقتصادية غير مسبوقة مستمرة تؤثر بشكل مؤكد على ازدياد مستويات البطالة، خاصة وأن حالة غموض سياسية ومالية تصاحب هذه الأزمة.

وبيّنت الدراسة أن صناعة النسيج فقدت 28 ألف موطن شغل في الفترة ما بين 2012 و2016، فيما فقد قطاع الخدمات الإدارية نحو 46 ألف موقع عمل ما بين عامي 2011 و2012، مما تسبب في تراجع دور أكبر قطاعين مشغلين بالقطاع الخاص في إحداث الوظائف. وخلص المرصد التونسي للاقتصاد إلى أن أكبر قطاعات التشغيل في تونس تجد صعوبة لخلق المزيد من فرص العمل والى انها تعتبر الأكثر تضررا من عدم الاستقرار المحلي والدولي.

وساهم القطاع الخاص، على مدى السنوات العشر الماضية، في خلق أكثر من 142 ألف موطن شغل شملت قطاعات متنوعة من الصناعات والخدمات، مقابل معدل مواطن عمل محدثة يقدر بنحو 250 ألف موقع شغل خلال العقود التي سبقت ثورة 2011.

ومن المؤكد أن سوق العمل تظل منذ سنوات في قلب الاضطرابات الاقتصادية والسياسية والأمنية، بما تسبب في موجات طرد كبرى من قطاعات حيوية كانت إلى أمد قريب العمود الفقري للاقتصاد في البلاد علما ان صناعة النسيج التي جرى تركيزها في سبعينات القرن الماضي كانت قاطرة التشغيل إلى جانب الصناعات الميكانيكية والسياحة. كما أن غياب الاستقرار تسبب في تفكيك وحدات في القطاعات الصناعية الكبرى مما أدى الى تراجع قدرتها التشغيلية لتفسح المجال لفائدة قطاعات خدماتية لا تتطلب استثمارات كبرى.

ومن المنتظر أن تتواصل تقلبات سوق العمل إلى سنوات لاحقة وربمّا إلى عقد جديد، في غياب مؤشرات الاستقرار وتداعيات جائحة كورونا التي دفعت بنسب البطالة إلى مستويات قياسية وخسارة نحو 88 ألف مؤسسة صغرى ومتوسطة أعمالها، واستفحال افلاس أعمال المستثمرين. وأفادت وكالة التصنيف “ستاندرد أند بورز” في تقريرها الأخير الصادر في 16 سبتمبر الفارط بأنّ مستوى النمو الاقتصادي في تونس لن يكون كافياً لمواجهة معدل البطالة المرتفع وتدهور مستوى المعيشة مبرزة انّ الاضطرابات السياسية خلقت في تونس بيئة متعثرة. ورجحت أن تشهد البلاد أبطأ انتعاش بين بلدان شمال أفريقيا الثلاثة وفي منطقة الشرق الأوسط، بمعدل نمو لن يتجاوز 2.1 بالمائة في المعدل للسنوات الثلاث المقبلة، وهو ما يتطابق مع تقديرات صندوق النقد الدولي.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING