الشارع المغاربي: اكد عز الدين سعيدان الخبير الاقتصادي اليوم الجمعة 23 ديسمبر 2022 ان صندوق النقد الدولي قد لا يؤكد اسناد القرض لتونس رغم ختم قانون ميزانية الدولة من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد يوم امس معربا عن امله في الاّ يُدخل ختم قانون المالية البلاد في معادلة صعبة بالنظر لاعلان “قوى عديدة” صراحة رفضها محتواه مشيرا الى اتحاد الشغل واتحاد الاعراف والمحامين والخبراء المحاسبين واطراف اخرى.
وقال سعيدان في حوار على اذاعة “شمس اف ام” تعليقا على ختم رئيس الجمهورية قيس سعيد يوم امس قانون المالية لسنة 2023:” واخيرا اصبح لدينا الان قانون مالية جديد وهذا مهم جدا وكان المفروض ان يتم نشره في الرائد الرسمي يوم 10 ديسمبر ونحن الان في 23 ديسمبر لذلك قلت واخيرا ودخول السنة الجديدة بقانون مالية افضل بكثير من دخولها بلا قانون مالية ولكن من المعروف ان قانون المالية هو اقوى قانون لتوجيه الاقتصاد وتنشيطه “.
واستدرك ” الواضح ان قانون المالية في تونس اصبح قانون تجميع موارد للدولة قصد التخفيض قدر الامكان من عجز ميزانيتها فقط لا غير وفقد كل الوظائف الاخرى وخاصة وظائف توجيه وتنشيط الاقتصاد وهو وثيقة محاسبتية ومالية تعكس اوضاعا متأزمة جدا لاننا نعرف ان لدينا اشكالا كبيرا في تمويل ميزانية 2022 وكان هناك قانون مالية تكميلي تم نشره منذ اسابع قليلة فيه فجوة ب10 مليارات دينار ولما نقول فجوة فمعنى ذلك ان هناك نفقات مبرمجة في الميزاينة ليس للدولة الموارد اللازمة لتغطيتها مثلما حصل في ميزانية 2021 التي لم تغلق الى حد الان ويبدو ان مصير قانون مالية 2022 سيكون نفس مصير قانون 2021 ولن يغلق بسبب هذه الفجوة الكبيرة …وبالتالي السؤال هو كيف تم بناء ميزانية 2023؟ وماذا فعلت الادارة لتكون قريبة على الاقل وليست في تناقض مع برنامج الاصلاحات الذي على اساسه تحصلت الدولة على اتفاق مبدئي مع النقد الدولي..؟”
وذكر سعيدان بانه يتعين وجود علاقة واضحة ومباشرة مع الاصلاحات متابعا “.. والدليل ان تونس تحصلت على الاتفاق المبدئي يوم 15 اكتوبر وكان من المفروض التوصل الى اتفاق نهائي وصرف القسط الاول بعد ايام قليلة بـ4 او 6 ايام وفي الوضع الذي تعيشه تونس أخّرالصندوق ذلك الى تاريخ 19 ديسمبر لانه طلب الاطلاع على وثيقة قانون المالية التكميلي ومشروع قانون المالية لسنة 23 ليتاكد من انها متطابقة مع البرنامج ….”
واضاف”.. ولكن ليس هذا هو الاشكال الوحيد واكبر اشكال انه يجب ان نعرف ان النقد الدولي لا يصوت في هيئته التنفيذية بل هناك مشاورات قبل الاجتماع وهي الاهم والصندوق يرغب دائما في التأكد من ان لبرنامج الاصلاحات حظوظا كافية للنجاج وبالتالي يطالب الدولة بان تعمل على تعبئة الموارد اللازمة لتمويل ميزانية 2023 وتمويل برنامج الاصلاحات الى جانب التمويل الذي سيقدمه الصندوق وتونس لم تتوصل بعد الى تعبئة هذه الموارد وبالتالي النقد الدولي يقول انه لا فائدة في اسناد القرض اذا كان مصيره سيكون تغطية جزء فقط من النفقات العامة للدولة ولن يُخرج تونس من المأزق الاقتصادي والمالي الذي تردت فيه لانه لا وجود لاطراف اخرى مستعدة للمساهمة في تمويل هذا البرنامج ..هذه هو المشكل الكبير والاهم… طبعا كان هناك عدم توقيع ما يسمى رسالة نوايا من رئيس الجمهورية وعدم ختم الميزانية في ذلك الوقت وهي كلها من الاسباب التي ادت الى رفض الملف التونسي وليس تأجيله…”
وعما اذا كان النقد الدولي قد يذهب الى عدم تاكيد اسناد القرض رغم ختم قانون المالية من قبل رئيس الجمهورية أجاب سعيدان بالقول “طبعا ممكن الاّ يؤكد القرض رغم الختم لان اهم جانب مثلما قلنا انه على تونس ان تقدم ضمانات على انها تحصلت على التمويلات اللازمة والكاملة لتمويل البرنامج والنقد الدولي لا يقبل بان يكون الطرف الوحيد لتقديم تمويلات اذا لم تكن هناك اطراف مستعدة لذلك ولذلك قلت سابقا انه لا يتم تصويت وانما مشاورات من طرف الدولة المعنية وهي تونس في هذه الحالة ولكن ايضا بمساعدة الصندوق وبالاتصال ببقية الاطراف سواء على المستوى الثنائي او على مستوى مؤسسات مالية اخرى…”
وتابع “كان هناك نوع من الوعود من جانب السعودية والامارات واليابان ويبدو انها وعود لم تتاكد وبالتالي تونس توجهت بملف منقوص جدا من الناحية الشكلية وايضا من ناحية المضمون واتمنى لا يدخل ختم قانون المالية تونس في معادلة صعبة لاننا نعلم ان هناك قوى كبيرة ضد قانون المالية مثل اتحاد الشغل والمحامين والمهن الحرة واتحاد الصناعة والتجارة وهناك اطراف عديدة والخبراء المحاسبين اعلنت صراحة انها ضد محتوى قانون المالية ..صحيح المعادلة ليست سهلة ولكن لا يجب ان ننسى ان السبب الاساسي الذي اوصلنا الى هذا الوضع هو التأخّر الكبير والخوف من الدخول في اصلاحات اقتصادية لان الاجراءات المالية لن تكون كافية لانقاذ الوضع في تونس وكاننا ناكل القمح اخضر فهناك اداءات ترغب الدولة في استخلاصها الان وهي على حساب سنة 2024 وهي سياسة هروب الى الامام خطيرة جدا ولا يمكن انقاذ المالية العمومية والمؤسسات العمومية الا باصلاح الاقتصاد وكل الاطراف المانحة تنادي منذ سنتين على الاقل بنفس الشيء وتتساءل ماذا تنتظر تونس لاصلاح الاقتصاد ونحن تأخرنا في هذا وليس لنا رؤية ولا سياسة اقتصادية ولا مخطط وبالتالي بقينا مركزين فقط على الاجراءات المالية … وهذه الاجراءات لن تكون كافية …”
وحول بعض ملامح ومضمون قانون المالية لسنة 2023 قال سعيدان” يبدو ان الاقتراض من الخارج سيكون بارقام مهولة وذلك في انتظار الاطلاع على فحوى القانون ربما اليوم وهناك تعويل كبير على الاقتراض من الخارج بينما لم ننجح في ذلك سنة 2022 واضطررنا من ضمن ما اضطررنا اليه الى الاقتراض بشكل مشط جدا من السوق الداخلية وخُلقت عملية اقصاء واضحة للمؤسسة الاقتصادية التي اصبحت لديها صعوبات كبيرة في الوصول الى التمويل ونعلم ان الدولة التونسية لم تتمكن من تسديد مستحقات الدين الداخلي في سنة 2022 ولجأت الى تاجيل كل هذه المستحقات الى تواريخ في بعض الاحيان ذات مواعيد بعيدة جدا وبالتالي امام هذه الصعوبات فنحن في الحقيقة نتبع سياسة الهروب الى الامام لا اكثر ولا اقل وما دمنا لم نفهم الدرس وندخل في اصلاحات اقتصادية عميقة فاننا لن نتمكن من الحل قريبا.”