الشارع المغاربي-كريمة السعداوي:أصدر الثلاثاء 19 افريل 2022 صندوق النقد الدولي مذكرة بحثية، أبرز فيها ما تثير الحرب في أوكرانيا من مخاطر تهدد الاستقرار المالي في العالم في إطار طرح تساؤلات حول تأثيراتها بعيدة المدى على الاقتصادات والأسواق. فاندلاع الحرب، وسط أجواء تشهد بطء التعافي من الجائحة، يمثل اختبارا لصلابة الأسواق المالية ويفرض تهديدات على الاستقرار المالي.
وأشارت المذكرة الى ان أوكرانيا وروسيا تواجهان أشد المخاطر وأنه من الواضح مع ذلك أن حدة الاضطرابات في أسواق السلع الأولية والانقطاعات في سلسلات الإمداد تولد مخاطر التطورات السلبية عبر تأثيرها السلبي على الاستقرار المالي الكلي والتضخم والاقتصاد العالمي.
كما جرى التأكيد على ان تداعيات الحرب وما تلاها من عقوبات لا تزال تتسبب في حدوث اهتزازات وعلى ان صلابة النظام المالي العالمي ستكون موضع اختبار من خلال مجموعة متنوعة من القنوات المحتملة لتضخيم الآثار. وتتضمن هذه القنوات تعرض المؤسسات المالية لمخاطر انكشاف الأصول الروسية والأوكرانية، وسيولة السوق وضغوط التمويل.
في ذات السياق توقع التقرير الاخير لصندوق النقد الدولي حول الآفاق الاقتصادية العالمية تراجع نسبة نمو الناتج الاقتصادي العالمي من 6.1 بالمائة في 2021 إلى 3.6 بالمائة في 2022 و2023. كما توقّع تقلص النمو العالمي إلى حوالي 3.3 بالمائة على المدى المتوسط أي في ما بين 2023 و2027.
وبخصوص تونس، تشير تقديرات المؤسسة المالية الدولية الى انحسار النمو من 3.1 بالمائة في 2021 الى عند 2.2 بالمائة في 2022 علاوة على توقع ارتفاع نسبة التضخم الى 7.7 بالمائة كمعدل لسنة 2022 مقارنة بنحو 5.7 بالمائة في 2021، مع توسع عجز ميزان المدفوعات الخارجية من 6.2 بالمائة للناتج المحلي الإجمالي السنة المنقضية إلى 10.1 بالمائة عام 2022. كما تبرز التقديرات توقع ارتفاع نسبة الفقر إلى 3.4 بالمائة سنة 2022، و3.1 بالمائة العام القادم.
ولم تبرز تقديرات الصندوق للفترة 2023 – 2027 الافاق الاقتصادية لتونس وذلك الى جانب مجموعة من دول منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى هي أفغانستان، ولبنان، وسوريا، وتركمانستان وهي دول تشهد أوضاع فشل اقتصادي ومالي غير مسبوقة.
وأرجع الصندوق استبعاد تونس من تقديرات الافاق الاقتصادية متوسطة المدى الى وجود مناقشات فنية بينه وبين السلطات في انتظار نتائج المفاوضات المرتقبة بشأن برنامج قرض جديد.
وعلى الأرجح يفسر تصنيف تونس إلى جانب أفغانستان ولبنان وسوريا وتركمانستان بحالة عدم اليقين التي تسود لدى المانحين والتي ترجع الى عدم استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية وعدم التمكن من اجراء الإصلاحات الهيكلية التي تطلبها الهيئات المالية الدولية من تونس.
يذكر ان صندوق النقد الدولي كان قد أوضح في تقرير أصدره مؤخرا حول آفاق الاقتصاد الإقليمي بعنوان “النهوض من الجائحة وبناء مستقبل أفضل”، ان تعميم اللقاحات في تونس سيكون ضروريا للتعافي في البلدان التي تعتمد على السياحة اعتماداً كبيراً، معتبرا تونس من بين البلدان البطيئة والمتأخرة في التلقيح الذي قد يستمر إلى عام 2023 لتطعيم كل السكان.
واكد صندوق النقد على ضرورة تبني السلطات التونسية خطة متوسطة الأجل ترمي لإعادة التوازن للمالية العمومية من دعم تعبئة الموارد والتخفيف من الإعفاءات الجبائية وذلك بالتوازي مع توسعة قاعدة دفع الضرائب والإلغاء التدريجي للدعم وتقليص كتلة أجور الوظيفة العمومية والتحكم في نفقات التسيير بما يضمن تلبية الاحتياجات على المدى القصير.
وأوضح التقرير انه من المؤكد أيضا تركيز استراتيجية للتصرف في الدين العمومي والتعامل الأمثل مع مخاطر السيولة.
نشر بأسبوعية “الشارع المغاربي” في عددها الصادر بتاريخ الثلاثاء 26 أفريل 2022