الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: أصدر صندوق النقد العربي الاثنين 21 فيفري 2022 “دليلا عمليا للمصارف المركزية العربية حول إصدار العملات الرقمية”، جرى اعداده في إطار أعمال مجموعة العمل الإقليمية للتقنيات المالية الحديثة. ويأتي إصدار الدليل حسب الصندوق في إطار مساعيه لدعم جهود البنوك المركزية العربية في توجهها نحو تقييم إمكانية إصدار عملات البنوك المركزية الرقمية، بما يتناسب مع أهداف البنك المركزي والموارد المُتاحة والآثار المُستهدفة، أخذاً في الاعتبار الظروف الخاصة بكل دولة، والبنية التحتية، وكذلك الأطر القانونية والتنظيمية ذات الصلة.
ويسترشد الدليل بأحدث التطورات في الدول العربية من واقع إجابات 17 بنكا مركزيا عربيا على الاستبيان الذي أعده الصندوق، حيث أظهرت النتائج اهتماماً متزايداً على مستوى المنطقة العربية بتقييم عملية إصدار البنوك المركزية عملات رقمية، وان النقاش لا يزال في مرحلة الاستكشاف والدراسة. واتضح ان 11 بنكا مركزيا عربيا من ضمن البنوك المركزية العربية المُستجيبة للاستبيان لم تقرر نوع العملة الرقمية التي يستهدف البنك المركزي إصدارها، في حين أشارت البنوك المركزية الستة الأخرى إلى العملات الرقمية لمدفوعات الجملة ومُختلف أنواع العملات الرقمية لمدفوعات التجزئة، وتحديداً العملات الرقمية المُختلطة للبنوك المركزية، والتجزئة المباشرة، والعملات الرقمية المُركبة. وتعكس هذه الردود الاهتمام بالعملات الرقمية لمدفوعات التجزئة في إطار مساعي تعزيز الشمول المالي.
في هذا السياق، تشير الدوافع الرئيسة التي تحفز البنوك المركزية العربية الى التفكير حول مشروع العملة الرقمية إلى أهمية تعزيز الاقتصاد غير النقدي والانتقال للخدمات المالية الرقمية، ورفع كفاءة متابعة المعاملات، وتعزيز تحويلات العاملين، وتسريع وتيرة الشمول المالي.
ويشير الدليل الى عدد من التحديات القانونية التي تعترض البنوك المركزية العربية في سبيل الإعداد لإصدار العملات الرقمية، أهمها على التوالي: تعريف عملات البنوك المركزية الرقمية في القانون، وتحديد العملة القانونية بشكل واضح، وتعيين العملة الرقمية للبنك المركزي كعملة تسوية نهائية، وإدخال بعض التعديلات على النصوص التشريعية الحالية، إضافة لقضايا اليقين القانوني في نقل القيمة، والتوزيع الواضح للأدوار والمسؤوليات والتكاليف والتزامات مختلف الأطراف.
علاوة على ذلك، تُظهر النتائج أن 58 في المائة من البنوك المركزية العربية المستجيبة للاستبيان تعتبر تقنية السجلات الموزعة وسلسلة الكُتل المصرح بها، كتقنية لتفعيل عملات البنوك المركزية الرقمية. بينما يرى 11 في المائة استخدام السجلات الموزعة العامة، في حين أشار 31 في المائة من البنوك المركزية إلى تحديث نُظم الدفع باستخدام قاعدة البيانات التقليدية.
كما يوضح الدليل أن البنوك المركزية العربية اتخذت مبادرات مختلفة بهدف تقييم عملية إصدار العملات الرقمية، على سبيل المثال: إنشاء لجان مُخصصة لتقييم إطلاق مرتقب للعملات الرقمية، ودراسة حالات الاستخدام وتقييم الأساليب المختلفة لتبني وتشغيل العملات الرقمية، إضافة إلى ترتيبات تجربة مشروع العملة الرقمية.
اما في تونس فيتم حظر التعامل بالعملات الرقمية رغم غياب قانون يجرّم أو ينص على منع استخدامها الأمر الذي أثار جدلًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة للمطالبة بسن قانون ينظم عملية التداول بالعملة الرقمية على غرار العديد من دول العالم.
وإثر الجدل الكبير الذي أثارته قضايا إيقاف شبان لاستعمالهم عملات رقمية، عبرت اطراف عديدة سياسية ومن المجتمع المدني عن رفضها مثل هذه الممارسات الزجرية والتعسفيّة مؤكدة انها لا تتلاءم مع التحولات الرقمية والمالية الكبرى التي يشهدها العالم داعية البنك المركزي ووزارة المالية والسلطات القضائية والأمنية إلى التعامل الإيجابي والمرن مع هذه الأنشطة المشروعة على منصّات عالمية موثوق فيها ومدرجة بالبورصات وتبسيط طرق إثبات مصادر الدخل وقبولها في ظل الفراغ التشريعي الحاصل وحاجة الشباب التونسي إلى التشغيل والاستفادة من فرص الاستثمار والعمل الواعدة في هذا المجال الريادي.
كما دعت ذات الأطراف الحكومة إلى العمل على مراجعة قانون الصرف والتجارة وتحيينه والذي أصبح يتناقض مع الواقع الاقتصادي والاستثماري في تونس وفي العالم بسبب التعقيدات الإدارية وطول الإجراءات والطابع الزجري لعديد المعاملات المالية ومنها ما يتعلق بالعملات الرقمية الجديدة والمحافظ المالية الإلكترونية مثل Paypal .
وقد سبق للبنك المركزي التونسي ان اوضح موقفه من استعمال العملة الرقمية “بتكوين” معتبرًا أن التعامل بها يجب أن يخضع لدراسة واختبارات للوقوف على إيجابياتها وسلبياتها مع التأكيد على ان اعتماد هذه العملة يتطلب إمكانات تكنولوجية عالية اضافة الى صعوبة تعقبها الأمر الذي يسهل استعمالها لأغراض مشبوهة، مما يبرر رفض التعامل بالأموال الافتراضية في البلاد وعلى رأسها “البتكوين” والعملات الإلكترونية المشفرة بصفة عامة، سيما أن هذه المواقع تستعمل تكنولوجيات عالية التشفير، ممّا يجعل عمليات تعقبها شبه مستحيلة إلى جانب أنها تمكّن مستعمليها من التهرب الضريبي.