الشارع المغاربي – كريمة السعداوي: أعلن الديوان الوطني للزيت يوم امس أنه سيجري الشروع بداية من اليوم الأربعاء 28 جويلية 2021 الانطلاق في عمليات بيع زيت الصوجة المكرر انطلاقا من مراكزه الجهوية بكل من تونس وسوسة والقيروان وصفاقس وجرجيس. واوضح الديوان انه يمكن لمعلبي الزيت المدعم المعتمدون من قبل سلط الاشراف التزود بهذه المادة في اطار عمليات ترويجها لدى الموزعين وعموم المستهلكين.
كما شدد في ذات السياق على ان شركات التعليب ملزمة بالتقيد بإجراءات نقل هذا المنتوج مع احترام الإجراءات الاستثنائية المتخذة إلى غاية يوم الجمعة 27 أوت 2021.
ومنذ سنة 2011 ما انفك المواطنون ينددون بالفقدان المتواصل لهذه المادة الحيوية من الاسواق وهي المخصصة بالأساس لضعاف الحال (900 مليم اللتر) وذلك بالتوازي مع استنكار المنتجين غياب المادة لتكريرها محملين وزارة التجارة مسؤولة الأزمة بحكم تخليها، وفق تأكيدهم، في العديد من المناسبات عن توريدها.
وتستورد الدولة عن طريق الديوان الوطني للزيت كميات من الزيت الخام بحصة سنوية تقارب 165 ألف طنّ ( ما يناهز 15 ألف طن شهريّا ) يتم توزيعها على المصنّعين (45 وحدة) لتعليبها ثم توزيعها على تجار الجملة الذين يروجونها لدى تجار التفصيل. لكن في الواقع يتم حسب تقديرات المهنيين تسجيل نقص يساوي في المعدل حوالي 20 ألف طن كل عام. وحتى الكميات التي يتم توريدها تبقى في جل الحالات أشهرا على متن سفن المزودين مما يترتب عنه تسجيل خسائر فادحة.
غير ان النائب بدر الدين القمودي ورئيس لجنة الإصلاح الإداري والحكومة الرشيدة ومكافحة الفساد ومراقبة التصرف في المال العام كان قد توجه بمراسلة لرئيس مجلس نواب الشعب في 27 نوفمبر 2020 لطرح مجموعة من الاسئلة تخص الموضوع وذلك في سياق شبهات قيام محتكرين بالحصول على الزيت المدعم بكميات كبيرة جدا وبطرق ملتوية وبواسطة الرشوة لنقله الى مخازن سرية وبعدها يضيفون اليه مادة ما ليصبح عبارة عن وقود حيوي.
ولا تقف المعضلة عند هذا الحد بل ان هؤلاء يقومون بتصدير هذه الكميات الضخمة من الزيت التي تستوردها الدولة بالعملة الاجنبية وتدعمها على أساس انه زيت مدعم للاستهلاك الاسري وللطبقات الضعيفة والفقيرة لكي يجنون اموالا طائلة عبر افراغ مخازن الدولة من الزيت المدعم علاوة على تسجيل خسائر تناهز حسب مصالح الابحاث الاقتصادية بوزارة التجارة نحو 190 مليارا سنويا للدولة بسبب عمليات استغلال الزيت المدعم من قبل مصانع الحلويات والمطاعم.
يذكر انه وحسب بيانات المرصد الوطني للفلاحة بلغ دعم الزيت النباتي المستورد نحو 250 مليون دينار سنة 2019 بمعدل سنوي للشخص الواحد يبلغ 20.670 دينار. كما يساوي السعر الحقيقي للتر واحد من الزيت النباتي، وفق المرصد، حوالي 2.560 دينار في حين تعرضه الدولة للبيع بسعر .900 مليم وبالتالي تساهم في دعمه بنسبة 65 بالمائة من قيمته الحقيقية (أي 1.660 د).
وقامت تونس، سنة 2019، بتوريد زيوت نباتية بقيمة 532.5 مليون دينار توزعت بين 339 مليون دينار لواردات الزيوت النباتية المدعمة الموجهة للاستهلاك على غرار الصوجا و95 مليون دينار للزيوت النباتية الموجهة للاستهلاك غير المدعمة وخاصة منها زيوت عباد الشمس والذرة إضافة إلى انفاق 98 مليون دينار لتوريد أنواع أخرى من الزيوت النباتية. والغريب في الامر انه وبعد سنوات من “فقدان” الزيت المدعم عادت المادة في يوم واحد الى الاسواق في سياق منظم وتحت اشراف مباشر للديوان الوطني للزيت ربما خوفا من المحتكرين من مداهمة جحورهم وتعرضهم لعقوبات صارمة…من يدري ؟.