الشارع المغاربي – جريمة طبيب أنجب 94 طفلا دون علم مريضاته تكشف الجانب المرعب لعمليات التلقيح الصناعي

جريمة طبيب أنجب 94 طفلا دون علم مريضاته تكشف الجانب المرعب لعمليات التلقيح الصناعي

قسم الأخبار

10 يوليو، 2022

الشارع المغاربي-قسم المنوعات:في أفريل الماضي عرضت منصة «نتفلكس» فيلمًا وثائقيًا بعنوان «أبانا»، وبعد ساعات من عرضه أثار الفيلم موجة واسعة من الغضب داخل الأوساط الطبية والسياسية في الولايات المتحدة الأمريكية، ووصفه البعض بـ«الصادم والمخيف والمرعب». حسب ما نقل موقع “ساسة بوست”.

وتناقلت الصحافة العالمية بدورها قصة الفيلم المستوحي من أحداث حقيقية، والذي سلط الضوء على جريمة بشعة بحق المرضى والإنسانية، وفتح نقاشًا حول تاريخ طويل من التحيّل في عمليات التلقيح الصناعي للإنجاب داخل الولايات المتحدة الأمريكية.

94 طفلًا دون علم مريضاته

يعرض فيلم «أبانا» الوثائقي، قصة دكتور الخصوبة دونالد كلاين من ولاية إنديانا الأمريكية، والذي ارتكب جريمة ضد مهنة الطب والإنسانية معًا، اذ خدع أكثر من 30 سيدة من مرضاه خلال سبعينات وثمانينات القرن الماضي، عبر التلاعب بعينات الحيوانات المنوية المطلوبة لعملية تلقيح السيدات، واستبدل بها حيوانات منوية خاصة به دون علمهم، فأنجب بذلك أكثر من 94 طفلًا من مرضاه دون معرفة الأمهات أو الأطفال بذلك حتى عام 2014، حين بدأت الأمور في التكشف عن طريق إحدى بناته البيولوجيين بالمصادفة.

فقد لاحظت الطفلة الأمريكية جاكوبا بيلارد أوجه الاختلاف في الشكل بينها وبين أخوتها منذ الصغر، وحاولت منذ صغرها مساءلة والدتها عن السبب وراء كونها شقراء بعيون زرقاء وأخوتها جميعًا بشعر وعيون سوداء، ولما بلغت سن الرشد سألت والدتها: هل لديك تاريخ في الحقن الصناعى أم لا؟

ولم تعط الأم ابنتها أية معلومات، بل نفت أن يكون لها تاريخ في الحقن الصناعي للإنجاب، لكن في عام 2014، وكان عمر بيلارد 35 عامًا، شاهدت إعلانًا تلفزيونيًا عن موقع إلكتروني اسمه «23 أند مي» يساعد الأشخاص في التعرف على أصولهم وأشجار عائلاتهم وأخوتهم في الجينات، وعرْض النتائج المطابقة وأماكن تواجدهم إن وُجدتْ، وذلك من خلال تحليل الحمض النووي للأشخاص الراغبين في ذلك.

أجرت بيلارد اختبارا منزليا لحمضها النووي، وعلى الفور أرسلت العينات للموقع، وكانت النتيجة صادمة لحد كبير؛ إذ أكدت النتائج أنها ليست ابنة بيلارد، أو من تلك العائلة من الأساس، كما أشارت النتائج إلى وجود تطابق جيني مع سبعة أشخاص أخرين في إنديانا، يحتمل أن يكونوا أخوة من الأب.

وصدمت جاكوبا من النتائج؛ فذهبت مسرعةً لأمها وأخبرتها بنتائج تحليل الحمض النووي، وحاولت معرفة الحقيقة، فاعترفت الأم بأن لها تاريخًا بالفعل في عمليات الحقن الصناعى لمساعدتها على الإنجاب، وأخبرتها بعنوان واسم الطبيب المعالج، والذي قام بعمليات الحقن الصناعي لها.

عادت جاكوبا إلى نتائج التحليل واطلعت على أسماء الأخوة المحتملين، فوجدت واحدة منهم تسكن بالقرب منها في الحي، فتواصلت معها وأخبرتها بما توصلت إليه، فكانت المفاجأة الأكبر أن أم الأخت المحتملة هي الأخرى لها تاريخ مع عمليات الحقن الصناعى، وأنها كانت مريضة لدى دكتور الخصوبة دونالد كلاين، وهو الدكتور نفسه الذي أعطت والدة جاكوبا بيلارد عنوانه واسمه لها، وهكذا بدأت الجريمة في التكشُّف.

وراحت بيلارد تتواصل مع الأخوة المحتملين، وطلبت منهم إجراء اختبار الحمض النووي للتأكد وقطع الشك باليقين. وجد السبعة أشخاص عدم تطابق حمضهم النووي مع آبائهم في المنزل، وكان المشترك بينهم هو الحمض النووى غير المعروف، وأن أمهاتهم جميعا كنّ مرضى لدى الدكتور البارز في الخصوبة دونالد كلاين.

تحدثت بيلارد إلى الدكتور دونالد بشكل مباشر، وعرضت عليه نتائج الإختبارات وواجهته بالأمر مع أخوتها، فأنكر أية صلة له بالموضوع، وادعى ضياع ملفات المرضى القديمة، وهددها إن تحدثت في الأمر مع أي شخص أو مع الإعلام بالتقاضي.

لكن التهديد لم يثن بيلارد عن سعيها، بل زاد من عزيمتها، وحاولت إيصال القصة والجريمة للإعلام والصحافة، ولكن دون جدوى، فقامت برفع دعوى للنائب العام لفتح تحقيق في الجريمة، ولكن دون جدوى أيضًا؛ إذ لم تفلح كل محاولاتها لفتح تحقيق يساعدها هي وأشقائها على معرفة والدهم البيولوجي.

واستجاب الأخوة المحتملين الذين وصل عددهم في تلك المرحلة إلى عشرة أشخاص لطلب أختهم غير الشقيقة بيلارد، بتقديم دعوات فتح تحقيق للنائب العام في ولاية إنديانا، وأخيرًا اهتمت إحدى الصحافيات بالموضوع ونشرت القصة مع عدم ذكر اسم الدكتور.

وجرى التحقيق مع الدكتور دونالد كلاين بعد الضغط على النائب العام، وأظهرت نتائج اختبار الحمض النووي له أنه والد الأطفال بنسبة 99%، ولكنه نفى تلك الأبوة، فوجهت له تهم تتعلق بعرقلة سير العدالة بسبب الكذب على مكتب المدعي العام وفي النهاية أقر بذنبه في المحكمة في ديسمبر 2017، وجرى تغريمه بـ 500 دولار، وتنازل عن رخصة الطبيب، كما حكم عليه بالسجن لمدة عام مع وقف التنفيذ بسبب تقدمه في السن.

ولم يكن الحكم مرضيًا بالنسبة للأخوة والأمهات، خصوصًا بعد أن تبين في التحقيقات أنه قد يكون والدا لأكثر من 94 طفلًا من 30 سيدة مختلفة، وكان يفعل ذلك عن عمد ودون ندم، وأنه قام بتهديد ابنته البيولوجية بيلارد بالقتل حين واجهته، وكذلك تهديد الصحافية التى نشرت القصة، وأراد الأخوة والأمهات تشديد العقوبة وإتهام الدكتور كلاين بالاعتداء الجنسي، لكن المدعين قالوا إن كلاين لا يمكن اتهامه بالاعتداء الجنسي، ولا يوجد جريمة تتعلق بتلقيح المرضى الراغبين في ذلك.

مجرم بقناع قديس..

لماذا ارتكب الدكتور دونالد كلاين تلك الجريمة؟ سؤال يقول موقع “ساسة بوست” إن صناع العمل والأخوة غير الأشقاء حاولوا الإجابة عنه طوال الفيلم، إذ إن كلاين يعد طبيًا بارزًا في الخصوبة، ومشهور على نطاق واسع في ولاية إنديانا، وفي السابق أدخل السعادة على قلوب المئات من الأسر من خلال مساعدتهم في الإنجاب، وهو عضو بارز في المجتمع والكنيسة، ورجل شديد الإيمان أشبه بالقدسين حتى إنه كان يعمّد البعض في حوض السباحة الخاص في منزله، فكيف تتجمع تلك الصفات مع مجرم يفعل مثل هذا السلوك؟

جريمة لا يعاقب عليها القانون:

يقول موقع “ساسة بوست” : لم تكن حالة الدكتور دونالد كلاين هي حالة الاحتيال الأولى من نوعها في الولايات المتحدة الأمريكية التي يقوم فيها طبيب خصوبة بخداع مرضاه واستبدال عينات من الحيوانات المنوية المستخدمة في عملية الحقن الصناعى بعينات شخصية منه، فقد فتح فيلم «أبانا» الباب على مصراعيه للتحقيق في تاريخ هذا السلوك، والتساؤل عن جدوى قوانين الإنجاب في أمريكا، وكيف يمكن حماية ضحايا احتيال عمليات التلقيح الصناعى؟ وكيف يمكن معاقبة الجاني؟

وتشير البيانات إلى أن هناك الكثير من حالات التحيّل في التلقيح الصناعى وقعت في 12 ولاية أمريكية على الأقل، وإلى أن معظمها حدث في أواخر القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين، بما في ذلك ولايات كونيتيكت، وفيرمونت وايداهو، ويوتا، ونيفادا.

ويعد السبب الرئيس وراء إفلات الجاني من العقاب في قضايا التحيّل في عمليات التلقيح الصناعى بأمريكا عدم وجود قانون فيدرالي موحد يجرم هذا السلوك، فيري القانون أنه بالرغم من استخدام الطبيب حيواناته المنوية دون علم مرضاه إلا أنهم ذهبوا له طواعية ورغبة منهم في الإنجاب، فكيف يعاقب الطبيب بتهمة الاعتداء الجنسي إذا كانت المريضة قد ذهبت إليه بمحض إرادتها؟.

ولاحقًا قامت ثلاث ولايات في أمريكية بسن قوانين تسمح بملاحقة الأطباء الذين يثبت تورطهم في جرائم احتيال في عمليات التلقيح الصناعى مثل ولايي إنديانا وكنتاكي، وأخيرًا ولاية تكساس التى أصدرت قانونها الخاص بالتحيّل في عمليات الخصوبة، وذهبت به إلى ما هو أبعد من قوانين إنديانا وكاليفورنيا، فهي تجرم استخدام الحيوانات المنوية البشرية أو البويضات أو الأجنة من متبرع غير مصرح له.

وفي حالة وقوع هذا السلوك، فإن القانون يحدد الجريمة على أنها اعتداء جنسي، ويفرض على أولئك الذين تثبت إدانتهم بمثل تلك الجريمة التسجيل تحت وصف مرتكبي جرائم جنسية في السجلات الجنائية، وتمت الموافقة على مشروع القانون بالإجماع في الهيئة التشريعية للولاية.

وعقب زيادة انتشار اختبارات الحمض النووي المنزلي في أرجاء أمريكا، أظهرت البيانات أن هناك أكثر من 44 طبيب خصوبة في أمريكا أساءوا استخدام مهنتهم، وقاموا بحقن المرضى بالحيوانات المنوية الخاصة بهم دون معرفتهم.

وتوضح البيانات كذلك أن هناك عمليات احتيال في التلقيح الصناعي خارج أمريكا، وخصوصًا في إنقلترا، وجنوب أفريقيا، وألمانيا، وهولندا، وكندا، ومن أشهرها حادثة الدكتور الهولندي جان كاربات، الذي أكدت اختبارات الحمض النووي أنه أنجب 56 طفلًا على الأقل، من خلال استبدال الحيوانات المنوية أيضًا عام 2009، وتوفي في أفريل 2017 عن عمر يناهز 89 دون عقاب.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING