الشارع المغاربي- السيدة سالمية: قضت المحكمة الادارية يوم 4 جانفي الجاري بابطال قرار توقيف تنفيذ القرار الصادر عن رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين بتاريخ 26 جويلية 2017 القاضي بالاذن بتوقيف تنفيذ اجراءات المراجعة المعمقة لطالبة التحكيم والمصالحة شركة اسمها ” شركة جميع لوازم السيارات بن عياد وشركاؤه” الى حين البت النهائي في مطلب التحكيم والمصالحة المودع لدى الهيئة .
ووفق وثيقة الحكم التي تحصّل عليها “الشارع المغاربي”، فإنّ وزير المالية هو الذي رفع القضية بتاريخ 6 سبتمبر 2017، والوزير وقتها هو الفاضل عبد الكافي الذي كان يُدير دواليب الوزارة بصفة مستقيل (قدّم استقالته يوم 18 اوت 2017) وبالنيابة اثر اقالة الوزيرة لمياء الزريبي.
ونبّهت المحكمة الادارية الى ان عدم اذعان هيئة الحقيقة والكرامة لحكم إبطال قرار توقيف إجراءات المراجعة المعقمة سيضر بخزينة الدولة وان من شأنه ان يمس بمدأ المساواة بين المطالبين بالاداء بما يعني خرقا للفصل 10 من الدستور.
وتتعلق القضية بفضيحة تلاعب بأموال الدولة عبر محاولة هيئة بن سدرين ايقاف قرار مراجعة معمّقة لشركة، في تجاوز صارخ لصلاحياتها ولكل قوانين البلاد.
وارجعت المحكمة الادارية قرار وقف تنفيذ قرار بن سدرين الى عدة خروقات شابته اهمها صدوره خارج الاطار الزمني الذي يسمح به القانون الاساسي للعدالة الانتقالية والذي يحصر الفترة التي تغطي اعمال الهيئة من 1 جويلية 1955 الى حين صدور القانون الاساسي المنظم لها وتاريخه 24 ديسمبر 2013، لافتا الى ان هيئة بن سدرين لا يمكن لها التدخل البتة في اية قرارات تصدر بعد 24 ديسمبر 2013.
وحسب نفس المصدر ، فان قرار توقيف التنفيذ لا يتماشى مع مفهوم العدالة الانتقالية واجراء مراجعة جبائية معمقة لشركة في حال اغفال كلي عن ايداع تصاريحها الجبائية طيلة سنوات رغم وجودها في حالة نشاط وتحقيقها ارقام معاملات وارباح لا علاقة له بانتهاكات حقوق الانسان ولا بحالة الاستبداد التي اسست منها اجلها منظومة العدالة الانتقالية.
الى ذلك تضمن القرار الصادر عن المحكمة الادارية تأكيدا على ان اجراء المراجعة الجبائية للشركة المذكورة تم في اطار حق المراقبة المخول له قانونا بهدف تسوية وضعية الشركة المعنية ازاء التشريع الجاري به العمل مُبينا انه “لا وجود لاية علاقة بين تقديم الشركة مطلب تحكيم ومصالحة في اطار العدالة الانتقالية أو تصنيفها ضمن ضحايا انتهاكات الفساد المالي الواقع قبل الثورة ووجوب احترام الشركة الواجبات الجبائية المحمولة عليها قانونا مُذكرا بان الشركة تُمارس نشاطها التجاري وتحقق مداخيل خاضعة للاداء .
وشدد القرار على ان وصف الشركة بالضحية في اطار العدالة الانتقالية لا يمنحها اي امتياز او أفضلية ازاء مصالح الجباية ولا يعفيها باي وجه كان من القيام بواجباتها الجبائية مشيرا الى ان ايقاف هيئة بن سدرين المراجعة الجبائية يُعد تعدّيا صارخا على صلاحياتها المحددة في القانون الاساسي للعدالة الانتقالية.
وكانت وزارة المالية قد بينّت في القضية التي رفعتها على هيئة بن سدرين انه تم اصدار اعلام بالمراجعة المعمقة لشركة “كافّة لوازم السيارات بن عياد وشركاؤه” بعنوان سنوات 2013 و2014 و2015 و2016، مؤكدة ان الشركة في حالة اغفال عن ايداع تصاريحها الجبائية الشهرية منذ 4 سنوات.
واشارت الى ان الممثل القانوني للشركة قدم طوعا تصاريح جبائية شهرية تتعلق بالفترة الممتدة من شهر أوت 2013 الى ديسمبر 2015 تضمنت مبلغا جُمليا مُستحقا لخزينة الدولة قُدر بحوالي مليار ونصف من المليمات لافتة الى ان مُمثل الشركة رفض في ما بعد الاعتراف بالدين وانه انجر عن ذلك اخضاع الشركة للمراجعة الجبائية المعمقة.
من جهته، اعتبر العضو المستقبل من هيئة الحقيقة والكرامة زهير مخلوف في تصريح لـ”الشارع المغاربي” إن الحكم القضائي الصادر على سهام بن سدرين اثبت ان الاخيرة لا تفهم القانون وتتجاوز حدود اختصاصها لصالح الأفراد على حساب أموال الدولة سواء في المصادرة أو في الجباية”.
وقال مخلوف “رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة جاءت لتبييض الفاسدين ولتفتكّ الأموال المصادرة وتفتك مداخيل الجباية لتعيدها للأفراد.. وهي لا تريد ترك الدولة ومؤسساتها تُحاسب الناس على افلاتهم من خلاص ديونهم الجبائية”.
واضاف “ليست المرة الأولى التي تتدخّل فيها الهيئة في قضايا لا تهمها وليست من اختصاصها ذلك ان المراجعة الجبائية “redressement fiscal” تقوم به الدولة تجاه المؤسسات التي لم تقم باستخلاص ديونها لدى القباضات المالية ولم تتحصّل على تصريحات جبائية لسنوات متعدّدة”.
وتابع “هيئة الحقيقة والكرامة تدخّلت في قرار المراجعة الجبائية وهو قرار خاطئ لعدّة اسباب منها أن القرار تناول الولاية الزمنية الخارجة عن مشمولات هيئة الحقيقة والكرامة التي هي بعد 2013 لأن الولاية الزمنية للهيئة حدّدت من سنة 1955 إلى سنة 2013 وليس من اختصاص الهيئة تناول قضايا الجباية والمسائل القضائية أو الجبائية”.
وأشار إلى أن المحكمة الادارية أصدرت قرارا بايقاف تنفيذ قرار هيئة الحقيقة والكرامة بايقاف المراجعة الجبائية مما يعني “أن المحكمة ألغت قرار لجنة التحكيم والمصالحة للهيئة على أساس أنه ليس من اختصاصها ثم أنه يعتبر تدخّلا في ما لا يمكن التدخّل فيه سواء على المستوى الزمني أو المضمون”.
ولفت إلى أن الهيئة “أرادت أن تعيد أموال أحد أصهار المخلوع، المنقولة وأسهمه بعد أن صادرتها الدولة التونسية في 2011” وفق قوله.
وأردف أن هناك حكما ثالثا ضدّ الهيئة بسبب تجاوز صلاحياتها “بعد أن أرادت “اغتصاب” أموال الدولة لصالح الأفراد ولصالح المتهمين بالفساد حتى لا نقول الفاسدين ولولا أن المحكمة الادارية أنصفت الدولة التونسية لافتكّت بن سدرين الأموال المصادرة ولتدخّلت في المراجعات الجبائية وهو ما يعدّ نوعا من الفساد أو مماهات للفاسدين” حسب تعبيره.
نقل التصريح انتظار مهيوب
وفي ما يلي النص الكامل لقرار المحكمة الادارية الصادر ضد هيئة بن سدرين :