الشارع المغاربي – منى الدندان : ساد اعتقاد العديد من المتابعين للشأن السياسي في البلاد أن حزب المشروع يزخر بطاقات قيادية محترمة نزح أغلبها من ربوع نداء تونس لأسباب متصلة بثوابت ومبادئ وقيم، فبقطع النظر عن الجدل المتواصل الذي يثيره الأمين العام للحزب محسن مرزوق حول الأبعاد الاستخباراتية في مسيرته السياسية ومصادر تمويلها المشبوهة، تنعم العديد من الوجوه السياسية القيادية للحزب بصورة نسبيا جذّابة (الصحبي بن فرج، عبد الرؤوف الشريف، فاضل محفوظ، حسونة الناصفي وغيرهم).
لم يخطر ببال أحد أن هذه الوجوه ستنساب بأساليب تستبيح الكمّ القيمي الذي بدوا يجسدونه في صفوف الحزب! فالصدمة كانت في حجم الأمل المتعلق بهم كمنارة سياسية مستقبلية ستفيد البلاد والعباد… ففي خرق صريح للفصل 18 من المرسوم عدد 87 لسنة 2011 المؤرخ في 24 سبتمبر 2011 والذي يحجّر على كل حزب سياسي “تقديم أية امتيازات مالية أو عينية للمواطنين والمواطنات” قام قياديو الحزب منذ شهر جانفي 2017 بإعداد قوافل توجهت الى عدد من البلدات الريفية التونسية في ولايات سليانة وباجة واريانة وسيدي بوزيد لتوزيع جملة من التجهيزات المنزلية اضافة الى قوافل صحية أخرى، واعتبرت منظمة «أنا يقظ» التي تفطنت لهذه الخروقات أن هذه “القوافل تعد استغلالا للأوضاع الاجتماعية الصعبة للمواطنين للدخول في حملة انتخابية مبكرة في وقت تستعد فيه البلاد لاستحقاقات انتخابية محلية“.
مبدئيا ستجلب هذه التجاوزات جملة من العقوبات تتراوح بين التنبيه على الحزب أو تعليق نشاطه اذا لم يتجه لازالة المخالفة في ظرف شهر وتبلغ حتى حلّ الحزب اذا تمادى في ارتكاب المخالفة، كما ينص الفصل 29 من نفس المرسوم المنظم لعمل الاحزاب على تسليط خطية مالية يساوي مقدارها قيمة الموارد او المساعدات العينية التي تحصل عليها الحزب أو التي قدمها للغير“، الا أن العبرة من هذه الصدمة لا تكمن في الاجراءات الزجرية التي قد تصيب الحزب بقدر ما تكمن في خيبة الظن في شخصيات حافظت كما قلنا على منسوب محترم من الثقة في زمن أصبحت هذه الميزة في الطبقة السياسية منعدمة أو تكاد…
أن تلجأ بدورها هذه الوجوه الى اساليب لا تعكس سوى افلاسا فكريا وسياسيا تتجاوزه بترغيب الناخب عن طريق استغلال خصاصته واحتياجه فهذا هو المرفوض والمحزن والمقرف…
ثم يبقى في نهاية المطاف السؤال الاخطر لارتباطه العضوي بشخص محسن مرزوق وما تلاحقه من شبهات أبدية : من أين كل هذه الأموال وما هي مصادرها ؟ لعل الاساتذة بن فرج والشريف ومحفوظ وجغام والناصفي لديهم بعض الاجوبة المقنعة والمريحة.