الشارع المغاربي : أكد النائب بمجلس نواب الشعب منذر بالحاج علي ان حالة الطوائ تجعل رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الطرف الوحيد المخول له اطلاق مسار تغيير رئيس الحكومةيوسف الشاهد.
وقدّم يالحاج في تدوينة نشرها اليوم على صفحته بموقع “فايسبوك” قراءة قانونية للإمكانيات المُمكنة لتغيير الشاهد استند فيها على الدستور ،حول الأطراف التي يحقّ لها تقديم مبادرة بإطلاق مسار تغيير الحكومة، في ظلّ الجدل الحاصل بهذا الخصوص .
ولفت النائب في هذا السياق الى انه من عير الممكن تقديم النواب لائحة لوم ضد الحكومة مفسرا ذلك بالقول ” لا يمكن للنوّاب تقديم لائحة لوم ضدّ الحكومة الحالية وذلك لكون البلاد تعيش وستضلّ كذلك إلى غاية 7 أكتوبر 2018 في إطار حالة الطوارئ وذلك بعد تمديد العمل بها في بمقتضى الأمر الرئاسي عدد 22 لسنة 2018 المؤرخ في 9 مارس 2018 و المتعلّق بالتمديد في حالة الطوارئ و الذي يحيل، فيما يحيل إليه، إلى الفصل 77 من الدستور و إلى الأمر عدد 50 لسنة 1978 المؤرخ في 26 جانفي 1978 و المتعلق بتنظيم حالة الطوارئ”.
وتابع ” يبقى من الممكن اللّجوء إلى آلية سحب الثقة من الحكومة عبر التصويت على لائحة لوم ضدّها إذا بادر رئيس الجمهورية بإنهاء حالة الطوارئ على اعتبار “زوال أسبابها” حسب تقديره و يعلن في ذلك “بيانا للشعب” كما يقتضيه الدستور.و يُسْقِطُ قرار رئيس الجمهورية في هذه الحالة المانع الدستوري المتمثّل في حالة الطوارئ الوارد ضمن أخريات الفصل 80 من الدستور في فقرته الثانية.عندها و عندها حصريّا سيصبح من الممكن لنوّاب الشعب تقديم لائحة لوم ضدّ الحكومة الحالية طبقا للمقتضيات الدستورية.”
واعتبر بلحاج علي أنّ المطروح اليوم هو الإجابة عن السؤال الآتي : من يمكنه إعطاء إشارة انطلاق مسار تغيير الحكومة من عدمه، من أجل العودة للشرعية وتكريسها ؟”
وعرض النائب الآليّات المختلفة لتغيير الحكومة وفق ما نصّ عليه دستور 27 جانفي 2014 ومختلف الحالات التي تطرّق لها المشرّع.
في مايلي نص التدوينة:
على عكس ما أعلن :
في ضلّ حالة الطّوارئ، لا يحقّ إلاّ لرئيس الجمهورية المبادرة
بإطلاق مسار تغيير الحكومة
ـــــــــــــــــــــــــ
تتعلّق المساهمة الحالية بتقديم بعض الخواطر القانونية حول دور رئيس الجمهورية في السّهر على احترام الدستور في مجال تغيير الحكومة وخاصة بعد الكلمة التي ألقاها أمام المتحاورين من أجل التوقيع على “وثيقة قرطاج 2” والخلط الذي درج قبلها وبعدها والناتج عن حسن نيّة أحيانا أو المتعمّد بغاية الحسابات السياسية الضيّقة أحيانا أخرى.
كما تتعلّق بمحاولة الإسهام المتواضع في عقلنة الخطاب السياسي تطابقا مع نصّ وروح دستور الجمهورية واستنادا واحتراما له.
و تعدّدت المواقف هذه الأيام بين الأطراف التي شاركت في صياغة “وثيقة قرطاج 2” على الأقل في صيغتها الحالية كما تواترت طبعا التعاليق كما هو منتظر في مثل هذه الأوضاع.
و لكنّ اللاّفت للانتباه أنّ كلّ الأطراف، في الاجتماع الأخير للمتحاورين من منظمات و أحزاب، أضحت مُجْمِعَةً على فشل “حكومة الوحدة الوطنية”. بل أكثر من ذلك، أصبحت كلّ تلك الأطراف مع تغيير الحكومة برمّتها وبما في ذلك رئيسها باستثناء حركة النهضة التي تواصل التمسّك برئيس الحكومة بالرغم من إقرارها بفشل حكومته.
ولن يجدي نفعا تحويل وجهة الجدل نحو اعتبارات شخصية التي مهما كانت أهميّتها لا تسمح بمواجهة الأزمة والخروج منها بسلام.
ولن يجدي أيضا أيّ طرف محاولة ترحيل الأزمة لاعتبار “الغير” مسؤولا عن وضعه السياسي ومستويات خلله وذلك عبر تفاسير قاصرة لأسبابها. فخسارة مئات الآلاف من الأصوات في الانتخابات البلدية لا يمكن تقديمها كفوز منقطع النظير مثلما نشاهده ونستمع إليه هذه الأيام منذ الإعلان عن النتائج الرسمية الأوّلية للانتخابات البلدية.
كما لن يجدي كذلك نفعا أيّ اعتبارٍ للنتائج المتواضعة في مجالات المالية العمومية والتنمية الاقتصادية والتوازنات الاجتماعية على أنّها نجاحات مهمّة للغاية و تؤسّس لغد أفضل لبلادنا.
لن يجدي كلّ ذلك نفعا لتونس.
فتونس أكبر وأبقى وأهلها أرقى.
علينا في المرحلة القادمة تعبئة الموارد المالية بطريقة أفضل وإرجاع البلاد إلى العمل والحفاظ على التوازنات المالية والاجتماعية التي صنعت استقرار بلادنا و ذلك بطريقة أنجع. سيكون على القائمين على الدّولة في الفترة القادمة درأ للضغوطات العديدة بما يسمح لبلادنا بحماية استقلال قرارها المالي و الاقتصادي والاجتماعي. سيكون ذلك ممكنا بالتصرف بطريقة مغايرة وإشاعة الأمل والعودة بالبلاد إلى العمل.
وتوازيا مع ضرورة تقييم نتائج حكومة “الوحدة الوطنية” وإمكانية البقاء عبر توفّر حزام سياسيّ من عدمه لإسنادها ومع احتدام الجدل حول مسألة بقاء الحكومة الحالية أو ضرورة تغييرها، يحصل الخلط بين أمّهات القضايا الدستورية. إذ يقدّم الموضوع على أنه خلاف بين صلاحيّات مختلف السّلط في اختيار رئيس الحكومة المقبل على افتراض تغيير الحكومة الحالية من جهة أولى وخلاف حول التغيير الكلّي أو الجزئي للحكومة من جهة أخرى.
ولا يختلف عاقلان في أنّ تغيير رئيس الحكومة والحكومة برمّتها يرجع بالنظر في كلّ الحالات إلى مجلس نوّاب الشعب دون سواه على اعتبار ضرورة تحصّل أيّ حكومة مقترحة على ثقة المجلس لكي تكتسب الشرعيّة وكان رئيس الجمهورية محقّا فيما أكّده بصفة عامة في المجال في افتتاح آخر اجتماع “وثيقة قرطاج 2”.
ولكنّ الخلط الحاصل اليوم ليس، كما يتبادر للبعض أيضا، حول من يحقّ له اقتراح البديل أو تعيينه. لذا وجب التوضيح.
إنّ المسألة المطروحة اليوم هي المتعلّقة بالإجابة عن السؤال الآتي : من يمكنه إعطاء إشارة انطلاق مسار تغيير الحكومة من عدمه، من أجل العودة للشرعية و تكريسها ؟.
هناك آليّات مختلفة لتغيير الحكومة في دستور 27 جانفي 2014.
ولنضع جانيا، بادئ ذي بدأ، الحالة الأولى و هي المتعلّقة بحالتي الوفاة والعجز الدّائم وغيرها من الحالات المشابهة.
فحالة العجز الدّائم والوفاة حتى ولو أدمج الدستور نظامها القانوني في منطوق الفصل 100 من الدستور ضمن مصطلح الحالات غير حالاتي الاستقالة و سحب الثقة إلاّ أنّ إدماجها في نظام قانوني أوسع وتعريفها السلبي في النصّ الدستوري لا ينزعان عنها وجودها القانوني الذاتي وبالتالي فهي تحافظ، لا محالة، على وجود دستوري مستقل.
ولكن ومهما يكن من أمر فنحن لسنا في مثل هذه الوضعيّات لكي نتطرّق بالدراسة لمن يحقّ له إعطاء إشارة انطلاق مسار التغيير الحكومة من عدمه في مثل هذه الوضعية. حفظ الله رئيس الحكومة لعائلته و أهله و ذويه و أصدقائه.
ومن جهة أخرى، علينا ملاحظة أنّ دستور 2014 يسمح في ثلاث حالات أخرى بانطلاق مسار تغيير الحكومة. وترتبط هذه الحالات ارتباطا عضويا بحالات تغيير الحكومة نفسها و لكن لا مجال للخلط بين الاثنين قانونا و وجب التمييز بينها.
أوّلا : لرئيس الحكومة أن يبادر في حالتين بإطلاق مسار تغيير الحكومة :
بادئ ذي بدأ، يمكن في كلّ الأحوال لرئيس الحكومة تقديم استقالته.
والملاحظ في المجال أنّ استقالة رئيس الحكومة، علاوة عن أنّها “استقالة للحكومة بأكملها”، تنهي الجدل الحاصل وتفرض في الآن نفسه آليّا تغيير الحكومة إضافة إلى أنّها تسمح، تأسيسا عليه، لرئيس الجمهورية بالدخول في مشاورات واقتراح “الشخصية الأقدر لتكوين حكومة” كما يضبطه النصّ الدستوري.
ولكن ما يلاحظ اليوم هو أنّ تصرّف رئيس الحكومة يوحي بأنّه يرفض أي مخرج للأزمة متمثّلا في مغادرته رئاسة الحكومة، طواعيّا، على باب الاستقالة.
كما يمكن لرئيس الحكومة أن يبادر في حالة ثانية وهي المتعلّقة بطرحه “على مجلس نوّاب الشعب التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة نشاطها، و يتمّ التصويت بالأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس نوّاب الشعب، فإن لم يجدّد المجلس الثقة في الحكومة اعتبرت مستقيلة” وذلك حسب منطوق الفقرة الثانية للفصل 98 من الدستور.
والمرجّح أيضا أنّ رئيس الحكومة يرفض أيضا هذا المنحى بالرغم من اهتزاز الثقة و تفاقم الجدل الذي أصبح السّمة الطاغية على الساحة السياسية.
فكيف يمكن المبادرة بإطلاق مسار تغيير الحكومة إذا واصل رئيس الحكومة رفضه اللّجوء إلى الآليّتان المعروضتان أعلاه ؟
ثانيا : لمجلس نوّاب الشعب دستوريّا المبادرة بإطلاق مسار تغيير الحكومة بصفة مشروطة في الوضع الحالي :
ينصّ الفصل 97 من الدستور في فقرته الأولى على أنّه “يمكن التصويت على لائحة لوم ضدّ الحكومة، بعد طلب معلّل يقدّم لرئيس مجلس نوّاب الشعب من ثلث الأعضاء على الأقلّ. ولا يقع التصويت عليها إلاّ بعد مضي خمسة عشر يوما على إيداعها لدى رئاسة المجلس.
ويشترط لسحب الثقة من الحكومة موافقة الأغلبية المطلقة من أعضاء المجلس، وتقديم مرشّح بديل لرئيس الحكومة يصادق على ترشيحه في نفس التصويت، (…)”.
ويصبح السؤال الآتي مشروعا : هل يمكن لنوّاب الشعب اللّجوء إلى آلية لائحة اللّوم لإطلاق مسار تغيير الحكومة في إطار الوضع الحالي ؟
و الجواب واضح و جليّ و لا لبس فيه و هو أنّه لا يمكن للنوّاب تقديم لائحة لوم ضدّ الحكومة الحالية و ذلك لكون البلاد تعيش و ستضلّ كذلك إلى غاية 7 أكتوبر 2018 في إطار حالة الطوارئ و ذلك بعد تمديد العمل بها في بمقتضى الأمر الرئاسي عدد 22 لسنة 2018 المؤرخ في 9 مارس 2018 و المتعلّق بالتمديد في حالة الطوارئ و الذي يحيل، فيما يحيل إليه، إلى الفصل 77 من الدستور و إلى الأمر عدد 50 لسنة 1978 المؤرخ في 26 جانفي 1978 و المتعلق بتنظيم حالة الطوارئ.
و لكن، و بالرغم ممّا سبق بيانه، يبقى من الممكن اللّجوء إلى آلية سحب الثقة من الحكومة عبر التصويت على لائحة لوم ضدّها إذا بادر رئيس الجمهورية بإنهاء حالة الطوارئ على اعتبار “زوال أسبابها” حسب تقديره و يعلن في ذلك “بيانا للشعب” كما يقتضيه الدستور.
و يُسْقِطُ قرار رئيس الجمهورية في هذه الحالة المانع الدستوري المتمثّل في حالة الطوارئ الوارد ضمن أخريات الفصل 80 من الدستور في فقرته الثانية.
عندها و عندها حصريّا سيصبح من الممكن لنوّاب الشعب تقديم لائحة لوم ضدّ الحكومة الحالية طبقا للمقتضيات الدستورية.
ثالثا : لرئيس الجمهورية لوحده المبادرة بإطلاق مسار تغيير الحكومة :
يمكن في هذه الحالة “لرئيس الجمهورية أن يطلب من مجلس نوّاب الشعب التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة لنشاطها (…)” طبقا لمقتضيات الفصل 99 من الدستور.
فإذا لم يجدّد مجلس نوّاب الشعب، بالأغلبية المطلقة لأعضائه، الثقة في الحكومة لمواصلة أشغالها “اعتبرت مستقيلة” طبقا لنفس الفصل 99 من الدستور.
و مهما يكن من أمرٍ، فإذا قرّر رئيس الجمهورية المبادرة لوحده، بعد استماعه لكلّ الأطراف، يبقى أمامه الحلّ الأخير لنزع فتيل الأزمة و إيقاف تداعيّاتها و هو أن يعرض بنفسه على “مجلس نواب الشعب التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة لنشاطها”.
ومن نافلة القول أنّ على رئيس الجمهورية أن يكون، طبقا للفصل 72 من الدستور، الأحرص في أن “يسهر على احترام الدستور”. وذلك صدقا مع القسم الذي أدّاه طبقا للفقرة الأولى للفصل 76 من الدستور : “أقسم بالله العظيم أن أحافظ على استقلال تونس و سلامة ترابها، و أن احترم دستورها و تشريعها، و أن أرعى مصالحها، وأن ألتزم بالولاء لها”.
لكلّ ما سبق بيانه، وجب التمييز إذا بالنسبة لرئيس الجمهورية بين حق المبادرة في إطلاق مسار النّظر في تغيير الحكومة من عدمه و حق اقتراح رئيس حكومة جديد و ذلك ممكن و لكن بعد المبادرة بإطلاق مسار التغيير.
في نهاية التحليل و في ضلّ الأزمة الحالية، لا يمكن إلاّ لرئيس الجمهورية المبادرة بإطلاق مسار تغيير الحكومة.
وعلينا جميعا أن نقوم بكلّ ذلك بعيدا عن الأهواء الشخصية و المصالح الضيّقة. علينا أن نتصرّف كسياسيين لأمّة راقية.
في نهاية الأمر، و أمام اختلاف الأطراف الأساسية للوحدة الوطنية حول مواصلة حكومة “الوحدة الوطنية” أشغالها، لا بدّ من تعميق الحوار أوّلا و هو ما حصل في الآونة الأخيرة في إطار “وثيقة قرطاج 2” و العودة إلى المانح للثّقة، مجلس نوّاب الشعب، للنّظر في إمكانية تجديد الثقة في مواصلة الحكومة عملها من عدمه حسمًا للجدل.
هذا إن بقي لحكومة “الوحدة الوطنية” من معنى، نتائج وخلافات، و هذا إن ترسّخ أيضا السّهر الأسمى على احترام الدستور.
إنّ ممارسة الاختصاصات السّامية زمن الأزمات من كنه تحمّل المسؤوليّات.
هذه إذا إحدى تداعيات الفصل بين السّلط في الدستور التونسي و التوازن بينها و توزيع الاختصاصات المتعلّقة بالمبادرة بانطلاق مسار تغيير الحكومة بين مختلف السّلط في دستور 27 جانفي 2014. و علينا جميعا احترامها و التفطّن إلى الموانع التي أقرّها الدستور و إلى مخزون الحلول التي يتضمّنها.
كما علينا جميعا احترام تصويت نوّاب الشعب في كلّ الحالات التي سبق بيانها.
هكذا تترسّخ دولة القانون و تسمح بأن نقدر على انتهاج الديمقراطية بطريقة لا رجعة فيها و لا نخطئ في حقّ الأجيال القادمة.
حفظ الله تونس و شعبها.
نائب الشعب
الأستاذ المنذر بالحاج علي