الشارع المغاربي : لطالما كان قطاع التعليم الثانوي من أهم القطاعات المكوّنة لهياكل الاتحاد العام التونسي للشغل وأكثرها إثارة للجدل خاصّة في علاقته بالمركزية النقابية، ولئن مثّلت نقابة الثانوي عبر تاريخ المنظمة الشغيلة رأس حربة تحركاتها المطلبية وأحيانا السياسية فإنها كانت ومازالت سلاحا ذا حدّين تحوّل في عدّة مناسبات إلى سجال مع المركزية النقابية ومكتبها التنفيذي إن لم يكن مصدر إحراج لها.
هذا الجدل يستأثر بإهتمام قسم كبير من التونسيين هم أولياء ما يقارب 900 ألف تلميذ مرسّمون بالمدارس الاعدادية والمعاهد الثانوية يتأرجح مستقبلهم بين القرارات الارتجالية والانفعالية لهذا النقابي أو ذاك الوزير دون النظر إلى مصلحة التلميذ الفضلى التي يجب أن تكون في صدارة اهتمام الأساتذة والإدارة على حدّ السواء،
وفي وقت يسعى الاتحاد العام التونسي للشغل إلى تركيز جهوده على التعبئة للاضراب العام في الوظيفة العمومية المزمع تنفيذه يوم 22 نوفمبر الجاري فاجأ قرار الهيئة الإدارية القطاعية للتعليم الثانوي بمقاطعة الامتحانات التأليفية للثلاثي الأوّل الجميع بمن فيهم القيادة العليا للمنظمة الشغيلة التي لم يجد أمينها العام نور الدين الطبّوبي ردّا على قرار جامعة الثانوي المذكور غير الإكتفاء بالاشارة في كلمة ألقاها اليوم خلال اجتماع عمّالي بصفاقس إلى أن “هذه المسألة داخلية و سيتم تجاوزها خلال الأيام القادمة” وأن “الاتحاد متمسك بحقوق المدرسين و المدرسات بالقطاع الثانوي”.
ممثّلو الجامعة العامة للتعليم الثانوي أصرّوا على تجاوز رفض المكتب التنفيذي الصريح قرار مقاطعة الامتحانات بإعتباره لا يخدم مصالح أبناء الشعب إذ أكّد الكاتب العام المساعد لجامعة الثانوي مرشد ادريس في تصريحات له اليوم أنّه “في ظل غياب حوار جدي مع الحكومة فإن جامعة الثانوي ماضية في تنفيذ قرار هيئتها الإدارية القطاعية الداعي إلى مقاطعة امتحانات الثلاثي الأوّل من السنة الدراسية الحالية”.
قرارات نقابة الثانوي دفعت منذ سنتين بوزير التربية ناجي جلّول إلى إقرار نجاح جميع التلاميذ تفاديا لمأزق خطير كان سيورّطه وكاتب عام الجامعة العامة للتعليم الثانوي لسعد اليعقوبي أنذاك في صدام مباشر مع أولياء التلاميذ بعد أن أخذ الصراع بين الرجلين بعدا ذاتيا تحوّل إلى عناد ومحاولة لليّ الذراع لا مصلحة للتلاميذ ولا لأوليائهم ولا للتعليم العمومي فيه، وفي السنة الماضية كاد إصرار النقابة على مواصلة حجب أعداد التلاميذ لأشهر يقود إلى سنة بيضاء رعم معارضة المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل، ليتجدد هذه السنة الشد والجذب بين النقابة والوزارة ملقيا بتداعياته وظلاله على الثلاثي الأول من الموسم الدراسي الحالي، ليجد التلميذ نفسه مرّة أخرى الخاسر الأكبر لا قدّر الله إذا نفّذت النقابة تهديدها.
يذكر أنّ المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل كان قد جدد موقفه المعلن في بيان 18 مارس 2017 والمتمثّل في عدم تبنيه أشكال نضال قال انها تمسّ بمصلحة أبناء الشعب معلنا رفضه الدعوة إلى مقاطعة امتحانات الثلاثي الأوّل (الأسبوع المفتوح والأسبوع المغلق).
ودعا المكتب التنفيذي في بيان صادر عنه ” المدرّسات والمدرّسين إلى إنجاح السنة الدراسية والامتحانات في مواعيدها والتي تعتبر تتويجا لمجهودات الأساتذة والتلاميذ ولأهميّتها لأبناء شعبنا ولكلّ العائلات التونسية”.
وكان عضو المكتب التنفيذي القطاعي للجامعة العامة للتعليم الثانوي مرشد إدريس قد أكّد أمس لـ”الشارع المغاربي” أنّ النقابة “متمسّكة بقرار الهيئة الإدارية القطاعية المجتمعة يوم 5 نوفمبر الجاري بمقاطعة امتحانات الثلاثي الأول مع مواصلة التدريس بصورة عادية والاستعداد لاتّخاذ ما يجب من قرارات تصعيديّة لاحقة في صورة عدم استجابة الحكومة لمطالبها”.
وأوضح إدريس أنّ “الجامعة العامة للتعليم الثانوي لن تعمل على إثارة أية اشكاليات مع هياكل الاتحاد العام التونسي للشغل” بعد رفض المكتب التنفيذي الوطني قرار الهيئة الادارية القطاعية بمقاطعة الامتحانات لافتا إلى أن” بوصلة النقابة ثابتة” وأنها تعتبر أنّ “صراعها الرئيسي مع الحكومة وخياراتها اللاوطنية واللاشعبية في القطاع” وإلى أنه سيتمّ العمل على تجاوز الخلاف بين هياكل الاتحاد داخليا وإلى أن النقابة لن تسمح بالمساس بالنظام الداخلي للمنظمة.
وأضاف أنّ النظام الداخلي ينصّ على أن قرارات الاتحاد العام التونسي للشغل نابعة من القواعد العمالية بالفكر والساعد وإلى أن سلطة القرار الذي تعود إليها قرارات الجامعة العامة للتعليم الثانوي هي الهيئة الادارية مشيرا إلى أنّ قرارها القاضي بمقاطعة الامتحانات جاء بعد أكثر من 27 ندوة تقييمية وأكثر من 30 اجتماعا عامّا وندوة إطارات في كامل ولايات الجمهورية.