الشارع المغاربي – حاوره العربي الوسلاتي : يُصرّ سليم الرياحي على أن يكون أحد أهمّ العناوين الرئيسية في تونس سواء بالساحة الرياضية أو في المشهد السياسي بفضل تصريحاته أو مواقفه المثيرة للجدل. وبعد أزمة النادي الافريقي ودخوله على خطّ المواجهة مع جماهير الفريق فجّر الرياحي ما أسماه “قضيّة الانقلاب على رئيس الجمهورية” وجّه فيها أصابع الاتهام لرئيس الحكومة وأربعة أطراف أخرى حسب ما جاء في نصّ الشكاية المرفوعة من قبله.
عن “قنبلة الانقلاب” وحقيقة “هروبه خارج تونس” وعن القضيّة المرفوعة عليه من قبل الهيئة التسييريّة للنادي الافريقي تحدّث سليم الرياحي ل”الشارع
المغاربي” في حوار كشف فيه عديد النقاط المهمّة والمثير
لنبدأ من حيث يسأل الكلّ.. أين هو سليم الرياحي ومتى ستكون عودته إلى تونس؟
سؤال فيه كثير من التلميح المبطّن… سليم الرياحي موجود وهو بخير ويعيش حياته بشكل عادي وطبيعي وعودته الى تونس ستكون هذا الأسبوع ولا أدري حقيقة لم يسأل البعض عن موعد رجوعي الى تونس بهذا الشكل المريب؟
لأنّ بعض الأصوات تؤكّد أن سليم الرياحي غادر تونس “هاربا” ولن يعود؟
(ضاحكا)… أتمنى حقيقة أن تكون لي الرغبة في الهروب… أتمنى أن يشير عليّ عقلي بالهروب ومغادرة البلاد لكن للأسف لم أصل الى هذه المرحلة بعد وقصتي مع تونس لم تنته بعد… كلّ ما في الأمر أنّي كنت في باريس لقضاء بعض الشؤون وتزامنت زيارتي هناك مع التصريحات والحقائق التي كشفتها في قناة “فرانس 24 ” بخصوص قضيّة الانقلاب.
أنا الآن في لندن بمقّر إقامتي مع عائلتي وهي أوّل زيارة لي بعد 18 شهرا من التحجير على السفر. عدت لممارسة حياتي بشكل طبيعي وأباشر الآن
أشغالي عن قرب مثلما كان عليه الحال في السابق ومن يتحدّث عن هروبي فهو واهم لأنّه لو كنت “خوّاف” وممّن يفكرّون في أقصر الحلول من خلال الهروب لهربت عندما تمّ اتهامي باطلا في 2017 ووقع تجميد أموالي قبل أن يقع تحجير السفر عليّ.
قضيّة “الانقلاب” ملأت الدنيا وشغلت الرأي العام في تونس وأحدثت ضجّة كبيرة خاصة بعد القضيّة المضادة التي تمّ رفعها عليك بتهمة استيلائك على أموال النادي الافريقي مثلما يزعم الذين يقاضونك؟
لهذا السبب أنا متمسّك بالعودة حتى أردّ على كلّ المشككين والمخادعين… هذه قضيّة مفتعلة ووهمية وفاشلة وأهدافها معلومة وسأكشف للجميع حقيقة هؤلاء المرضى.
قبل الحديث عن قضيّة النادي الافريقي والمليارات “المنهوبة”… ألا تخشى أن يكون السجن في انتظارك فور عودتك إلى تونس؟
لست خائفا… “عامل حسابي” من كلّ النواحي…قضيّة الانقلاب لم تعد ذات طابع محلّ فقط بل اكتست جانبا دوليا وعديد المنظمات الحقوقية والدولية على علم بالموضوع وبكلّ التفاصيل المحيطة به.
مازلت مصرّا على وجود مخطّط للانقلاب على رئيس الجمهورية قاده رئيس الحكومة ؟
بطبيعة الحال… كان هناك مخطّط للانقلاب والحمد لله أننا أفشلنا جزءا منه… القضية مثلما ورد في نصّ الشكاية اتّهم فيها رئيس الحكومة يوسف الشاهد وعدد من أعوانه بالتخطيط لتنفيذ انقلاب على رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي وهذا ضرب للمسار الديمقراطي وكل ما جاء منذ 2011 إلى اليوم. “الانقلاب” ساري المفعول وتم على مستوى البرلمان وكان سيحدث على مستوى الحزب الحاكم لكنه فشل ونحن وراء فشل جزء كبير من هذا المخطّط.
لي كلّ الأدلة والبراهين التي تثبت صحّة كلامي وقريبا سيعرف كلّ التونسيين حقيقة هؤلاء الانقلابيين وما الذي كان سيحصل في تونس.
البعض يرى أن القضيّة التي رفعتها باسم الانقلاب هي مجرّد خطوة استباقية تفاديا للملاحقات القضائية التي تنتظرك مثلما يردّد هؤلاء؟
هذا كلام فارغ… لو وددت لبقيت في حلف الانقلابيين ولما تجرّأ أحد على قول هذه التفاهات لكنني انتصرت لمصلحة تونس وفضّلت كشف حقيقة هؤلاء الانقلابيين. “الانقلابي” يوسف الشاهد قال خلال كلمته في البرلمان إنه ليس هنالك أيّ داع لكي ينقلب على أيّ أحد لأنّه ومثلما يتوّهم يملك السلطة… لكنه تناسى على ما يبدو أنّ سلطته الى زوال لأنّ عمره السياسي شارف على النهاية… لقد خرج من حزبه ولم يعد له أيّ مستقبل سياسي والانتخابات على الأبواب لذلك خطّط للانقلاب على الشرعية بمساعدة من بعض الأطراف الأخرى التي ستكون مستفيدة من نتائج الانقلاب وعلى رأسها حركة النهضة.
ولماذا تتورّط حركة بهذا الحجم السياسي في انقلاب مزعوم ؟
النهضة متورّطة مع يوسف الشاهد في الانقلاب لأنّها بدأت تعرف حقيقة حجمها السياسي… هذا الحجم الذي انكشف لها عقب الانتخابات البلدية والتي تقّلصت فيها أصوات النهضة بشكل كبير. للأسف هناك أطراف مغرّر بها ويقودها الشاهد وتدعمها النهضة لبلورة فصول هذا الانقلاب. الانتهازية عفّنت المشهد
السياسي وخاصة البرلمان الذي لم يعد الصورة الحقيقية التي تعكس الشرعية والمبادئ الثورية في تونس.
هناك من يقول أنّك العصا التي يحاول القصر استخدامها لضرب صورة رئيس الحكومة يوسف الشاهد الذي بدأ تواجده في المشهد السياسي يتعاظم يوما بعد يوم؟
هذه الصورة موجودة فقط في أذهان بعض الاعلاميين العملاء الذين يسبحون في فلك يوسف الشاهد ويظهرونه في صورة البطل… فقط أسأل ما الذي يجعل الشاهد بطلا في نظر البعض؟ ماهي النجاحات التي حقّقها الرجل منذ وصوله الى كرسي الحكم ؟ ما هو مستقبله السياسي وما هو مستقبل حزبه الجديد؟الحقيقة أنّ لجوء الشاهد الى تشكيل حزب جديد هو حلّ اضطراري وترقيعي بعد فشله في السيطرة على نداء تونس والاستحواذ عليه والحزب الجديد سيولد ميّتا لأنّه لن ينجح في تثبيت أقدامه خلال الفترة القادمة بما أنّ الانتخابات على الأبواب والشاهد ليس الباجي قائد السبسي لينجح في تجميع التونسيين من حوله خاصة في ظلّ فشله الكبير في قيادة دواليب الدولة.
– هل هناك من اتصّل بك بعد كشف خيوط الانقلاب ؟
نعم هناك أطراف اتصلت بي وحاولت التأثير على موقفي لكن مثلما سبق وأشرت هذا الموضوع منتهي بالنسبة لي والحرب التي أخوضها لا رجعة فيها… هذا واجب علي ومصلحة تونس تقتضي منّي فضح الانقلابيين والتصدي لهم… لا يعقل أن تبقى الدولة رهينة بين أيادي بعض المارقين على القانون… اليوم في تونس نضع الناس في السجن بلا أسس قانونية ونلفّق التهم للبعض جزافا وباطلا فقط من أجل الكرسي… ما يحصل مريب ولا يعقل أن تحكم البلاد كتلة فيها 30 نائبا وتأتمر بأوامر النهضة … هذا غير معقول وغير مقبول.
– كلامك يحتمل كثيرا من التأويل فتارة تقول إنّك لا تخشى السجن لأنّك واثق من صحّة ادعاءاتك وطورا تقول إنّ التهم في تونس تلفّق جزافا وبالباطل فما هو المصير الذي ينتظر سليم الرياحي بالضبط؟
أنا واثق من نفسي لأنّ موقفي مبدئي وصحيح ويرتكز على براهين وحجج… ثمّ أني أثق تمام الثقة في القضاء التونسي الذي سينصفني حتما مثلما أنصفني في وقت سابق… ما يقلقني فقط هو بعض الضغوطات التي تمارس على القضاء من طرف أناس من المفروض أنهم يمثلون الدولة ويمثّلون هياكلها ونصوصها القانونية… اليوم لم يعد يخفى على أحد أنّ القضايا باتت تلفّق علنا وتفتعل لغايات معلومة لترهيب الناس وحسب المصالح واللوبيات لكن الحمد لله لنا ثقة في القضاء التونسي وفي حياده ونزاهته.
– هناك من يرى أنك تقود حربا بالوكالة وقودها بعض الوجوه الفاعلة في نداء تونس وهدفها الاستراتيجي يوسف الشاهد ؟
أنا لا أخوض حروبا شخصية ولست انقلابيا… أنا رجل تجميع وأتعامل مع الأفكار والمبادئ وليس مع الشخصيات ونداء تونس منشغل بقضايا جوهرية على غرار مؤتمر الحزب وهذا أهمّ لنا من بعض المعارك الوهمية مع يوسف الشاهد.
– نقفل قوس”الانقلاب” ونبقى مع ملفّ القضايا… سليم الرياحي نهب مليارات من خزينة النادي الافريقي والسجن في انتظاره؟
تعوّدت على القضايا في تونس لكنني في الحقيقة فؤجئت كثيرا لأنّ الأمر يتعلّق بالنادي الافريقي… أوّلا حتى تكون الأمور واضحة في ذهن جمهور الافريقي الحقيقي هذه القضية ملفّقة ومفتعلة… سليم الرياحي قدّم كلّ الأرقام والمعاملات المالية خلال عهدته الرئاسية وهذه الارقام تمّت المصادقة عليها خلال الجلسة الانتخابية وفي التقرير المالي برعاية الهيئة التسييرية التي صادقت على كلّ ما جاء في التقارير المالية وكلّ اللجان القانونية أٌقرّت بصحّة الأرقام التي وردت في التقارير المالية. ثانيا النادي الافريقي مدين لي بـ63 مليارا ولم أطالب بها يوما ومن غير المعقول أنّ أختلس أموالي لأنّ “فلوس النادي الافريقي في ذلك الوقت من جيبي”… ثالثا هل هناك جمعية في تونس لها عائدات بالمليارات حتى يقع نهب كلّ هذه المبالغ؟…أنا سأقاضي الجهة التي رفعت عليّ هذه القضيّة ضدّي بتهمة التدليس لأنّ الجميع يعرف أنّ سليم الرياحي لم يختلس مليما واحدا ثمّ اذا كانت هناك خروقات وتجاوزات مالية لم تمّت المصادقة على التقرير المالي في الجلسة الانتخابية خاصة أنّ العمليّة تمّت تحت مراقبة لجنة من الخبراء؟
– مازلت مستعدا على مساعدة النادي الافريقي لإخراجه من أزمته ؟
هذه ليست مسألة مزاجية حتى تتغير مواقفي… النادي الافريقي جمعيتي وسأحاول قدر المستطاع مساعدتها… للأسف الهيئة الحالية ترفض التواصل معي والتفاعل مع اقتراحاتي لكني بدأت فعليا في دراسة بعض الملفات… ما يجهله البعض هو أنّ القضية الوحيدة التي حكم فيها في عهدي هي قضيّة ابراهيم الشنيحي وكلّ القضايا الأخرى والديون التي يتحدّث عنها البعض تعود لفترة الهيئة التسييرية وللهيئة الحالية. المهمّ بالنسبة لي هو أنّي انطلقت فعلا وبالتنسيق مع أحد المحامين الذين يتعاملون معي في تسوية بعض الملفات.
– المدعمّ الأوّل للجمعية والأب الروحي حمّادي بوصبيع وجّه لك رسالة عبر “الشارع المغاربي” مفادها أن الكلام وحده لا يكفي؟
أحترم كثيرا حمّادي بوصبيع وهو يبقى في ذهن جمهور الافريقي الأب الروحي لكني أٌقول له أني لست رجل كلام… سليم الرياحي أنفق خلال 4 سنوات فقط أكثر من 63 مليون دينار ولو كان رجل كلام لانتهج سياسة البعض وأنفق مليون دينار فقط سنويا دون مشاكل أو ضجيج وسيكون هو رجل كلّ الأوقات ولكان الأب والأمّ الروحيين لكل الكلوبيسيتة. لكن سليم الرياحي رجل أقوال وفي فترة وجيزة غيّر حال النادي الافريقي الذي أصبح في عهده مهابا وفريق تتويجات في كلّ الفروع وبميزانيات قياسية. للأسف البعض يصرّ على تزييف الحقائق لكن المهم أن جمهور الافريقي على دراية تامة بما حصل وما يحصل الآن.
نشر باسبوعية “الشارع المغاربي” في عددها الصادر بتاريخ 4ديسمبر 2018.