الشارع المغاربي – لقد‭ ‬أتانا‭ ‬حديث‭ ‬المضاربة‭ ‬والمضاربين،فماذا بعد؟ /بقلم: صالح مصباح

لقد‭ ‬أتانا‭ ‬حديث‭ ‬المضاربة‭ ‬والمضاربين،فماذا بعد؟ /بقلم: صالح مصباح

قسم الأخبار

26 أغسطس، 2023

الشارع المغاربي: المضاربون،‭ ‬اللوبيات،‭ ‬الفاسدون،‭ ‬المتآمرون‭ ‬لتوتير‭ ‬المناخ‭ ‬الإجتماعي،‭ ‬المحتكرون،‭ ‬الماسكوني‭ ‬لمسالك‭” ‬التجويع‭”‬،‭ ‬المهربون‭ ‬الخ‭…‬تلك‭ ‬هي‭ ‬محاور‭ ‬الخطاب‭ ‬السياسي‭”‬القيسي‭” . ‬وهي‭ ‬المحاور‭ ‬التي‭ ‬بها‭ ‬يشرح‭ ‬للشعب‭ ‬التونسي‭ ‬أسباب‭ ‬بؤس‭ ‬أغلبه،‭ ‬ويوجّه‭ ‬التّهم‭ ‬إلى‭ ‬من‭ ‬يراهم‭ ‬ضالعين‭ ‬في‭ ‬التجويع‭ ‬وفي‭ ‬شح‭ ‬السلع‭ ‬الأساسية‭ ‬وفي‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار‭ ‬ارتفاعا‭ ‬يصعب‭ ‬على‭ ‬المواطن‭ ‬تصديقُه‭ ‬لولا‭ ‬لوحات‭ ‬التّسعير‭ ‬أو‭ ‬أجوبة‭ ‬الباعة‭.‬

1/‬خطاب‭ ‬الحرب‭:‬

تقترن‭ ‬تلك‭ ‬المحاور،‭ ‬في‭ ‬خطاب‭ ‬قيسي‭ ‬ذي‭ ‬جناح‭ ‬واحد،‭ ‬بسجل‭ ‬التخوين‭ ‬لمن‭ ‬براهم‭ ‬على‭ ‬الشياع‭ ‬أباطرة‭ ‬الإحتكار‭ ‬لقوت‭ ‬الشعب‭ ‬والتآمر‭ ‬على‭ ‬معاشه‭. ‬ويبني‭ ‬الخطاب‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬سجِلا‭ ‬حربيا‭ ‬يتخلله‭ ‬الوعيد‭ ‬لأولئك‭ “‬المضاربين‭” ‬بحرب‭ ‬تطولهم‭ ‬في‭ ” ‬البر‭ ‬والبحر‭ ‬والجو‭ ‬وتحت‭ ‬الأرض‭”.‬

وإن‭ ‬هذا‭ ‬الخطاب‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬جنس‭ ‬تهم‭”‬الغرف‭ ‬المظلمة‭” ‬السياسية‭ ‬قد‭ ‬تصاعدت‭ ‬حدته‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخبرة‭ ‬من‭ ‬تصاعد‭ ‬المعاناة‭ ‬المعاشية‭ ‬الشعبية‭ ‬ومن‭ ‬ندرة‭ ‬المواد‭ ‬الأساسية‭ ‬ومن‭ ‬نار‭ ‬الأسعار‭ ‬الحارقة‭. ‬ثم‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬الخطاب‭ ‬الذي‭ ‬صار‭ ‬يدور‭ ‬على‭ ‬ذاته،‭ ‬لا‭ ‬يستوي‭ ‬قبول‭ ‬دورانه‭ ‬ذاك،‭ ‬لأن‭ ‬صاحبه‭ ‬ماسك‭ ‬لكل‭ ‬السلط‭ ‬وكل‭ ‬الهياكل‭ ‬وكل‭ ‬الأجهزة‭ ‬واتمام‭ ‬قوة‭ ‬الدولة‭. ‬فهو‭ ‬مطالب‭ ‬بالفعل‭ ‬بعد‭ ‬القول‭.‬

وعلى‭ ‬ذلك،‭ ‬كان‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬ينكفّ‭ ‬هذا‭ ‬الخطابُ‭ ‬المكرر‭ ‬من‭ ‬توقف‭ ‬المعاناة‭ ‬ومن‭ ‬حسن‭ ‬إدارة‭ ‬أسبابها‭. ‬فلا‭ ‬معنى‭ ‬لاستمرار‭ ‬هذا‭ ‬الخطاب،‭ ‬ولا‭ ‬معنى‭ ‬لاستمرار‭ ‬دواعيه‭ ‬طيلة‭ ‬عامين‭ ‬كاملين‭.‬

‭/2‬زيارات‭ ‬الدخول‭ ‬بقوة‭:‬

في‭ ‬زيارات‭” ‬فجئية‭” ‬مصورة‭ ‬من‭ ‬الأعلى،‭  ‬ومن‭ ‬الجوانب‭ ‬ومن‭ ‬الواجهة،‭ ‬وفي‭ ‬اقتحامات‭ ‬للمَحالّ‭ ‬والمقرات،‭ ‬تابع‭ ‬الرئيس‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬أماكن‭ ‬الإحتكار‭ ‬التي‭ ‬ثبت‭ ‬أنها‭ ‬ليست‭ ‬كلها‭ ‬كذلك،‭  ‬ومسالك‭ ‬التوزيع‭ ‬أو‭”‬التجويع‭” ‬بعبارته‭  ‬والإحتكار،‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬منوبة،‭ ‬وإحدى‭ ‬شركات‭ ‬مواد‭ ‬البناء‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬بن‭ ‬عروس،‭ ‬وأخرى‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬زغوان‭ ‬الخ‭… ‬فضلا‭ ‬على‭ ‬مداهمات‭ ‬بالقوة‭ ‬أحيانا‭ ‬للمقررات‭ “‬المشبوهة‭”.‬

‭ ‬وقد‭ ‬تعلقت‭ ‬بذلك‭ ‬إقالات‭ ‬لولاة‭  ‬واوزاء‭ ‬التجارة‭ ‬والفلاحة‭ ‬وللرئيس‭ ‬المدير‭ ‬العام‭ ‬لديوان‭ ‬الحبوب‭. ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬تعتدل‭ ‬الأسعار‭ ‬ولم‭ ‬تزل‭ ‬طوابير‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الخبز‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬كالأرز‭ ‬والقهوة‭ ‬والزيت‭ ‬النباتي‭ ‬المدعم‭.‬

 ‬‭ /3‬التهرب‭ ‬من‭ ‬المسؤولية‭:‬

لم‭ ‬ينقطع‭ ‬عن‭ ‬خطاب‭ ‬سعيد‭ ‬هاجس‭ ‬التآمر‭ ‬عليه‭ ‬لإفشال‭ “‬مساره‭”. ‬وإن‭ ‬هذا‭ ‬الهاجس‭ ‬محكوم‭ ‬باحتمالين‭ ‬اثنين‭. ‬أحد‭ ‬الإحتمالين‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المؤامرات‭ ‬حقيقة‭ ‬قائمة‭ ‬وليست‭ ‬مجرد‭ ‬أفعال‭ ‬صادرة‭ ‬عن‭ ‬شجع‭ ‬تجاري‭ ‬أو‭ ‬هي‭ ‬ملف‭ ‬مبالغ‭ ‬فيه‭. ‬الإحتمال‭ ‬الثاني‭ ‬أنها‭ ‬ليست‭ ‬هذا‭ ‬ولا‭ ‬ذاك‭.‬

وإذا‭ ‬كانت‭ ‬حقيقية‭ ‬،‭ ‬بصورة‭ ‬أو‭ ‬بأخرى،‭ ‬فإن‭ ‬سنتين‭ ‬كاملتين‭ ‬من‭ ‬اليد‭ ‬السلطوية‭ ‬المطلقة‭ ‬كافيتان‭ ‬للإدارة‭ ‬القانونية‭ ‬بالأباطرة‭ ‬والمضاربين‭ ‬والمتآمرين‭ ‬والمحتكرين‭ ‬ولكف‭ ‬أراهم‭ ‬المفترض‭. ‬ولما‭ ‬تواصلت‭ ‬المعاناة‭ ‬الشعبية‭ ‬وتواصل‭ ‬الخطاب‭ ‬القيسي‭ ‬المُشهّر‭ ‬بهم‭ ‬،‭ ‬فإن‭ ‬الخلاصة‭ ‬اليسيرة‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬السلطة‭ ‬المركزة‭ ‬في‭ ‬شخص‭ ‬واحد‭ ‬قد‭ ‬أخفقت‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬وفي‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬المورطين‭ ‬فيه‭.‬

وإذا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الهاجس‭ ‬حقيقيا،‭ ‬وأن‭ ‬هذه‭ ‬التهم‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬محلها‭ ‬أو‭ ‬ليست‭ ‬من‭ ‬أمهات‭ ‬أسباب‭ ‬المعاناة‭ ‬الشعبية،‭ ‬فإن‭ ‬الخلاصة‭ ‬هي‭ ‬أنّ‭ ‬الخلل‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬العامة‭ ‬المنتهجة،‭ ‬وفي‭ ‬جملة‭ ‬القائمين‭ ‬عليها‭. ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬الحال‭ ‬يكون‭ ‬خطاب‭ ‬سعيد‭ ‬الإتهامي‭ ‬على‭ ‬الشياع‭ ‬والدوام‭ ‬هو‭ ‬خطاب‭ ‬تهرب‭ ‬من‭ ‬المسؤولية‭ ‬والتغطية‭ ‬على‭ ‬القصور،‭ ‬وإرجاع‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬المؤامرات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تنتهي‭. ‬وإن‭ ‬الإتجاه‭ ‬إلى‭ ‬خطاب‭ ‬الإتهام‭ ‬الذي‭ ‬يشبه‭ ‬خطاب‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬خارج‭ ‬السلطة،‭ ‬إنما‭ ‬يمنح‭ ‬به‭ ‬الرئيس‭ ‬سعيد‭ ‬لنفسه‭ ‬وضعا‭ ‬مريحا‭ ‬يصوغ‭ ‬به‭ ‬خطابا‭ ‬شعبويا‭ ‬لا‭ ‬ينفق‭ ‬إلا‭ ‬على‭ ‬ذوي‭ ‬الغفلة‭.‬

و‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬السلطة‭ ‬مقصرة‭ ‬أو‭ ‬عاجزة،فكيف‭ ‬نفسر‭ ‬سلسلة‭ ‬الإقالات‭ ‬التي‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬تعوَّض‭ ‬والتي‭ ‬شملت‭ ‬رأس‭ ‬الحكومة‭ ‬ذاتها،‭ ‬والتي‭ ‬يتّصل‭ ‬أغلبها‭ ‬بهذا‭ ‬الشأن‭ ‬المعاشي‭ .‬

لا‭ ‬أحد‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬يشك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬أباطرةً‭ ‬ودوائر‭ ‬عائلية‭ ‬نافذة‭ ‬تقبض‭ ‬على‭ ‬أغلب‭ ‬اقتصاد‭ ‬البلاد‭. ‬وإن‭ ‬التقارير‭ ‬الأجنبية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬مصلحة‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬تزييف‭ ‬الحقائق‭ ‬تقر‭ ‬بذلك‭ ‬إقرارا‭ ‬دقيقا‭. ‬وقد‭ ‬نسلم‭ ‬بأنهم‭ ‬صاروا‭ ‬أصحاب‭ ‬نفوذ‭ ‬يقدرون‭ ‬به‭ ‬على‭ ‬التّفصّي‭ ‬من‭ ‬سلطة‭ ‬الدولة‭. ‬وإزاء‭ ‬ذلك،‭ ‬لا‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الحلول‭ ‬الجدية‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬اتصال‭ ‬خطاب‭ ‬الإتهام‭ ‬والتخوين،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الإطاحة‭ ‬ببعض‭ ‬الأنفار‭ ‬إطاحة‭ ‬معزولة‭ ‬لا‭ ‬تتبعها‭ ‬نظرة‭ ‬موسعة‭ ‬تكون‭ ‬بها‭ ‬إعادة‭ ‬صوغ‭ ‬لبنية‭ ‬الإدارة‭ ‬والتشريع‭ ‬والرقابة‭ ‬وطرق‭ ‬العمل‭. ‬وبخلاف‭ ‬ذلك‭ ‬،‭ ‬فإن‭ ‬استمرار‭ ‬الحال‭ ‬على‭ ‬ماهي‭ ‬عليه،‭ ‬إدارةً‭ ‬ورقابةً‭ ‬وتشريعا،ستفسح‭ ‬المجال‭ ‬لتناسل‭ ‬الأباطرة‭ ‬والمضاربين‭ ‬والمحتكرين،‭ ‬وستدفع‭ ‬الخطاب‭ ‬الرسمي‭ ‬إلى‭ ‬مواصلة‭ ‬التنصل‭ ‬من‭ ‬المسؤولية‭ ‬ولو‭ ‬بتجاهل‭ ‬الأرقام‭ ‬الرسمية‭.‬

‭  /4‬منطوق‭ ‬الأرقام‭:‬

استدعت‭ ‬بعض‭ ‬الوسائط‭ ‬الإعلامية‭ ‬الجداول‭ ‬الرسمية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بميزان‭ ‬الواردات‭. ‬وإنها‭ ‬جداول‭ ‬تنطق‭ ‬أرقامُها‭ ‬بخلاف‭ ‬ما‭ ‬ينطق‭ ‬به‭ ‬الخطاب‭ ‬الرسمي‭ ‬الذي‭ ‬لعله‭ ‬يجاهر‭ ‬بتلك‭ ‬المخالفة‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬تعويله‭ ‬على‭ ‬ضيق‭ ‬النفاذ‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬الجداول‭.‬

تبين‭ ‬هذه‭ ‬الجداول‭ ‬أن‭ ‬الميزان‭ ‬التجاري‭ ‬الغذائي‭ ‬قد‭ ‬تراجع‭ ‬إلى‭ ‬موفى‭ ‬شهر‭ ‬جويلية‭ ‬،2023‭ ‬بنسبة‭ % ‬14في‭ ‬مجال‭ ‬الحبوب‭ ‬وبنسبة‭ ‬نحو‭ ‬21‭ % ‬في‭ ‬محال‭ ‬الزيوت،‭ ‬وذلك‭ ‬قياسا‭ ‬على‭ ‬الفترة‭ ‬نفسها‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭. ‬وإن‭ ‬حصة‭ ‬واردات‭ ‬الحبوب‭ ‬من‭ ‬جملة‭ ‬الواردات‭ ‬سنة‭ ‬2022‭ ‬هي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭% ‬54 ‬لكنها‭ ‬كانت‭ ‬سنة‭ ‬2021‭ ‬أكثر‭ ‬من‭% ‬61‭ ‬.

و‭ ‬الواردات‭ ‬من‭ ‬القمح‭ ‬اللين‭ ‬الذي‭ ‬منه‭ ‬الخبز‭ ‬هي‭ ‬2‭ , ‬715‭ ‬الف‭ ‬طن‭ ‬سنة‭ ‬2021،‭ ‬أي‭ ‬في‭ ‬أوج‭ ‬وباء‭ ‬الكورونة،‭ ‬وهي‭ ‬نحو‭ ‬740‭ ‬الف‭ ‬طن‭ ‬سنة‭ ‬2022‭.‬

وإلى‭ ‬موفى‭ ‬شهر‭ ‬جويلية‭ ‬2023‭ ‬بلغت‭ ‬الواردات‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬السلعة‭ ‬نحو637‭ ‬ألف‭ ‬طن‭. ‬لكنها‭ ‬بلغت‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬نفسها‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬740‭ ‬ألف‭ ‬طن‭. ‬وهكذا‭ ‬يكون‭ ‬الفارق‭ ‬السنوي‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المنوال‭ ‬مهولا‭. ‬وإن‭ ‬قيمة‭ ‬التوريد‭ ‬المالية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬السنة‭  ‬إلى‭ ‬موفى‭ ‬شهر‭ ‬جويلية‭ ‬2023،‭ ‬هي‭ ‬دون‭ ‬30‭ % ‬من‭ ‬قيمة‭ ‬الفترة‭ ‬نفسها‭ ‬من‭ ‬السنة‭ ‬الماضية‭.‬

إزاء‭ ‬ذلك‭ ‬نستخلص‭ ‬أن‭ ‬الإشكال‭ ‬الرئيس‭ ‬إنما‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬ندرة‭ ‬مادة‭ ‬القمح‭ ‬اللين‭ ‬المترتبة‭ ‬على‭ ‬نقص‭ ‬التوريد،‭ ‬وهذا‭ ‬شأن‭ ‬السلطة‭ ‬أولا‭ ‬وأخيرا‭ ‬،‭ ‬ويثبت‭ ‬ما‭ ‬تناقلته‭ ‬الصحف،‭ ‬وهو‭ ‬رُسُوَّ‭ ‬البواخر‭ ‬بأحمالها‭ ‬قبالة‭ ‬موانينا‭ ‬لأن‭ ‬أصحاب‭ ‬الأحمال‭ ‬لم‭ ‬يتسلموا‭ ‬الأموال‭ ‬المطلوبة‭ ‬ولا‭ ‬ثقة‭ ‬لهم‭ ‬في‭ ‬ذمة‭ ‬بلادنا‭ ‬المالية‭.‬

إن‭ ‬الأسباب‭ ‬مركبة‭ ‬متعددة‭. ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نستبعد‭ ‬سوء‭ ‬الطوايا‭ ‬لدى‭ ‬بعض‭ ‬تجارنا‭ ‬ورجال‭ ‬أعمالنا‭. ‬لكن‭ ‬المسؤولية‭ ‬الأولى‭ ‬إنما‭ ‬هي‭ ‬مسؤولية‭ ‬السلطة،‭ ‬لذاك‭ ‬لا‭ ‬نرى‭ ‬وجاهة‭ ‬في‭ ‬الهروب‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭ ‬بخطاب‭ ‬الإتهام‭ ‬الذي‭ ‬صار‭ ‬تلازمية‭ ‬قيسية‭ ‬لا‭ ‬أثر‭ ‬لما‭ ‬بعدها‭. ‬فليس‭ ‬بهذا‭ ‬الهروب‭ ‬المرجّح‭ ‬يكون‭ ‬تصريف‭ ‬الشأن‭ ‬العام‭ ‬تصريفا‭ ‬واسع‭ ‬الأفق‭ ‬مبدعا‭ ‬ناجعا‭.‬

*نشر باسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 22 اوت 2023


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING