الشارع المغاربي-منى المساكني من المفارقات في خطاب رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الذي دام ما يقارب ساعة وألقاه اليوم الاربعاء 20 مارس 2019 بمناسبة ذكرى عيد الاستقلال ، انه تضمن ما يشبه المحاكمة لرئيس الحكومة يوسف الشاهد من خلال استعراض حصيلة سلبية لحكمه وتضمن في نفس الوقت مغازلات بين السطور تشير ضمنيا الى دعوة للصلح .
فقد اكد الرئيس قائد السبسي “انه مع لم الشمل” وذلك في خلاصة الجزء الاول من الخطاب المخصص لنبذة تاريخية حول مسار الحصول على الاستقلال وأهمية”الوحدة الوطنية” التي جدد الدعوة اليها معتبرا ان ” لا تواصل لمسيرة تونس الا بالوحدة القومية” .
ومن الجمل “السبسية “التي تُفهم كمغازلة للشاهد قوله ” وقفنا في مضيق انواصلو هكة ؟..إذا كان يرجعلنا شاهد (ضاحكا) ما قلتش شاهد العقل… يلزمنا نمشيو مع بعضنا اليد في اليد”، وتابع “أعتقد أن كلامي واضح… لنخرج من هذا المضيق… المهم ليس اعلان الترشح للرئاسة… ففي السياسة لا وجود لعداوة ولا لصداقة إلى ما لا نهاية له”.
ومن الجمل نذكر أيضا “إلّي في السلطة في يدو الحل في يدو الدواء.. انجمو نوصلو للحل لا بد نتحاورو وانحطو اليد في اليد من اجل مصلحة تونس لان تونس فوق الاحزاب” ثم قوله ” موش صعيب اذا صفات الامور ونقومو بالعمل السياسي بقلوب منفتحة”.
وعند تطرقه الى التحوير الوزاري الواسع الذي اقره الشاهد في نوفمبر 2018 ، جدد رئيس الجمهورية التاكيد على انه تضمن خرقا للدستور بسبب عدم استشارته متجنيا هذه المرة الحديث عن ” انقلاب عليه ” او ” غدرة ” مكتفيا بالاشارة الى ان الامر تم “بتوافق بين الشاهد والنهضة” وانه جُرد بذلك من المسؤولية بتحويل السلطة التنفيذية من سلطة برأسين مثلما فرض ذلك الدستور الى سلطة براس واحد ملخصا وقع التحوير الوزاري على المستوى السياسي بالقول ” رئيس الجمهورية ما عادش عندو مسؤولية” خاتما هذا القوس بهذه الجملة” يلزم نتدارك الوضع”.
ومنذ انطلاق الخطاب الى نهايته استعمل رئيس الجمهورية ” الوحدة الوطنية/ الوحدة القومية ” أكثر من خمس مرات مشددا على انه كل ما تم العمل استنادا الى “الوحدة الوطنية تم تسجيل نجاح” ، والحديث عن الوحدة الوطنية لا يعني امرا اخر بخلاف مصالحة على الاقل بين رأسي السلطة التنفيذية التي يمثلها هو والشاهد . والمعلوم ان العلاقة بينهما تميزت بالتوتر طيلة أكثر من سنة ثم تحولت الى قطيعة باقرار تحوير وزاري دون استشارته .
ولا يبدو الحديث عن تعيين الزعيم بورقيبة محمود الماطري في أول حكومة بعد الاستقلال والتذكير بالخلاف القائم بينهما وقتها بالبريء اذ اشار الى ان الماطري عين وزيرا للصحة رغم انه كان في خلاف كبير مع بورقيبة داعيا الى “استخلاص العبر من الماضي” مبزرا انه” كلما كانت تونس في هنات كبرى إلا وخرجت منها بفضل الوحدة الوطنية” ولفت الى ان ” نجاح تونس في التغلب على كل الصعويات يتم بوحدة الصف بين كل الاطياف دون اعتبار لانتماءات “مستعرضا بعد ذلك الحصيلة الهزيلة للحكومة من 2016 الى 2018.
وشدد الرئيس قائد السبسي على ان استعراض الحصيلة ليس لـ “تسجيل نقاط ” وان العودة الى حيثيات التحوير الوزاري لم تتم بغاية “اللوم” بل لـ”سرد حقائق والتنبيه للمستقبل” .