الشارع المغاربي : استدعت وزارة الخارجية أمس الخميس سفير الإتحاد الأوروبي في تونس باتريس برغاميني إلى مقر الوزارة لتوضيح فحوى حواره الذي أجرته معه صحيفة ”لوموند” الفرنسية وفق ما نقلت إذاعة “شمس أف أم” عن مصدر قالت إنه مطلع.
وحسب نفس المصدر التقى برغاميني مسؤولا ساميا بوزارة الخارجية وقدم اعتذاره عن ردود الفعل التى رافقت حواره مع صحيفة ”لوموند” وأكد أن تصريحاته أُخرجت من سياقها.
وأشار برغاميني الى أن اللقاء الصحفي الذي جمعه بصحيفة لوموند كان منذ فترة طويلة وأن نشره لم يتم إلا هذا الاسبوع.
وكان سفير الاتحاد الاوروبي بتونس باتريس برغاميني قد أكد أن التّشظّي الذي عرفته الساحة السياسية بتونس لا يثير مخاوف دول الإتّحاد، ملاحظا أنّ ما يشغله هو “رفض المنظومة التّطور اقتصاديا “. وأضاف السفير أنه “مهما كانت نتائج الانتخابات التشريعية والرئاسية التي ستجري بتونس في أكتوبر ونوفمبر القادمين، يجب أن يكون بالقصبة عام 2020 من يتحمل مسؤولية تحديد الأولويات الاستراتيجية والاقتصادية الواضحة و يجب أن تكون له أغلبية ثابتة وقوية لتطبيقها”. وتابع برغاميني:” للأسف لم نشهد ذلك خلال الثلاث سنوات الأخيرة، وهذا ما يفسر ضعف جاهزية تونس اجتماعيا واقتصاديا، مقارنة بما كان يجب أن تكون عليه لحماية نفسها من الاضطرابات التي تشهدها اليوم ليبيا، وربما غدا الجزائر”.
وفي حوار أجرته معه صحيفة “لوموند” الفرنسية ونشرته بعددها الصادر يوم الإثنين 8 جويلية الجاري خرج برغاميني عن التحفظ الدبلوماسي الذي يمليه عليه منصبه وأطلق العنان للسانه بلا أية ضوابط. واعتبر أنه “في عام 2020 ستكون أمام القيادة السياسية بتونس هامش من الاختيارات ومن الوقت أقل مما كان متاحا أمامها عامي 2014 و2016” وأن الفائزين في الانتخابات القادمة مهما كان وفاؤهم لانتمائهم السياسي سيجدون أنفسهم أمام خيار واحد: “أن يدركوا أن عليهم تطوير نموذج اقتصادي قائم حتى الآن على طبقة سياسية متحالفة مع قطاع المحتكرين، وبخلاف ذلك سيكون الإتحاد الأوروبي قلقا على تونس”.
وقال المتحدث: “إذا تورطت ليبيا في نزاع طويل الأمد سواء بمشاركة خفية من أطراف خارجية أم لا، وسواء كان هذا النزاع داميا أم لا، فإنّ التونسيين سيجدون أنفسهم مجبرين على إيجاد سوق أخرى للتصدير ولخلق الثروة للتعويض عن ليبيا التي مثلت لسنوات طويلة منفذا اقتصاديا هاما لتونس من ناحية التشغيل والمبادلات التجارية”.
أمّا في ما يتعلق بالجزائر، فالجميع يحبس أنفاسه. وبإمكاننا اعتبار الحراك المدني السلمي مدعاة للإعجاب ومفخرة للشعب الجزائري، ولكن لابد من ملازمة الحذر ،وإذا قُدّر للجزائر مواجهة مصاعب سيمثّل ذلك تعقيدا إضافيا لاقتصاد تونس وبالتالي لاستقرارها السياسي، وإذا وجّهنا أنظارنا إلى الجنوب نصطدم بمنطقة الساحل التي تحولت منذ 10 سنوات إلى مشكل أمني، والتي أصبحت بعض جهاتها محرّمة على التّنظيمات الإرهابية، ونحن بحاجة لتفادي تدهور الوضع الأمني بهذه المنطقة، وقد شاهدنا ما وقع بأفغانستان والعراق ونرفض بروز بؤر توتر على بعد بعض الكيلومترات من الديموقراطية الناشئة الوحيدة بالمنطقة”.
وعمّا إذا كان يعتبر أنّ للإتّحاد الأوروبي دورا في “حماية تونس” قال برغاميني: “رهان الإتّحاد هو السّهر على أن تكون تونس خاصة في هذه السنة الانتخابية جاهزة كأفضل ما يكون اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا لمواجهة مزيد من تدهور الأوضاع الإقليمية، سواء بالدّول المجاورة لها أو حتى البعيدة عنها، وهذا هو سبب ضخّ أوروبا بتونس 300 مليون أورو سنويا في شكل هبات أو في إطار تعاون يمتد من سنة 2016 إلى سنة 2020، وهذا مبلغ ضخم. وتونس على هذا الصعيد، هي البلد الذي يحتل المرتبة الأولى بقائمة الدول المدعومة من قبل الإتحاد الأوروبي، إضافة إلى العرض المقدم لها والمتمثل في اتفاق أليكا والذي نحن بصدد التفاوض عليه مع الطرف التونسي”.