الشارع المغاربي: نشرت صحيفة القدس العربي مقالا بتوقيع المعلّق الجزائري الشهير حفيظ درّاجي تناول فيه تبعات قرار لجنة الانضباط بخصوص نهائي كأس رابطة الأبطال الافريقية.
المقال جاء تحت عنوان “مهزلة «الكاف» و«التاس» والترجي والوداد” وكعادته خلّف ردود فعل واسعة في صفوف جماهير الترجي التي تعتبر درّاجي متحاملا دائما على ممثّل كرة القدم التونسية وترى دائما في تعليقاته مسّا من قيمة الترجي وتشكيكا في أحقّية بطل افريقيا في التتويج بألقابه القارية.
ورغم أنّ المقال هذه المرّة لم يسء للترجي ولم يحمله مسؤولية كبيرة في الأحداث التي جدّت في نهائي الأبطال بملعب رادس خاصة أنه وجّه سهام نقده هذه المرّة الى الهيكل الأوّل المشرف على تسيير اللعبة في القارة الافريقية فإنّ البعض من جماهير الترجي ترى أنّ معلّق بي اين سبورت القطرية ينفخ سمومه بين السطور.
وفي ما يلي المقال مثلما ورد في صحيفة القدس العربي:
قرار الكاف بتتويح الترجي التونسي بطلا لدوري أبطال إفريقيا 2019 كان متوقعا بعد لجوء الفريق التونسي إلى محكمة التحكيم الرياضي، وكل اللغط الذي أحاط بالمهزلة الكروية التي لا تنقص طبعا من قيمة تتويج الترجي، لكنه سيبقى نهائي وصمة عار في تاريخ الكرة الافريقية، نظرا للأخطاء المتراكمة لكل الأطراف المعنية، بعدما بقي مصير المتوج معلقا منذ أشهر اثر قرار الاتحاد الافريقي بإعادة إقامة المباراة على ملعب محايد، ثم قرار محكمة التحكيم الرياضي (تاس) بعدم شرعية القرار وضرورة إعادة النظر فيه من لجنة الانضباط للاتحاد الافريقي، التي اجتمعت أمس لإعادة فتح الملف واتخاذ إجراءات عقابية ثقيلة في حق الفريقين وكل المتسببين في الفوضى التي عمت تنظيم المباراة، ومن ثم التراجع عن قرارها الأول ومنح اللقب للترجي بحجة انسحاب الوداد من أرضية الميدان، وهو قرار قد يبدو منطقيا لكنه امتداد لقرارات عشوائية سابقة من كل الأطراف المعنية بالنهائي.
للتذكير فقد قررت هيئة أحمد أحمد إعادة إقامة النهائي على ملعب محايد بحجة سوء التنظيم في لقاء رادس، وعدم توفر الظروف الأمنية الكافية لإقامة المباراة، وهو القرار الفريد من نوعه الذي سبقته قرارات وإجراءات وأخطاء متتالية أوصلت الهيئة القارية إلى مأزق كبير عنوانه الفشل الذريع في تنظيم نهائي أكبر منافسة قارية للأندية، ثم فشل آخر في معالجة المشكلة التي بقيت عالقة إلى اليوم، امتدادا لأخطاء متتالية وقعت فيها كل الأطراف المعنية، وأدت بالمكتب التنفيذي للهيئة القارية في اجتماعه الأخير في القاهرة إلى اتخاذ قرار إجراء نهائي الموسم المقبل لكأس الكاف ودوري الأبطال على ملعب محايد، رغم أن خصوصية القارة السمراء تجعل من هذا القرار تجريد النهائيين من النكهة والجماهيرية، ولكم أن تتصوروا الحضور الجماهيري لنهائي يجمع بين فريقين من الكاميرون ونيجيريا ويلعب في الجزائر مثلا!
ما بني على باطل فهو باطل، والأخطاء المرتكبة تلتها قرارات أخرى غير صائبة من كل الأطراف المعنية بنهائي رادس، بدءا من الفشل في تشغيل واستعمال تقنية «فار» الذي تتحمل مسؤوليته الكونفدرالية الافريقية، ما تسبب بدوره في عدم احتساب هدف التعادل الشرعي الذي سجله الوداد في الشوط الثاني. الوداد من جهته أخطأ عندما رفض مواصلة اكمال المباراة بسبب خطأ في التحكيم وتعطل تقنية الفيديو، ومسيرو الترجي أخطأوا لما ضغطوا على حكم المباراة، الى درجة تهديده وتهديد رئيس الكاف، حسب تقرير حكم المباراة الذي أرسله للهيئة القارية، الحكم من جهته أخطأ في إعلان نهاية المباراة قبل الأوان وإعلان الترجي متوجا بعد توقف دام أكثر من ساعة من الزمن، ولم يقدر على اقناع لاعبي ومسيري الوداد بمواصلة المباراة، ليكتمل سيناريو الأخطاء بقرار الكاف إعادة اجراء المباراة النهائية على ملعب محايد، في سابقة أولى من نوعها لا تنص عليها اللوائح ولا القوانين، الترجي بعدها أخطا بدوره في اللجوء إلى محكمة التحكيم الرياضي التي أعادت الكرة إلى لجنة الانضباط للهيئة القارية التي تراجعت ومنحت اللقب للترجي.
البعض كان يعتقد أن قرار محكمة التحكيم الرياضي غامض غير ملزم، لكن الكاف وجد نفسه في ورطة كبيرة قادته إلى اتخاذ قرار آخر خاطئ لا يرضي الوداد هذه المرة، بعدما كان البعض يعتقد أن هيئة احمد احمد ستتوجه نحو الغاء كأس بطولة 2019 وعدم منحها لأي من الفريقين، وهو القرار الأقرب إلى المنطق في ظل كل التجاذبات التي حدثت والأخطاء المشتركة التي وقعت من كل الأطراف، لأن ما بني على باطل يعتبر باطلا في نظر الكثير، ويقتضي استقالة كل المكتب التنفيذي للهيئة القارية الذي فشل في تنظيم النهائي وفشل في معالجة الورطة التي وقع فيها، وفشل حتى في تسيير أموره بكل سيادة حتى تدخلت محكمة التحكيم الرياضي وتدخل قبلها الفيفا في الكاف بتعيين الأمينة العامة للاتحاد الافريقي منسقة لشؤونها في سابقة فريدة، علما أن الكاف ليس تابعا للفيفا حتى تكون وصية عليه، بل الاتحادات المحلية العالمية هي التي تعتبر عضوة منخرطة في الاتحاد الدولي لكرة القدم.
رب ضارة نافعة، فنهائي دوري أبطال إفريقيا 2019 قد يكون سببا في نهاية مهازل الكاف الذي فقد مصداقيته وفقد صلاحياته وفقد أيضا سلطاته، ولم يبق لرئيسه ومكتبه ولكل الاتحادات الافريقية سوى اعلان الإفلاس الإداري والفني والأخلاقي، ثم المرور إلى التغيير الذي يضمن التحول نحو الأفضل، من دون أحمد احمد ومن دون وصاية الفيفا ولا جبروت بعض الأندية والاتحادات الافريقية. الكرة السمراء يريدها الجميع أن تكون بيضاء على جميع المستويات، خالية من المهازل في عالم كرة أصبح تحت المجهر وكل خطأ لن يبرر ولو كان هينا.