الشارع المغاربي-منى المساكني : خلال اجتماع في تطاوين يوم 9 سبتمبر الفارط دعا المترشح للانتخابات الرئاسية قيس سعيد إلى ضرورة أن يدفع الرئيس التونسي القادم إلى جمع كل فرقاء الأزمة الليبية على طاولة الحوار ووضع حد لتدفق السلاح على ليبيا والتعجيل بتنظيم انتخابات في البلاد، وشكل اول تدخل لرئيس تونس الجديد في الملف الليبي ، لقاء جمعه مساء اليوم الثلاثاء 29 أكتوبر 2019 بقصر قرطاج خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا.
وجاء اللقاء بعد يوم فقط ، من اعلان المشري، يوم أمس الاثنين، عن مبادرة قال في مؤتمر صحفي عقد يوم أمس في العاصمة الليبية طرابلس انها تقوم على خمسة محاور وأنها تهدف لحل الأزمة الليبية على قاعدة “إنهاء المرحلة الانتقالية بالتشاور مع مجلس النواب، خلال شهرين، وتعديل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق” وأن مبادرته تقوم على خمسة محاور هي: “المحور الدستوري، والمسار السياسي، والمسار الأمني، وأولويات الحكومة، وتعزيز الثقة بين مكونات المجتمع الليبي”، بالإضافة إلى “معالجات حكومية عاجلة”.
ولمن لا يعرف المشري ، فهو قيادي في جماعة الإخوان المسلمين، وعضومؤسس في حزب “العدالة والبناء” الذراع السياسية للإخوان، أعلن استقالته من التنظيم يوم 26 جانفي 2019 ،ووصفت من قبل متابعين للشأن الليبي بالمفاجأة مرجعا اياها لأسباب فكرية ووطنية. وكان المشري في خلاف مع القيادي الابرز في التنظيم بليبيا علي الصلابي الذي نعته ضمنيا بالمتشدد واقر في نص استقالته بـ” فشل المراجعات التي تجريها الجماعة منذ نوفمبر 2011، وما تمخض عن تلك المراجعات من قرارات بـ”حصر نشاط الجماعة في المجال الدعوي والخيري” و”إنهاء العمل السري” و”تسجيل الجماعة كجمعية خيرية مرخصة”، وعدم تنفيذها، كأسباب للخروج من التنظيم. كما تحدث عن مخرجات مراجعات 2015، أي تلك التي تخص العمل العلني للجماعة بما يجنب ما يثير الخلافات، وإنهاء وجود جماعة الإخوان، والتحوّل إلى العمل المؤسساتي، واصفًا إياها بأنها “لم ترَ النور” لأسباب لم يذكرها.
أما عن مواقف المشري ، فهي تتوزع بين اتهام الامارات بدعم الاقتتال بليبيا عبر مساندة المشير خليفة حفتر ومده بالمال والسلاج ودعوة حكومة الوفاق الى تفعيل قرار اعتقال حفتر ، وللمشري موقف أيضا من ” الازلام” الذين يمثلهم سيف الاسلام القذافي ، ويقول ان لا مستقل له وانهم جربوا ففشلوا .
هل يمكن القول ان لهذا اللقاء مؤشرات لخروج تونس عن الحياد السلبي ازاء الملف الليبي ؟ هذا غير ثابت خاصة مع تشديد قيس سعيد خلال اللقاء على “ثوابت الموقف التونسي من المسألة الليبية وتمسكها بالشرعية الدولية لإيجاد تسوية سياسية شاملة تخدم مصلحة الشعب الليبي وتحافظ على سيادته ووحدة أراضيه وتعيد الأمن والاستقرار لهذا البلد الشقيق” مضيفا أنّ الحلّ يجب أن يكون نابعا من إرادة الليبيين أنفسهم وبعيدا عن أيّة ضغوطات وبإرادة ليبية خالصة”.
لكن مع تذكير سعيد بثوابت تونس الدبلوماسية ، ستكون لاجرائه اول لقاءات مع الفرقاء الليبين ، مع احد أطراف الازمة ، رسالة سلبية وقد يفقده ذلك بشكل او باخر بالنظر الى اصطفافات ضيفه الاقليمية ، حيادا كان سيوفر له أريحية اكبر في لعب دور بالجارة ليبيا ، وكان يفترض عليه ان يطلق اول لقاءاته مع اصحاب الشرعية الدولية ، او ممثل الامم المتحدة فيها .
وكان المشري قد نقل لسعيد، وفق ما جاء في بلاغ صادر عن رئاسة الجمهورية ، تطورات الأوضاع في ليبيا والخطوط العريضة للمبادرة التي تقدّم بها لإيجاد تسوية شاملة للأزمة الليبية ومسار وضع مسودة دستور للبلاد مستعرضا الجهود المبذولة من أجل وقف الاقتتال والعودة سريعا إلى الحوار والتفاوض لاستئناف العملية السياسية وإيجاد حلّ دائم للأزمة الليبية اَملا أن تواصل تونس دورها الإيجابي في الملف الليبي والمساعدة على تحقيق الأمن والاستقرار في كافة ربوع ليبيا.