الشارع المغاربي-منى المساكني: حتى منتصف نهار يوم أمس الاثنين 20 جانفي 2020 ، كان المنجي مرزوق هو الشخصية التي اختارها رئيس الجمهورية قيس سعيد لتشكيل ما بات يسمى بـ”حكومة الرئيس” ، بل ان سعيد قدم الاسم لشخصين التقاهما بشكل منفرد يوم امس ، هما راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة ونور الدين الطبوبي أمين عام اتحاد الشغل.
مصادر متقاطعة ، تؤكد ان الغنوشي لمس لدى سعيد ” بعض التردد” ، و “حتى تفكير في تأجيل الاعلان بـ24 ساعة” وانه ” قدم اسم مرزوق كمقترح للتكليف بتشكيل الحكومة” .وخلال اللقاء ، لم يبد الغنوشي اعتراضا على مرزوق لكنه ذكر بأن الاسم لم يكن ضمن مرشحي الحركة ” التي حلت في المرتبة الاولى حسب نتائج الانتخابات التشريعية” . غادر الغنوشي القصر وفي ذهنه انه “رمى الكرة لسعيد” بتذكريه بتمسكه بمرشحيه ، وطبعا الامر لا يتعلق بثلاثي الحركة بثينة بن يغلان وتوفيق الراجحي وانور معروف ، بل بالمرشح التوافقي مع قلب تونس فاضل عبد الكافي.
مع شبه تأكد الغنوشي بأن ” سعيد لم يحسم امره بعد” ، انطلقت استنادا الى ذلك عملية البحث عن مرشح جديد في الكواليس، بعد ان كشف الرئيس سعيد عما يشبه الرفض لـ ” اسماء بعينها” ، ليظهر مرشحون جدد “تكنوقراطيون” بالاساس ، كان التكتيك ” الحيلولة دون اختيار شخصية جدلية ” ، تكون عنصر تعطيل في مسار تشكيل الحكومة . في الاثناء وبعد ساعات قليلة من اللقاء في القصر ، وفي تمام الساعة الخامسة من عشية يوم امس اتصل سعيد هاتفيا بالغنوشي ليعلمه هذه المرة بأنه اتخذ قراره وانه اختار ” الياس الفخفاخ” .
هذا الاعلام فاجأ الغنوشي تماما مثلما فاجأه الاسم ، ليخرج من ” الدبلوماسية” التي ميزت اللقاء الصباحي ، ويطلب من الرئيس قيس سعيد تعليلات تبرر سبب الاختيار ، لافتا الى ان ” الفخفاخ غير بعيد عن الحركة واشتغل سابقا في حكومتيها” ، وانه “سيعرض التعليل على مؤسسات الحزب” واحدها المكتب السياسي كان وقتها على مشارف الاجتماع ، وانطلق بعد ساعة تقريبا دون مشاركة الغنوشي الذي بقي في مكتبه في المقر المركزي للحركة بمونلبيزر واكتفى بمحادثات جانبية مع عدد من قيادات حزبه.
التزم سعيد الصمت ، صمت أبلغ من الكلام ، اذ انه قدم قرارة وبات الأمر مقضيا . وتقول مصادر من المكتب السياسي للحركة ان الغنوشي لم يعلم اعضاء المكتب باختيار قيس سعيد ترشيح الياس الفخفاخ وأن عددا منهم سألوه عما يُتناقل وان الغنوشي ” قدم المسألة وكأنها غير محسومة” . ومع تداول خبر توجه الفخفاخ نحو القصر الرئاسي ، انطلقت رحلة بحث قيادات الحركة عن المعطيات ، خاصة ان المعطى الذي كان محور النقاش داخل المكتب هو التوجه نحو تكليف منجي مرزوق ، الشخصية التي عرضها قيس سعيد على الغنوشي خلال الاجتماع الصباحي.
وفعلا ، اسم مرزوق اقتُرح ايضا على امين عام اتحاد الشغل الذي قد يكون أبلغ رئيس الجمهورية ” تحفظ الاتحاد على أي ترشيح يأتي من كتلة او من حزب مُعاد للمنظمة الشغيلة” ، والمعلوم ان مرزوق هو مرشح ائتلاف الكرامة ، ومسنود من حزب التيار الديمقراطي .
وتشير قراءات الى ان قيس سعيد تراجع عن تعيين مرزوق بسبب رفض اتحاد الشغل ، وهو ما ذهب اليه سيف الدين مخلوف بالتلميح مجددا دعوته اتحاد الشغل للفصل بين “النقابي والسياسي” ، فيما يؤكد تسلسل الاحداث ، ان مرشح سعيد كان الياس الفخفاخ منذ البداية وأن اسم مرزوق قدم لتبرير تقديم الاسم الثاني ، وجعل الامر وكأنه ترضية لاتحاد الشغل ، الذي يكون وقتها في وضعية من اختار السيء لتجنب الاسوأ.
وكان مرزوق من الاسماء التي يحبذها الرئيس سعيد ، ويقول مقربون منه انه تعذر على رئاسة الجمهورية الاتصال به يوم الاحد المنقضي باعتباره متواجدا في فرنسا ، وان ذلك جعلها تختار الياس الفخفاخ ، معطيات اكدها اليوم طارق الكحلاوي لقناة حنبعل .