الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: شهد الإقبال على اداء مناسك العمرة تزايدا مُطردا خصوصا طيلة الاعوام الاخيرة وقد لاحظ المراقبون للشأن الاقتصادي في البلاد ان هذه المناسك اصبحت تدر رقم معاملات مهم سواء لوكالات الاسفار المنظمة والمهيكلة او لمن يسميهم اهل المهنة بالدخلاء.
وتبرز معطيات لجنة العمرة بالجامعة التونسية لوكالات الأسفار والسياحة ان عدد المعتمرين يرتفع سنويا بمعدل 15% مع تجاوزه 90 ألف معتمر طيلة 2019 مقابل تسعيرة تتراوح بين 3000 و5000 دينار حسب الفترة ونوعية العمرة بما يعني ان كلفة العمرة تبلغ في المعدل وبشكل اجمالي 370 مليارا.
كما يبرز عدد من وكلاء الاسفار ان عديد الاشخاص يمارسون الوساطة في مجال سفر الاف المعتمرين لأداء مناسكهم. وعلى هذا الاساس، فإنه من المرتقب من ناحية حسابية صرفة ان ترتفع كلفة العمرة الى حوالي 550 مليون دينار بعنوان هذا الموسم. ومن هنا فإن انفاق التونسيين في محور السفر على الشعائر الدينية باعتبار الحج هو في حدود نسبة الثلث من اجمالي انفاقهم على السفر.
واستنادا الى المعطيات الاحصائية الرسمية لم يُثن ارتفاع معدلات التسعيرات وما يسبب من ضغوط على كاهل المواطنين ومن ثم تراجع معدل الادخار من 20 % في عام 2010 إلى 14% من الناتج الداخلي الخام خلال سنة 2018 من ارتفاع نفقات السفر بمختلف اصنافه.
ويقصد بالادخار اقتطاع جزء من الدخل والتقليص المؤقت في الاستهلاك، للدفع بالمال في شرايين الدورة الاقتصادية للمجتمع، فتتجمع مدخرات المجتمع عبر القنوات المختلفة، ليتم ضخها في مسارات الاستثمار بمجالاته المتعددة. ويرجع المتخصصون في الشأن المالي أسباب هذا الانحسار المحدود إلى عدم تطور الدخل الصافي للمواطنين وللشركات نظرا لمحدودية نسبة النمو بالإضافة إلى تأثير نسبة التضخم المالي في ظل استمرار ازدياده وعدم تحكم السلط في مستوياته بما يدفع إلى استعمال أغلبية الموارد لتلبية حاجات الاستهلاك.
وبين مؤخرا اعضاء من الجامعة التونسية لوكالات الأسفار والسياحة وممثلون بالجامعة عن لجنة العمرة فيها تواصل الإشكاليات المتعلقة بانطلاق موسم العمرة وطالبوا باتخاذ الإجراءات الكفيلة بحل المواضيع العالقة وخاصة منها مسألة التحويلات المالية.
ونظرا لخطورة ذلك على القطاع، وفق تقديرهم، وتفاديا للخسائر المالية التي قد تلحق به، فقد تم التأكيد على ضرورة تظافر الجهود لإنجاح موسم العمرة في كنف الشفافية والمساواة بين جميع المنخرطين مع احترام القوانين والتراتيب الجاري بها العمل وذلك في سياق القرارات المناسبة من سلط الإشراف.
وكانت الجامعة قد طالبت روني الطرابلسي وزير السياحة والصناعات التقليدية ووزير النقل بالنيابة بإيجاد الآليات الكفيلة للترفيع في المبلغ المخصص لتحويلات العمرة والمقدر بنحو 30 مليون دينار. كما اوضحت أن موسم العمرة يتطلب لانطلاقه على النحو الامثل صدور بلاغ في الغرض محملة كل الأطراف مسؤوليتها وعواقب كل التجاوزات.
كما أشار جابر بن عطوش رئيس الجامعة التونسية لوكالات الأسفار والسياحة الى أنّه بحكم السقف المالي المحدّد لتحويلات وكالات الأسفار، لا يجد التونسي ضالّته في وكالات الأسفار القانونية فيلتجئ إلى السوق الموازية المكوّنة من شركات الخدمات ومتعهّدي الرحلات وغيرهم من الدخلاء.
يذكر في هذا الصدد ان عدد شركات الخدمات التي تنشط في قطاع الاسفار يبلغ حوالي 4200 شركة لها ترخيص تحت معرّف تنظيم الملتقيات والمنتديات لكنّها تتولى تنظيم سفر التونسيين إلى الخارج وجميع خدماتهم بالتنسيق مع الطرف المقابل في الدولة الأجنبية. وهذا ما جعل حوالي 850 ألفا من التونسيين يسافرون عن طريق وكالات أسفار غير قانونية وبتحويلات غير قانونية (حوالي 900 مليون دينار تصرف عن طريق السوق الموازية) وهو ما يمثّل خسارة للدولة بـحوالي 350 مليون دينار ولا يسافر عبر الوكالات القانونية المعتمدة سوى 150 ألفا تقريبا.