الشارع المغاربي – كريمة السعداوي: اصدر البنك المركزي التونسي اليوم الاربعاء 12 أوت 2020 تقريره السنوي لسنة 2019 والذي تضمن عدة معطيات وتحليلا مستفيضا للوضعية المالية والاقتصادية للعام الماضي وآفاق تطورها. وخصص التقرير، في هذا الاطار، محورا شاملا لوضعية التداين العمومي بشقيه الداخلي و الخارجي.
وتم التأكيد، على هذا الصعيد على ان الدفوعات بعنوان تسديد الدين العمومي بلغت، أصلا وفوائد، 9588.3 مليون دينار بعنوان سنة 2019 أي بزيادة نسبتها 20.9% مقابل 13.2% قبل سنة. ويعود هذا التطور حسب البنك المركزي بالأساس إلى ارتفاع خدمة الدين الخارجي بنحو 50.5% حيث ارتفع تسديد اصل الدين بحوالي 61.2% في حين ازدادت الدفوعات المتعلقة بالفوائد بزهاء 23.4% وهي زيادات عالية للغاية مقارنة بالأعوام السابقة.
واكد التقرير ان المسألة ترجع الى تسديد القرض القطري بقيمة 250 مليون دولار وقرض آخر متحصل عليه في السوق المالية الدولية، بضمان أمريكي بقيمة 485 مليون دولار.
وبالنسبة لسنة 2020 تبرز المعطيات أنه من المتوقع أن تواصل الدفوعات المرصودة بعنوان خدمة الدين مسارها التصاعدي أي بنسبة قدرها 21.8% لتبلغ بالتالي 11.678 مليون دينار تتعلق منها نسبة 43.3% بالدين الداخلي، مع تراجع النفقات المرتبطة بالدين الخارجي بنحو 2.9%.
ومن المرتقب أن يسلط سنة 2020 ارتفاع حجم تسديد القروض وخاصة الداخلية ضغوطا على الحاجات من التمويل رغم أن التوقعات تشير إلى انخفاض في عجز الميزانية دون اعتبار التخصيص والهبات ليبلغ 3% من إجمالي الناتج المحلي. وسيؤدي ذلك إلى ارتفاع قائم تداين الدولة بـ 1.8 نقطة مئوية لينتقل من 72.2% من إجمالي الناتج المحلي في سنة 2019 إلى 74% حيث سيبلغ 94.068 مليون دينار، 75% منها ذات مصدر خارجي.
يذكر أن مذكرة تنفيذ ميزانية الدولة بعنوان النصف الأول من العام الحالي الصادرة مؤخرا عن وزارة المالية أبرزت أن تونس تحصلت الى حدود موفى جوان على قروض خارجية صرفت نسبة 84% منها في “دعم الميزانية” وفق المصطلح الوارد بالمذكرة، وهو ما يعني أن المبلغ انفق لسد عجز ميزانية الدولة لا غير وذلك في مخالفة لكافة قواعد التصرف في التداين العمومي، محليا و دوليا.
وعموما فإن طريقة التصرف في المديونية حسب ما تثبت ارقام و تقييمات الجهات الرسمية التونسية نفسها لا يمكن أن تؤدي إلا الى بلوغ الدين العمومي في ظرف وجيز وضعية عدم تحمل سداده سيما أن البيانات الواردة في تقرير وزارة المالية حول هذا الدين الذي صدر في شهر ماي الفارط تبين بوضوح أن عمليات تغطية ثغرات ميزانية الدولة الناتجة عن ضعف الموارد مقارنة بارتفاع النفقات تفاقمت بشكل خاص منذ 2016.