الشارع المغاربي-أماني الخديمي: اعتبر المحامي والقاضي السابق والناشط بالمجتمع المدني أحمد صواب اليوم الجمعة 30 أكتوبر 2020 أنّ في احداث رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد لجنة مُكلّفة باسترجاع الأموال المنهوبة الموجودة بالخارج خرقا للدستور مشددا على أن سعيد “استحوذ على صلاحيات رئيس الحكومة واعتدى على صلاحيات السلطة التشريعية ونقّح مرسوما لا يجب تنقيحه الاّ عبر قانون اساسي واعتدى على صلاحيات القضاء الاداري”.
وقال صواب في تصريح لـ”الشارع المغاربي”: “كان بالامكان تحقيق نفس الغرض ولكن بإحترام الدستور والقانون بما يعني انه كان يتوجب على رئيس الجمهورية تقديم مبادرة في الغرض وتحميل نواب الشعب مسؤولياتهم” مضيفا “أحدثت رئاسة الجمهورية لجنة مكلفة باسترجاع الاموال المنهوبة بالخارج ومن اهم مهامها التفويض والاقتراحات والتركيبة والسؤال الاول حول الامر الرئاسي عدد 112 الذي الصادر يوم 22 أكتوبر 2020 والمتعلق بإحداث هذه اللجنة هو أنّه أوّل ما صدر امر بالرائد الرسمي المتعلق بها وجدنا اشكاليتين حول مدى احترامها الدستور وبالاضافة الى ذلك فهي شبيهة بلجنة اخرى هي اللجنة الوطنية لاسترجاع الاموال الموجودة بالخارج…والسؤال المطروح هنا هل أنّ رئيس الجمهورية كفء دستوريا لذلك؟…وجدت أنّ في الامر الذي اصدره الكثير من حسن النية لأنّه على مستوى نجاعة اللجنة القديمة لا يوجد شيء …تقريبا تم استرجاع ملبغا ليس بالكبير من اموال بلحسن الطرابلسي و40 مليار تقريبا من ليلى بن علي من ارصدتها الموجودة باحد بنوك لبنان”.
وتساءل “هل رئاسة الجمهورية مختصّة في ذلك ام لا ؟ هناك خرق واضح للدستور وخرق كذلك للقانون” موضحا بالقول “الدستور يُحدد بصفة واضحة المسائل المشابهة، صلاحيات رئيس الجمهورية منصوص عليها خاصّة في الفصلين 77 و78 وبالتالي ليس لسعيّد صلاحيّة احداث المصالح والهيئات واللجان التي تسمى بالمصالح الادارية…ليس له أيّه صلاحيّة في احداث مصالح ادارية وفي المقابل فإنّه لرئيس الحكومة صلاحية إحداث المصالح الادارية وهو من له السلطة الترتيبية العامّة مما يعني انه يصدر مرسوما يطبق على الجميع مثل القوانين تصدر من رئيس الحكومة رأسا استنادا الى الفصل 94”.
وتابع “لدينا باب في الدستور ينظم صلاحيات رئيس الحكومة وباب اخر حول رئيس الجمهورية… في باب رئيس الحكومة المصالح الادارية بكلّ انواعها وفقا للفقرة الثالثة من الفصل 92 حول احداث المصالح الادارية كافّة من صلاحيات رئاسة الحكومة وبالتالي ليس لرئيس الجمهورية صلاحية احداث المصالح الادارية لا من بعيد ولا من قريب وهي تقريبا مرتبطة بالسلطة الترتيبية العامة وهي حكرا على رئيس الحكومة بمقتضى الفصلين 94 وخاصة الفصل 92 في الفقرة 3”.
واضاف صواب “من المصالح التابعة لرئاسة الجمهورية مجلس الامن القومي ومعهد الدراسات الاستراتيجية والهيئة العليا للرقابة الادارية والمالية…وينصّ الدستور بخصوص هذه المسائل في الفقرة 3 من الفصل 92 على أنّ رئيس الحكومة يختصّ بإحداث أو تعديل أو حذف المؤسسات والمنشآت العمومية والمصالح الإدارية وضبط اختصاصاتها وصلاحياتها بعد مداولة مجلس الوزراء، باستثناء تلك الراجعة بالنظر لرئاسة الجمهورية وهنا يكون إحداثها أو تعديلها أو حذفها باقتراح من رئيس الجمهورية”.
وتابع”مما يعني أنّ رئيس الحكومة يختص باحداث ما تمّ ذكره باستثناء تلك الراجعة لاقتراح من رئيس الجمهورية بما معناه ان رئيس الجمهورية اذا اراد احداث مؤسسة او ادارة جديدة برئاسة الجمهورية، يُنقصُ أو يُضيفُ أو يُعدّل أو يحذفُ فيُخرجُ وجوبا أمرا حكوميا باقتراح منه وبالتالي فإنّ اصدار امر رئاسي مباشرة يُعدّ خطأ وفيه اعتداء صريح على الدستور وعلى صلاحيات رئيس الحكومة”.
وقال في نفس السياق”كان يتعيّن على رئيس الجمهورية اقتراح امر على رئيس الحكومة رأسا واحيانا يكون الاقتراح باقتراح… يجب على الوزير ان يقترح ورئيس الحكومة يُعيّن وبالتالي القرار شيء والاقتراح شيء والاستشارة شيء آخر وبالعودة الى امر سعيّد نجد أنّه بعد اطلاعه على الدستور، أصدر القرار الرئاسي المذكور وهو يعرف القانون الدستوري ولو كان متأكّدا من اختصاصه ولم يكن هناك لبس لوضع الفصل وهذه القرينة تؤكّد انه لا توجد أيّة اشارة الى اختصاصه في ذلك وأنا متأكّد من أنّ الهياكل الادارية تعود بصفة واضحة لرئيس الحكومة”.
وقال صواب “تُعتبر اوامر حتى أعلى سلطة في الادارة أي رئيسي الجمهورية والحكومة، دائما قرارات ادارية والسؤال المطروح : هل أنّ قرار رئاسة الجمهورية مُطابق للقانون ؟ لا… لأنّه كانت هناك لجنة العدالة الانتقالية سنة 2011 بعد الثورة…هناك لجنة رابعة أحدثت في 26 مارس 2011 وهي لجنة وطنية لاسترجاع الاموال المنهوبة بالخارج وقد صدر قرار بعث هذه اللجنة بمقتضى مرسوم وحدثت بخصوصها سوابق سابقا اذ اعتبروه قانونا لانه تمّ حينها حلّ البرلمان اي انه لم يعد هناك برلمان بتاريخ صدور القرار المذكور وبالتالي عدنا لزمن الحبيب بورقيبة قبل ان يُخلق البرلمان اذ كانت أوامر بورقيبة تُعتبر قوانين وحتى خلال فترة قبل الاستقلال لم يكن لدينا برلمان وبالتالي كانت الاوامر العادية التي يصدرها الباي تُعتبر قوانين وبالتالي لا تُنقّح تلك الاوامر إلاّ بالقانون وعليه فإنّ هذا المرسوم الذي صدر عن سعيّد لا يُمسّ ولا يُلغى ولا يُنقّح بالزيادة او بالنقصان إلاّ بقانون” مستشهدا بمثال مشروع قانون الهيئة العليا المستقلة للاعلام السمعي البصري الذي سيُنقح مرسوما قائلا “وبالتالي هناك نفس الاشكال…مرسوم الهايكا لا يمكن ان يُمسّ بأيّة طريقة كانت إلاّ بالقانون”.
وواصل “هناك سابقة أخرى ايضا حول مرسوم 2011 المتعلّق بالشهداء والذي نُقّح ليس بأمر من رئاسة الجمهورية وإنّما بقانون شهداء الثورة 24 ديسمبر 2012 …من شهر مارس الى حدود مشروع المجلس التأسيسي تُعدّ قوانين ولا تنقح إلاّ بقانون لان المراسيم تعتبر قوانين. وبناء على ذلك فإنّ المحكمة الادارية اخذت هذا التوجه بعين الاعتبار واصدرت قرارا تعقيبيا ينصّ على أنّ المراسيم تنقح بقوانين” مضيفا “اولا لدينا نفس العنوان تقريبا بين اللجنتين، واحدة تحت عنوان لجنة استرجاع الاموال الموجودة بالخارج والمكتسبة بصورة غير شرعية …هذا المرسوم وبالنسبة لأمر رئيس الجمهورية فإنّه تحت مسمى استرجاع الاموال المنهوبة الموجودة بالخارج وبالتالي لدينا تقريبا نفس العنوان ونفس الموضوع ونفس الوظيفة بالاضافة الى نفس التركيبة…تقريبا نفسها وقد تمت اضافة مديرة الديوان الرئاسي ووزير املاك الدولة وبالتالي فإنّ لدينا نفس التركيبة ونفس المجال والموضوع والعنوان وكلّ هذا يؤكّد أنّ لدينا أمرا رئاسيا لم يخالف فقط الدستور وانما استحوذ أيضا على صلاحيات رئيس الحكومة وعلى صلاحيات المشرع العام”.
واعتبر المتحدّث أنّ سعيّد اخرج موضوعا هو اصلا موجود في مرسوم وأنّه يُعتبر قد نقّح مرسوما مضيفا “وتنقيح المرسوم لا يكون إلاّ بقانون وعليه يكون رئيس الجمهورية قد اعتدى واغتصب صلاحيات البرلمان بعد ان سبق وبيننا في مستوى اول أنّه خرق الدستور واعتدى على صلاحيات رئيس الحكومة وفي نفس الاطار يقول انه قدم اقتراحات وتقسيم مختلف الاجراءات التي تمّ اتخاذها لاسترجاع الاموال المنهوبة الموجودة بالخارج…وبالتالي هو لم يستحوذ فقط على صلاحيات المشرع ورئيس الحكومة بل ايضا اعطاها وظيفة تجعلها فوق اللجنة القديمة لانه سيراقبها أي أنّ هناك سلطة اشراف عليها وبالتالي لا يمكن القول انه لا علاقة لهذا الامر بما ذكرت وبالتالي خرق الدستور وصلاحيات رئيس الحكومة وصلاحيات البرلمان وحتى على مستوى المجلس التشريعي وتأكّدت أنّ اللجنة القديمة مازالت تشتغل ووزارة املاك الدولة مازالت عن طريق المكلف العام بنزاعات الدولة في مرحلة التقرير في الموضوع ورئاسة الجمهورية “تبّعتها” وبالتالي اللجنة القديمة مازالت حيّة وتشتغل لليوم “.
وتابع “في العدالة الانتقالية توجد عدّة نصوص وهياكل ولجنة عبد الفتاح عمر تعتبر من العدالة الانتقالية ولجنة المصادرة ايضا وكل ما هو قديم في السياق الثوري يعتبر من العدالة الانتقالية واجل استرجاع هذه الاملاك المنهوبة من الداخل والخارج كذلك..فالحالتان لا يتجزّآن عن العدالة الانتقالية وبالتالي فإنّ هذا الامر حول الاموال المنهوبة في الخارج بالقياس على الاموال المنهوبة بالداخل، هما نفسا وروحا لا يتجزّآن عن العدالة الانتقالية والعدالة الانتقالية تعود بنا للثورة وخاصة بعد قانونها الاطاري حول تنظيم العدالة الانتقالية سنة 2013 وبالتالي فإنّ لدينا منظومة وعدّة هياكل وعليه فإنّ هناك شبهة كبيرة… وليس هذا فقط اذ كان عليه ألاّ يُصدر امر احداث اللجنة المذكورة بقانون وإنّما بقانون اساسي لانه جزء لا يتجزّأ من العدالة الانتقالية “.
ولفت الى انه توجد في العدالة الانتقالية مراسيم مثل لجنة عبد الفتاح عمر قائلا “كل المراسيم تعتبر قوانين والاشكال المطروح هل هي قوانين عادية ام اساسية ؟ بالنظر للعدالة الانتقالية فان هذا المرسوم لا ينقح بقانون عادي وانما بقانون اساسي …الاوامر من وقت بن علي وبورقيبة ترتيبية والتي كانت قبل الثورة حكومية ورئاسية في نفس الوقت كانت واحدة فقط وأصدرها بن علي وبورقيبة، والاوامر بمقتضى قانون المحكمة الادارية مهما كان نوعها يتعين احالتها وجوبا للمحكمة الادارية لإبداء الرأي فيها ولكن بمراجعة الامر وبعد الاطلاع على المحكمة الادارية لا ارى هذا الرأي صائبا وعليه فان هناك قرينة ثابتة في عدم احالة هذا الملف على المحكمة الادارية لابداء الرأي وعليه يكون بذلك سعيد قد خرق وجوبية الاستشارة من طرف الحكمة الادارية”.
يُذكر أنّ صدرن بالرائد الرسمي منذ ايام تركيبة ومهام اللجنة التي اقر سعيد تشكيلها لمتابعة ملفات الأموال المنهوبة وكل التجاوزات المتعلقة بأملاك المجموعة الوطنية داخل تونس وخارجها.