الشارع المغاربي: قدم المحامي والقاضي السابق والناشط بالمجتمع المدني أحمد صواب قراءته بخصوص تقريرمحكمة المحاسبات المتعلق بمراقبة تمويل الحملتين الانتخابيتين التشريعية والرئاسية لسنة 2019 ومراقبة مالية الاحزاب معتبرا ان المشكل يتمثّل خاصة في طول الزمن القضائي للبت في الجرائم الانتخابية وصدور الاحكام النهائية مذكرا بأن الاحكام تسقط بعد مرور 3 سنوات من الاعلان عن النتائج النهائية للانتخابات وان الحل يكمن في الاستغناء عن طور التحقيق القضائي والجزائي والاكتفاء بالبحث الاولي لمحكمة المحاسبات.
وقال صواب في تصريح لـ “الشارع المغاربي “: “هناك 3 محاور في علاقة بالتقرير: أولا معرفة ما هي الكبائر او الجرائم الكبرى التي ارتكبت زمن الانتخابات ؟ ثانيا الزمن القضائي والزمن الانتخابي وثالثا الاليات الكفيلة بوضع حد لسياسة الافلات من العقاب مذكرا بما ورد في تقريرين سابقين بخصوص انتخابات 2011 وانتخابات 2014.
وأضاف ” بالنسبة للجرائم او الكبائر الانتخابية يمكن الحديث عنها في 3 حالات : اولها الا يقدم المترشح للانتخابات الرئاسية او التشريعية حسابه المالي… اما الجريمة الثانية فتتعلق بتجاوز نسبة سقف الانفاق الانتخابي بـ 75 بالمائة مما هو مسموح به …اما الخطيئة الثالثة فتتعلق بالتمويل الاجنبي …بالنسبة للجريمتين الاوليين فعقوبتهما وفق الفصل 98 من القانون الانتخابي تتمثل في خطية مالية كبيرة واسقاط العضوية… اما بالنسبة للجريمة الثالثة التي تتعلق بالتمويل الاجنبي فعقوبتها وفق الفصل 163 خطية مالية كبيرة جدا تتراوح بين عشرة اضعاف وخمسين ضعفا لمقدار قيمة التمويل الاجنبي بالاضافة الى عقوبة ثانية خطيرة تتمثل في المنع من الترشح لمدة 5 سنوات… اما العقوبة الثالثة فهي فقدان العضوية وهناك عقوبة رابعة خاصة برئيس الجمهورية فقط وتقضي بسجنه مدة 5 سنوات ” .
وتابع “المشكلة ان هذه الاحكام تسقط بمرور الزمن وتحديدا بعد مرور 3 سنوات وتبدأ من تاريخ التصريح النهائي بنتائج الانتخابات وفي قضية الحال يحتسب تاريخ انطلاق تنفيذ احكام متعلقة بالجرائم الانتخابية من شهر نوفمبر 2019 …إذا لم تنفذ هذه الاحكام الان فإنها ستسقط بمرور الزمن اي بعد 3 سنوات بما فيها النزاعات امام المحكمة الادارية والاجال التي تحتسب بالساعات والايام …المشكل في هذه الوضعية هو الزمن الانتخابي والزمن القضائي اللذين يتميزان بالبطء وهو ما يعني ان عقوبة فقدان العضوية هي عقوبة نظرية… لماذا؟… لان مراحل التقاضي بما في ذلك التحقيق والطور الابتدائي والاستئنافي والتعقيبي يمكن ان تستغرق وقتا طويلا يتجاوز مدة نيابية او اثنتين وكدليل على ذلك أنّ التحقيق في قضية ” شيراتون غايت ” ( اموال الهبة الصينية المتهم فيها رفيق عبد السلام) متواصل منذ 8 سنوات ” .
وواصل صواب ” هناك عامل اخر يضاف الى طول الزمن القضائي وهو انه كان على محكمة المحاسبات اعداد التقرير في ظرف 6 أشهر لكنها أعدته في سنة كاملة …الفصل 96 ينص على ان اعداد التقرير حول الانتخابات يتم في ظرف 6 اشهر ” مضيفا ” فقدان العضوية يتطلب حكما قضائيا وماليا باتا وهو ما يعني المرور بكل أطوار التقاضي…لا بد من اصلاحات خاصة قي القانون الانتخابي “.
وتساءل صواب “ماذا لو أقرت المحكمة بعدم حصول نبيل القروي على أموال اجنبية مقابل اقرار القاضي العدلي بخلاف ذلك؟ …ماذا سنفعل حينها ؟ ” متابعا ” هذا المشكل الاول ويجب ان نجد الحل لذلك…الحل في القانون الانتخابي …من الحلول الممكنة ولتجنب تضارب الاحكام بين القضاء المالي والجزائي لا بد ان يقوم القاضي الاول في مادية الوقائع بتسجيل القاضي الثاني والحل الثاني لا بد من أحكام مختصرة وخاصة بالنزاع الانتخابي… ليس لنا من حل اَخر ….يمكن ان نشبه الوضعية الحالية بشخص طلق زوجته لكنه لن يتحصل على الحكم الا بعد ان يتوفى ….الاقتراح الاخر وهو اقتراح مهم لان تقرير محكمة المحاسبات ليس عملا قضائيا وانما عمل رقابة ادارية وهو بمثابة بحث أولي في جنايات ..الحل هنا ولربح الوقت وتجنب المرورعبر درجات التقاضي والعودة الى التحقيق يمكن الاستغناء عن العودة للتحقيق القضائي والجزائي والاكتفاء بالبحث الاولي لمحكمة المحاسبات باعتبار انه تم باشراف قضاة اكفاء… يعنى يمكننا احالة الملفات على النيابة العمومية لمحكمة المحاسبات ومن ثم الى النيابة العمومية للعدلية الجزائية والتي تحيل الملف مباشرة الى الدوائر الحكمية …اعتقد انه الحل الانسب …”.
وختم صواب بالقول ” للتذكير المشكل الاول الذي يمكن ان يواجهنا هو التعارض بين القضاء المالي والقضاء الجزائي والمشكل الثاني هو غياب الاجال المختصرة وأخيرا لا بد لنا من تجاوز مرحلة التحقيق التي تعطل النظر في الملفات والا فإننا نكرس نظرية الافلات من العقاب.. اتذكر عندما كنت قاضيا انتخابيا في سنة 2011 محكمة المحاسبات اقرت بحصول القناة التلفزية ” المستقلة ” على تمويل اجنبي قُدر بـ1.2 مليون دينار وكان يمكن ان ينجر عن ذلك حينها فقدان نواب العريضة الشعبية مقاعدهم بالمجلس ودخولهم السجن وكان يمكن ان ينقلب المشهد البرلماني حينها… التمويل الاجنبي كان موجودا ايضا في الانتخابات الرئاسية لسنة 2014 ..لوكان الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي حيا يرزق كان يمكن ان يتمتع بعهدة ثانية او ثالثة دون ان تصدر الاحكام في قضايا التمويل… اذن لا بد من وجود حل للاجال القضائية لتوفير حد ادنى من الجدوى والمصداقية…. مرسوم الاحزاب والقانون الانتخابي يمكن ان يكون منطلقا لتحريك العقوبات ضد الاحزاب السياسية مثلما يقتضي المرسوم والذي ينص على حل الاحزاب”.