الشارع المغاربي- كريمة السعداوي: أشرف رئيس الحكومة هشام المشيشي مساء أول أمس الأربعاء 23 ديسمبر 2020 على جلسة عمل خصصت للنظر في سبل إصلاح المنظومة الصحية، حيث أعلن عن إحداث هيئة وطنية لإصلاح المرفق الصحي العمومي.
وستعمل، وفق المشيشي، الهيئة الوطنية لإصلاح المرفق الصحي العمومي – كغيرها من الهيئات – على إيجاد حلول فعلية لإصلاح القطاع الصحي، الذي تم تشخيص معظم التحديات التي يواجهها في ظل تعثر عمليات الإصلاح، وفق رئيس الحكومة. كما ستتولى، البت في طلبات المهنيين ووضعيات المستشفيات العمومية، وستعمل على تقديم اقتراحات للحد من هجرة الكفاءات الطبية إلى الخارج.
وكانت أطراف نقابية وهي بالأساس الجامعة العامة للصحة ونقابة الاطباء والصيادلة وأطباء الأسنان الاستشفائيين الجامعيين ونقابة الأطباء والصيادلة وأطباء الاسنان للصحة العمومية قد طالبت يوم 9 ديسمبر الجاري بإحداث هيئة وطنية لإنقاذ المرفق الصحي العمومي تضم الاطراف المتدخلة وتضبط اهدافها بشكل تشاركي في أجل لا يتجاوز شهرا، وذلك بالإضافة الى الترفيع في ميزانية وزارة الصحة ابتداء من سنة 2021 وخلاص ديون المستشفيات وكافة الهياكل والمؤسسات الصحية بصفة عاجلة الى جانب الشروع الفوري في إصلاح وصيانة المعدات والبنية التحتية بالمستشفيات.
غير انه يبدو انه فات الجميع أن انقاذ القطاع الصحي العمومي صار شبه مستحيل في ظل ميزانية عاجزة وتدهور غير مسبوق للبنية التحتية للقطاع او بالأحرى ما بقي منها اذ يؤكد اليوم تقريبا كافة التونسيين أن المستشفيات باتت اشبه بغرف الأموات في ظل ما تشهد من كوارث يومية وتحركات متواصلة لإطاراتها لإنقاذهم من واقع مرير يعملون فيه.
وتناهز قيمة ميزانية الصحة لسنة 2020 نحو 2855 مليون دينار منها اعتمادات نسبتها 78% مخصصة للأجور علما انه تم خلال ازمة كورونا انتداب 1375 متعاقدا منهم 300 طبيب و811 إطارا شبه طبي و264 عاملا بكلفة 41 مليون دينار.
وتؤكد العديد من المنظمات غير الحكومية ومنها منظمة “اوكسفام” ان المنظومة الصحية في تونس ما انفكت تكرس التفاوت الجهوي والفئوي وانه مصاريف القطاع تراجعت من 6.6% من الميزانية سنة 2011 الى 5 % في 2021 مما يمثل 1.8% فحسب من الناتج المحلي الإجمالي. كما تبرز الاحصائيات ان عدد اسرة الإنعاش في البلاد لا يتجاوز 1.2 سرير في المعدل لكل 10000 ساكن وان قيمة مساهمة الدولة في انجاز البنى التحتية والمشاريع السنوية سوف لن تتعدى 415 مليون دينار العام القادم.
وبناء على تخصيص 5.5% من الميزانية للقطاع الصحي فان الحكومة تخالف بذلك “إعلان ابوجا” الذي يلزم الدول أعضاء الاتحاد الأفريقي بتخصيص 15% من الميزانية لقطاع الصحة الذي يسعى المشيشي اليوم لإنقاذه بالاعتماد أساسا على العزيمة والعمل التشاركي.