الشارع المغاربي-قسم الأخبار: دعا الوزير السابق محمد عبّو الى المحافظة على كيان الدولة وتغيير الوضع بكثير من العقلانية وببعض التضحية، مقدما رؤيته حول الاصلاح السياسي والاجتماعي مُحذرا من أنّ نتيجة ثورة ثانية أو دعم تحركات عنيفة تعتمد التخريب ستكون بالاضافة الى “الخسائر والآلام تغيير أشخاص بآخرين مهما كان لونهم سينسجون على منوال من سبقهم في منظومة إغراء وإفلات من العقاب”.
وكتب عبّو في تدوينة طويلة نشرها على صفحته الرسمية بموقع “فايسبوك” تحت عنوان “توضيح حول ما يبث بعض لصوص النهار” : “أوضح لمن يعنيهم الوطن لا مصالحهم أو حساباتهم السياسية الضيقة بعض النقاط”.
وأضاف ” أؤمن بالدولة أكثر مما يعتقدون، ولا أخوض معارك سرية، بل أعلن مسبقا عن نواياي، وهي أولا الضغط على القضاء ليخرج من سلبيته وتواطئه وخشيته من النظر في قضايا الفساد السياسي…يوم يقوم القضاء بواجبه كقضاء مستقل وشجاع، تدعمه في ذلك بعض مؤسسات الدولة وجزء من الشعب والقوى الحية فيه، سيتغير المشهد السياسي حتما”.
واعتبر أنّ “الإفلات من العقاب وضمان استمراره هو ما أفسد الحياة السياسية وأضر بالوضع الاقتصادي والمالي والاجتماعي وخلق مناخا عاما لا يشجع على خلق الثروة ولا يبشر بأي آفاق، اللهم كومسيون مالي يرفع أيدي حكامنا عن التصرف، وهذا ما لا يرضاه أي وطني”.
وقال ” لو واصل القضاء تقاعسه وأمسك عن البحث الجدي في قضايا الفساد السياسي بما يقتضي من أعمال تحقيق كالتفتيش والحجز والإيقاف عند توفر شروطه، دون مبالاة بوضعية أي كان، فسيكون من المشروع بل من أوكد واجباتنا أن ندعو ونشارك في التحركات في الشارع بشكل سلمي لتتغير الأوضاع. سنتابع تطورات قضايا، ونسجل بإيجابية كبيرة بيان جمعية القضاة التونسيين الصادر اليوم” .
وشدّد عبّو على ضرورة أن تكون التحركات سلمية مضيفا “لمن لا يعلم.. ساهم محامون أيام الثورة في تبليغ رسائل للأمنيين بأن المعركة مع بن علي لا معهم…يوم 14 جانفي 2011 كان محامون يتلقون المقذوفات بأيديهم حتى لا تصيب الأمنيين أمام الوزارة، وهم من منعوا الشباب من دفع باب الوزارة لفتحه، وتذكرون أنه تبين لاحقا أن تعليمات كانت موجودة بإطلاق النار على المتظاهرين في صورة تجاوزهم باب الوزارة، ولا تنسوا أن هناك من الأمنيين من انضم إلى الثورة، ولولاهم غالبا لما هرب بن علي، فلا تجعلوهم أعداء”.
وحذّر “إن انتقلنا إلى تلك المرحلة، فيجب أن نفهم أن الأمنيين في مواجهة اعتداءات عليهم وأيضا على الأشخاص والممتلكات، يكونون بحكم الغريزة وواجبات الوظيفة جزءا من المنظومة التي تتم التحركات لتغييرها”.
وأكّد “وحدها التحركات السلمية تجعل أغلبهم يقفون في صف الشعب، فهم منه، بل جلهم من الطبقة الفقيرة أو المتوسطة المفقرة ويعرفون أن فساد سياسيين أضر بهم وبعائلاتهم، وبسلكهم وببلادهم التي قدموا شهداء من أجلها” متابعا ” نعم النهضة هي الطرف الأكثر فسادا وإيذاء للدولة، ولكن حتى لو حكم غيرها فغالبا سيفسد، لأن المنظومة الحالية قبل الثورة وبعدها توفر حماية للفساد، وكذلك شعبنا ونخبه باستثناء قلة، تنطبق عليهم مقولة “المال السايب يعلم ّالسرقة”.
وقال عبو ” شعبنا ومؤسساتنا يضعون مسؤولين يمكنهم أن يمدوا أيديهم إلى المال على حساب الدولة ولا يعاقبون بل يكرمون بانتخابهم” متسائلا ” فهل سنبقى نعول على ملائكة لتحكمنا؟ أم نؤسس لدولة قانون، يلتزم فيها الجميع بأحكامه، مهما كان مستواهم الأخلاقي، إما اقتناعا أو خوفا من المحاسبة ؟ أمامنا فرصة من الآن، وحتى يتراجع انتشار آفة الكوفيد 19، للضغط عبر وسائل الإعلام على القضاء ليقوم بواجبه، قبل الدعوة إلى أي تحرك. المقصود بالإلحاح في طلب معاقبة السياسيين المورطين في الفساد، هو إرساء المحاسبة كثقافة، عبر تحقيق الردع العام”.
وواصل “بعد ذلك ليحكم من يختاره الشعب ما دام تمويله قانونيا وما دام ملتزما بالدستور وبالقوانين في ممارسته للحكم، وما دام لنا رأي عام متيقظ لكل التجاوزات…البعض يعيبون عليّ أنني لم أكن معهم في مشروعهم لتخليص البلاد من النهضة، بعد الثورة”.
وأضاف عبو “أريد أن يفهموا بعد إذنهم أني لا أفكر مثلهم وأجد لبعضهم عذرا في غياب معلومات لديهم تجعل تحاليلهم غير جادة وأني أعتقد في صحة هذه المعلومات، كما أني لم أطلب منهم دعما، ولغيرهم أوضح أني لا أعول على أحزاب، آخر عهدي بها أيام الثورة عجزها عن مجرد إصدار بيان مشترك لمطالبة بن علي بالرحيل، فما بالنا اليوم وقد فتحت شهية الحكم مقابل الصمت، بالإضافة إلى أنه ليس لدي مشروع خاص بي ولا أرى حركة يقودها زعيم أو مجموعة زعماء، فعهد الزعماء قد ولى…يوم التحرك لنلجأ إلى محامين ونقابيين يؤطرون، سيمنعون كل انفلات، ولن يحتاجوا لقيادات مركزية ولا لزعماء”.
وقدّم نصيحة لشباب وأحزاب تؤثر فيهم الحملات الفايسبوكية بالقول ” رأيت أحزابا ووزراء يتخذون قرارات أو يمتنعون عن اتخاذها خشية تلك الحملات، وهذا من أسباب تخلفنا. لا تكترثوا بحملاتهم، واجعلوها دليلا على انحطاطهم، وسببا إضافيا لإصراركم واستعدوا لفرض محاسبة من حرض على خراب العقول والنيل من الأعراض بمقابل، والبحث عن دوافع بعض المسميتين في الدفاع عنهم من النخب. هذا رأيي، في حل أزمة بلادنا، فمن كان له رأي آخر، فليعلمنا به”.
واعتبر عبّو ان نتيجة ثورة ثانية أو دعم تحركات عنيفة تعتمد التخريب معروفة إن تحققت قائلا ” بالإضافة إلى الخسائر والآلام، تغيير أشخاص بآخرين مهما كان لونهم، غالبا سينسجون على منوال من سبقهم في منظومة إغراء وإفلات من العقاب، كما حصل بعد الثورة”.