الشارع المغاربي: يعد دكان بيع عصير زبيب الحاج زبالة، أو ما يعرف اليوم باسم مرطبات الحاج زبالة واحدا من أشهر المحلات التجارية وأقدمها في بغداد إذ يجمع بين عبق الماضي وواقع الحاضر محافظا على طرازه التراثي البغدادي وعلى رواده الذين لا ينقطعون عنه رغم كل الظروف التي عصفت بالبلاد.
موقع الجزيرة نات نقل في وثائقي حول المحل عن الحاج محمد عبد نجل الحاج زبالة وهو رجل سبعيني، يجلس عادة في زاوية إعداد العصير قوله: ” تاريخ افتتاح المحل يعود إلى أواخر سنوات العهد العثماني فقد أسس عام 1900، وكانت بداية تأسيسه في منطقة الكرخ، ومن ثم انتقل لمكانه الحالي منذ عام 1912، أي قبل الاحتلال البريطاني للعراق بنحو عامين، وهو قريب من السراي الحكومي القديم ووزارة الدفاع وساعة القشلة وساحة الميدان، عند مدخل شارع الرشيد الأثري”.
ملوك ورؤساء وزعماء
يقول الحاج محمد إن ملوك ورؤساء العراق دأبوا على تناول شراب زبيب الحاج زبالة بدءا بمؤسس الدولة العراقية الملك فيصل الأول (1921- 1933)، ومن بعده ولده الملك غازي (حكم من 1933 – 1939) ثم الملك فيصل الثاني (1939 – 1958)، وكذلك الوصي على العرش عبد الإله ورئيس الوزراء نوري السعيد (الحقبة الملكية 1921- 1958). ويضيف أن الملكة عالية، والدة الملك فيصل الثاني كانت ترسل سائقها الشخصي ليشتري لها الشراب، وأن الملك غازي كان الأكثر حضورا للمحل ليتذوق شراب الزبيب، وأن نوري السعيد رئيس الوزراء في العهد الملكي دأب على الحضور بنفسه بشكل شبه يومي أو ارسال سائقه لإحضار العصير إلى السراي الحكومي.
ويتابع محمد : “الرؤساء في العهد الجمهوري جميعهم زاروا المحل، خاصة رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم (حكم من 1958 إلى 1963) الذي كان حريصا على أن يترجل من سيارته قبل الذهاب إلى وزارة الدفاع لتناول العصير، وكذا الحال مع الرئيس عبد السلام عارف (حكم من 1963- 1966)، ومن بعده شقيقه الرئيس عبد الرحمن عارف (حكم من 1966-1968)، وكذا الحال مع السفراء وأعضاء البعثات الدبلوماسية العربية والأجنبية، إلى جانب أصحاب الفكر والمعارف والشعراء والأدباء، فضلا عن السياح الذين زاروا العراق في أوقات متفاوتة”.
ويتذكر الحاج محمد قائلا “من بين الملوك والزعماء العرب الذين زاروا المحل وتذوقوا شراب الزبيب الخالص برفقة الزعيم عبد الكريم قاسم، ملك المغرب محمد الخامس حين زار العراق عام 1960، وكذلك الرئيس الجزائري أحمد بن بلة حين زار العراق عام 1962”.
ويواصل الحاج محمد : “الرئيس أحمد حسن البكر (حكم من 1968-1979) كان يأتي لشرب العصير، وفي أحيان أخرى يرسل سائقه، وكذا الحال مع الرئيس صدام حسين (حكم من 1979-2003) الذي جاء إلى المحل برفقة ملك الأردن الحسين بن طلال والزعيم الفلسطيني ياسر عرفات إبان القمة العربية التي عقدت عام 1990 في بغداد، ومن بعدها برفقة الرئيس المصري محمد حسني مبارك الذي زار العراق في شهر جويلية من نفس العام”.
ويؤكد أن الرئيس العراقي الراحل جلال الطالباني كان برفقة زوجته السيدة هيرو في نادي الصيد غربي بغداد عام 2005، وأرسل سائقه إلى محل الحاج زبالة لشراء عصير الزبيب.
ماذا يميّز العصير؟
وحل ما يميز عصير الحاج زبالة، يقول الحاج محمد “إنه عصير خالص بلا منكهات أو مطيبات عدا السكر، فضلا عن نوعية الزبيب المستخدم والذي نحصل عليه في الغالب من إقليم كردستان العراق، ونستورده أيضا من بعض الدول الآسيوية مثل أفغانستان وباكستان، ثم نقوم بعصره بمعصرة خاصة في المحل، وأحيانا نخلط معه ثمار العنب المجفف مع بذور النعناع المجفف وحسب رغبة الزبون، ثم نقوم بخلطهما سويا بخلاطات خاصة… بعدها تخمر الخلطة لمدة يوم كامل، وبعد ذلك يُصفّى المزيج بطرق يدوية، ويضاف إليه قليل من السكر، ثم يعبأ في القناني والأكياس ويباع في المحل”.
ويضيف : “أثبتت الأبحاث العلمية أن لعصير الزبيب فوائد صحية جمة، منها أنه يقي من الأمراض الخطيرة كأمراض القلب والشرايين والكليتين والجهاز الهضمي والدورة الدموية، اضافة إلى أنه شراب منعش، ويكون أول الحاضرين على موائد شهر رمضان بعدة بلدان”.
ويؤكد الحاج محمد أن جائحة كورونا أثرت بشكل كبير على إقبال الزبائن، بسبب كثرة فرض حظر التجول وغلق شارعي الرشيد والمتنبي ببغداد.