تقرير: وزارة التجهيز تُخصّص اعتمادات جدّ هزيلة لمجابهة فيضانات الخريف
قسم الأخبار
10 أغسطس، 2021
940shares
الشارع المغاربي: التأمت نهاية الاسبوع الفارط، جلسة عمل بوزارة التجهيز والإسكان والبنية التحتية لمتابعة تدخلات مصالحها في ما يتعلق بوضعية تصريف مياه الأمطار، اشرف عليها الوزير كمال الدوخ وذلك بحضور إطارات الوزارة والمديرين الجهويين لتونس الكبرى.
وتم خلال الجلسة، وفق ما افادت به الوزارة، تقييم تدخلات المصالح المختصة، مركزيا وجهويا، في صيانة وتدعيم المنشآت المائية استعدادا لموسم الأمطار بولايات تونس الكبرى، حيث تم تقديم عرض لمشاريع صيانة وتدعيم منشآت حماية المدن من الفيضانات التي تشرف عليها إدارة المياه العمرانية، بالولايات والمتمثلة في جهر وتنظيف 1560 كلم من القنوات وتدعيم وترميم مئات المنشآت المائية بالإضافة إلي تنظيف قسم من أحواض تجميع المياه بكلفة قدرت بـ 15 مليون دينار لبرنامج الصيانة و7 ملايين دينار لتدعيم المنشآت المائية مما يعني ان الوزارة رصدت اجمالا 22 مليون دينار استعدادا لمجابهة الفيضانات في المدن وهو مبلغ جد محدود لا يكفي حتى لإنجاز برنامج يحمي ولاية نابل على سبيل الذكر وهي التي تضررت الى ابعد الحدود جراء غياب اية حماية من فيضانات سبتمبر 2018 .
كما ذكرت الوزارة انه جرى تكثيف تدخلات مصالحها بولايات تونس الكبرى عبر تدعيم وترميم المنشآت المائية وجهر وتنظيف جزء من أحواض تجميع المياه خلال السداسية الأولى من سنة 2021 مع التشديد على حسن التنسيق بين مختلف المتدخلين سيما مع اللجنة الجهوية لمجابهة الكوارث وتنظيم النجدة بالإضافة إلى برمجة جلسة عمل في أقرب الآجال لمزيد إحكام التدخلات بمختلف جهات الجمهورية.
يذكر ان قسم العدالة البيئية والمناخية بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية كان قد اصدر زمن فياضات نابل وتحديدا في 26 سبتمبر 2018 ورقة بحثية تحت عنوان “فيضانات نابل : لا ينفع الغيث في ما أفسد منوال التنمية” حللت كيفية تحول “غسالة النوادر” من نعمة تقوم بغسل “المنادر” (وهو مكان تجميع الحبوب وفصلها عن التبن) إلى نقمة تغرق المدن وتتلف الأراضي الفلاحية بالانجراف.
وابرز قسم العدالة البيئية بالمنتدى ان عدة عوامل اتحدت هي عوامل الكمية والوقت والبنية التحتية لتحدث كارثة تسببت في وفاة 6 أشخاص بين غارقين ومصعوقين بالتيار الكهربائي واجتياح الماء 2500 منزل وجرف السيارات وتعطيل سير القطارات. وذكرت عدة مصادر، في ذات السياق، ان الخسائر فاقت 50 مليون دينار بالولاية اي اكثر من ضعف الاعتمادات المرصودة من قبل وزارة التجهيز لحماية المدن من الفيضانات هذا العام.
وافاد آنذاك محمد صالح العرفاوي الوزير السابق للتجهيز والإسكان والتهيئة الترابية بأنه لا علاقة للفيضانات التي ضربت ولاية نابل بالبنية التحتية وبأن الطرقات والجسور لم تتضرر بفعل تدفق المياه مشيرا الى أن البنية التحتية في نابل وبالجمهورية بصفة عامة تعاني من العديد من النقائص بانها ليست مهيئة للتأقلم مع التغيرات المناخية مبرزا أن ميزانية الدولة لوزارة التجهيز لا تتحمل أتعاب حماية المدن من الفيضانات. كما عبّر سمير الطيب وزير الفلاحة السابق كذلك عن “اطمئنانه” على الموسم الفلاحي بنابل إثر امتلاء السدود بمياه الأمطار واصفا آثار الفيضانات بـ”الخسائر البسيطة” مقارنة بالفوائد التي نتجت عن فائض المياه…
واكد المنتدى انه من الواضح أن تمشي السلط لمجابهة كوراث الفيضانات ــ الطبيعية في ظاهرها والبشرية في باطنها ــ متململ وينقصه التنسيق والالتزام بالقوانين المسيرة المخصصة في الغرض. واشار الى ان البنية التحتية الحضرية والريفية غير مهيئة لتحمل كميات كبيرة من الأمطار والى ان ذلك يعود إلى نقص تهيئة قنوات تصريف مياه الأمطار وبناء الطرقات فوق مجارٍ طبيعية للمياه ونصب السدود على مستوى الاسرة الفيضية للوديان. كما اشار أيضا، الى ان عمليات الإنقاذ تكون عموما متأخرة وعاجزة أمام ارتفاع منسوب المياه رغم التحذيرات بالأمطار وضعف المعدات.
واكد قسم العدالة البيئية في المنتدى في ورقته البحثية ان ظاهرة التغيرات المناخية لا تخفى عن المسؤولين ونهم عادة ما يطنبون في استعمال المفهوم دون جدوى مشيرا الى انهم يفاجئون دائما الراي العام بتفاجئهم من آثار هذه الظاهرة رغم توقيع الدولة التونسية على الاتفاقيات الدولية للمناخ. وفي ظل الأزمة المناخية العالمية، يُطرح السؤال، حسب المنتدى، حول الاستراتيجيات المعتمدة في مجابهة الكوارث الطبيعية التي يتسبب فيها التغير المناخي.
وعلى هذا الاساس، تساءل المنتدى كم من مواطن سيكون مهددا في حياته أو في ممتلكاته جراء الفيضانات؟ وكم ستتكبد الدولة من مصاريف لتنظيف وإعادة تهيئة البنية التحتية إثر كل فيضان؟ ومتى سيصبح تدخل اللجان الوطنية والجهوية لتفادي الكوارث ومجابهتها وتنظيم النجدة استباقيا وناجعا خاصة أن التهديد يبقى قائما ؟