الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: أعلنت الحكومة يوم 28 ديسمبر الماضي عن قانون المالية لعام 2022 بعد تأخير بقرابة الشهر عن آجاله الدستورية . وتتوقع الحكومة ضمن فرضيات القانون تسجيل نمو بـ 2.6 بالمائة على امتداد كامل عام 2022 مقارنة بـ 2.8 بالمائة متوقعة في قانون المالية التعديلي لعام 2021. ولم تفصح السلط المالية عن المنهجية المعتمدة لتقديم هذه الفرضية رغم الزامها بالقانون الاساسي للميزانية لسنة 2019 بتعليل اية فرضية تبنى عليها توازنات المالية العمومية.
في ذات السياق توقع البنك الإفريقي للتنمية، في تقرير اصدره يوم 4 نوفمبر 2021 انتعاش الناتج المحلي الإجمالي لتونس ليبلغ 2 بالمائة في 2021 و3.9 بالمائة في 2022 حيث اكد ان هذه التوقعات ترتبط بانحسار الوباء بما يسمح بتعافي الاقتصاد العالمي، وخاصة في أوروبا باعتبارها الشريك الاستراتيجي الأساسي للبلاد.
في المقابل كانت اخر توقعات البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية بانتعاشة متواضعة للاقتصاد التونسي بنسبة 2.5 بالمائة لسنة 2021 و3.3 بالمائة للسنة المقبلة، مخالفة للتوقعات المتفائلة من صندوق النقد العربي الذي توقع انتعاشة بنسبة 3.9 بالمائة خلال سنة 2021 و3 بالمائة للسنة المقبلة، فيما توقع صندوق النقد الدولي نموا بنسبة 3 بالمائة في تونس لسنة 2021 و3.3 بالمائة في 2022.
غير انه من المؤكد ان تحقيق نسبة نمو في حدود 3 بالمائة او اكثر للعام الجاري يقتضي مبدئيا توفر القدرة للاقتصاد التونسي على تغطية نسبة التداين الخارجي المقدرة بزهاء 9 بالمائة من الناتج ونسبة النمو الديمغرافي المقدرة بنحو 2 بالمائة وذلك للحفاظ على اقل تقدير على نسب البطالة في مستوياتها الحالية وهي التي تعتبر عالية للغاية باعتبار بلوغها 18.4 بالمائة. ولكن عدم توفر ارقام ذات مصداقية حول الاستثمار والمستوى الفعلي للصادرات والميزان التجاري يجعل تقدير نسب النمو امرا في غاية الصعوبة والدقة سيما ان الهيئات الرسمية المعنية بتقديم الاحصائيات على هذا المستوى تعمل وفق نفس المناهج المتسمة بالتعتيم وانعدام الشفافية منذ اكثر من اربعة عقود.
ويعيش الاقتصاد التونسي وضعا كارثيا وأرقاما تصعب أية مهمة اصلاح ان وجدت فعليا القدرة الفنية والارادة السياسية لذلك فعلى عكس التوقعات، استهلت البلاد العام الفارط بتسجيل انكماش بنسبة 1.7 بالمائة في الربع الأول من العام لتسجل نموا طفيفا في الربع الثالث بنسبة 0.3 بالمائة. أما نسبة التضخم فقد ارتفعت إلى 6.4 بالمائة في نوفمبر المنقضي. كما تشهد نسبة النمو تراجعا متواصلا منذ 2013.
وتجاوز حجم الدين العام 100 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي بعد أن كان 43 بالمائة إبان الثورة كل هذه المؤشرات الرئيسية ألقت بظلالها على المؤشرات الثانوية المرتبطة بها كالبطالة وغيرها.
ولا توجد لدى السلط التونسية رغم هذه المعطيات خطة واضحة لوقف هذا النزيف الحاد خاصة مع بلوغ الدين العام مستويات قياسية، وتفاقم العجز في الميزانية، وارتفاع نسب البطالة والتضخم، مع تراجع النمو الاقتصادي من خلال مزيد من التداين في مفاوضات حثيثة متعثرة مع النقد الدولي والبحث عن شراكات محلية وإقليمية وعربية ودولية إضافة إلى مشروع ميزانية تم إصداره خلال الأيام القليلة الماضية والذي قدم حلولا مثيرة للجدل من شأنها أن تلقي بظلالها الوخيمة على الوضع الاجتماعي الصعب أساسا.